ربما قد بدأ العرب بالفعل يدركون، وربما يحتاج البعض منهم لمزيد من الوقت، ليدركوا أن باراك حسين أوباما، كما نحب أن نسميه، ليس الفارس الذي يحلمون به، ليتولى رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، ليقودها إلى السياسات والمصير الذي نتمناه لها.. والذي يختلف بالطبع عمما يتمناه من ينتمون إلى الليبرالية العربية، أو المؤمنون بالسلام والتعايش، سواء بين العرب وإسرائيل، أو بين المكونات الفسيفسائية للكيانات العربية، لكن ما يتمناه للولايات المتحدة، من يحقنون شعوب هذه المنطقة بالأوهام والأحقاد والعنتريات.
فرئيس الولايات المتحدة الذي نريده، لابد وأن يدير ظهره للمؤسسات الأمريكية عميلة الصهيونية، وللشعب الأمريكي ومصالحة، الحقيقية منها وغير الحقيقية، تلك التي روجها اللوبي الصهيوني والمسيحية الصهيونية، وأن يستقي توجهاته وسياساته، من توجهات جبهة الممانعة العربية، وسلفها جبهة الصمود والتصدي.
نريده أن يقوم علانية أو سراً، بتزويد حماس بالأحزمة الناسفة، وبأحدث أجهزة تفخيخ السيارات والتفجير عن بعد، وبالصواريخ الحقيقية لتطلقها على إسرائيل، بدلاً من المواسير الدعائية التي تطلقها الآن، فتصيب النساء والأطفال بالهلع، كما يزود حماس المجاهدة بمعدات حفر أنفاق على الحدود المصرية، تصل الوداد وتبادل الأسلحة والمتفجرات، بينها وبن الأخوة المسلمين المصريين الصابرين المحتسبين.. وأن يعقد جلسات حوار مطولة مع إيران بشأن ملفها النووي، ويظل يتفاوض ويتحاور معها إلى أجل غير مسمى، حتى تتمكن إيران من صنع قنبلة ذرية، تمحو بها إسرائيل من على الخريطة، فلا تجد دول الخليج العربية عندها بداً من أن ترحب بالقوات الإيرانية، التي ستعبر إليها من ضفة الخليج الشرقية، لتحرير شعوبها من أنظمتها الحاكمة الرجعية، وهكذا ينجح أحمدي نجاد، فيما فشل فيه المقبور صدام حسين!
نريد رئيساً أمريكياً هماماً وملهماً ومظفراً ومهيب ركن، يعيد ترتيب الإدارة الأمريكية، سواء الفيدرالية أو حكومات الولايات، فتدير أزماتها وتواجه كوارثها بالطريقة الشرقية والعربية، فتعطي الفرصة لإعصار كاترينا وغيره من الأعاصير، التي ينزلها الله كغضب ونقمة على الفاسقين والفجار والكافرين، فتحقق النتيجة المرجوة منها، بإيقاع أكبر قدر من القتلى والخسائر المادية، تمهيداً لوصول طارق بن زياد الجديد، إلى الشاطئ الشرقي لأمريكا، والذي قد يأتي باسم أحمدي نجاد أو السيد نصر الله، أو حتى باسم مهدي عاكف، لينزل بالأمريكان الكفرة، ما سبق وأن أنزلوه بالهنود الحمر.
نريده أيضاً أن يفرج عن الشيخ عمر عبد الرحمن، وعن بقية معتقلي جوانتانامو، ليشكلوا حزباً جهادياً أمريكياً، على نمط حزب الله اللبناني- الإيراني، ليدخل بعد ذلك في المستقبل القريب بإذن الله، في حكومة وحدة وطنية مع الحزبين الديموقراطي والجمهوري، تحت حماية ميليشياته الخاصة، وشبكة اتصالاته الخاصة والسرية، ويكون له علاقاته وتمويلاته الخارجية الخاصة، مع إيران وسوريا وفنزويلا وكوريا الشمالية، وأيضاً مع ليبيا، إذا ما كان زعيمها الأوحد قد عاد وقتها إلى سيرته الثورية النضالية الأولى، ويا حبذا لو قام الرئيس الأمريكي الملهم والقائد الضرورة بتغيير اسم الولايات المتحدة الأمريكية، لتصبح الجماهيرية الأمريكية العظمى، وأن تنسحب أمريكا من حلف الناتو، وتنضم لاتفاقية الدفاع العربي المشترك، تلك التي لم تحرك ساكناً منذ التوقيع عليها بالأحرف الأولى والأخيرة، ولا بأس أن ينضم للجامعة العربية، ليتعلم من السيد أمينها العام، كيف ينفق العمر ويبدد طاقات شعبه، في الدفاع عن قضايا لا يمكن لها أن تكون إلا خاسرة.
المتوقع أيضاً من الرئيس الأمريكي المؤمن أن يواجه الكارثة الاقتصادية، التي حلت بأمريكا وبالعالم كله، جراء النظام الاقتصادي الرأسمالي الجاهلي والمخالف لشرع الله، بأن يعيد تأسيس النظام الاقتصادي الأمريكي وفقاً للشريعة الإسلامية، كما يفهمها أمثال أشرف السعد والريان وسائر فقهاء الارتزاق والإرهاب، وبأن يقاطع جميع البنوك الأوروبية والعالمية، التي تصر على التعاملات المالية الربوية، حتى تحل على الاقتصاد الأمريكي البركة، ويعود سليماً معافى.
لابد للرئيس الأمريكي المأمول ليتمكن من إجراء تلك التغيرات الشاملة والجذرية في الحياة الأمريكية، أن يعيد النظر في نظام التعليم الأمريكي، بما يكفل تخريج أجيال من المؤمنين الصابرين المحتسبين، ليكونوا مؤهلين للالتحاق بتنظيمات مثل تنظيم القاعدة، والتي تضم شباباً باعوا دنياهم ليشتروا آخرتهم.. ذلك بأن يقوم نظام التعليم الجديد والشرعي على تقديس النقل، وتحريم إعمال العقل، ويجرم التساؤل والتشكك والابتداع، ويكتفي بالاستظهار والنقل عن عظماء فقهاء ومفسري عصر الخلافة الإسلامية المزدهر بالحضارة، والذي أنقذ أوروبا من ظلمات الجهل.
ولأنه من المتوقع أن تكون مسيرة ذلك الرئيس الأمريكي المهيب الركن صعبة وطويلة، ولا يكفيها الثماني سنوات المحددة بالدستور الأمريكي كحد أقصى لولاية أي رئيس، فلابد أن يقوم بتعديل الدستور، ليسمح بامتداد الرياسة مدى الحياة، وليسمح أيضاً بتولي ابنه من بعده، ذلك الابن الذي لابد وأن يكون معجزة عبقرية مثل أبيه، ويمكن أن يكون اسمه الخواجة نشار الفهد، أو مستر جميل مبروك!!
لابد أن يهتم هذا الرئيس أيضاً بالأخلاق والاحتشام، فينقذ النساء الأمريكيات من التبرج والسفور والفجور، ويلزمهن بالنقاب والشادور، ويحرم على أمثال كونداليزا رايس وبالين أن تكون وزيرة أو حاكمة ولاية، أو أن تسافر أو تفتح الإنترنت بغير محرم، تميداً لأن تلزم كل امرأة بيتها، لترعى أولادها وتربيهم، ليكونوا في المستقبل بإذن الله إرهابيين مثواهم الجنة.. ويا حبذا لو عدل القانون الأمريكي بشأن بناء دور العبادة، واستعار قانون الخط الهمايوني وشروط العزبي باشا، المطبقة على بناء الكنائس في مصر منذ العهد العثمانلي، وهذا بالطبع سيستدعي أن يسلم ملف الأقلية البيضاء إلى الـ CIA، لتنفرد بمعالجة كل ما يظهر من إشكاليات طائفية، وهو لن ينسى بالطبع أن ينشئ له جيشاً جراراً للأمن المركزي، المسلح بالهراوات والقنابل المسيلة للدموع، ليكبح به أي مظاهرات معادية للمسيرة المظفرة.. هو لابد أيضاً سيلزم نفسه في كل صغيرة وكبيرة من شئون الحكم، باستفتاء فضيلة الإمام الأمريكي الأكبر، وقداسة البابا المعظم، بابا وبطريرك نيويورك والخمس مدن الغربية وأمريكا اللاتينية وسائر بلاد المهجر، حتى يضمن الصلاح والفلاح، ولا يتجاسر أحد على معارضته، مادام يسير تحت أجنحة المتحدثين باسم الإله.
من المتوقع أيضاً من الرئيس الأمريكي الموعود أن يدخل في القانون الأمريكي ما يسمح بقضايا الحسبة، لكي يتيسر ملاحقة الكتاب والفنانين والأدباء، الذين يروجون للكفر والفسق والخلاعة، كما يتيسر سجن الصحفيين الذين يروجون إشاعات مغرضة عن تدهور صحة سيادته جراء انتهاء عمره الافتراضي، فهؤلاء إما أن يسجنوا أو يجلدوا أو يقتلوا، أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف.
هكذا وفي النهاية سيمكن التوصل إلى حل عادل للمشكلة الفلسطينية، بأن يتم تخيير اليهود، بين أن يقتلوا بأحزمة حماس الناسفة وسياراتها المفخخة، أو يرحلوا من فلسطين في بواخر، تلاحقها صواريخ حماس وحزب الله، ليلقى أحفاد القردة والخنازير نهايتهم في قاع البحر المتوسط.
خلاصة القول وجماع الأمر، أن المدعو باراك أوباما، ليس بأي حال الرئيس الذي يتمناه العرب لأمريكا، والذي مطلوب منه أن يخربها، لكي يرقص العرب على أطلالها.
[email protected]