لم اتذكر ان مجتمعنا الابداعي العربي قد وّدع في السنوات الخمس الاخيرة مثل هذا العدد الكبير من المبدعين العرب.. ربما كنّا نوّدع مثلهم، ولكن لم نشعر بالخسارة الا اليوم.. ربما كّنا نودّعهم، ونأمل ان يحلّ نظراء لهم.. ربما كّنا نودعّهم، لأننا لم نكن غرقى بين طيات امواج التاريخ الصعبة.. كما نحن عليه اليوم؟ اننا نوّدع اليوم من عاش لاكثر من خمسين او ستين سنة حياة ابداعية منتجة كي يجد نفسه غريبا او مغتربا اليوم! كانوا على موعد مع الحياة دوما وفوق اية تضاريس، وفي خضم كل المناخات بدءا بربيع تلك الايام الجميلة وانتهاء بهذا الخريف العاصف.. نعم، كانوا يشعرون بالخريف الاصفر، وقد تعّرت كل الاشجار من اوراقها، وبانت هزيلة غير مثمرة.. ان الاخرين ينتظرون رحلتهم في عشر سنوات قادمة، وهي سنة الحياة حيث تغيب اجيال وتتفتح اجيال. نعم سيرحل كل المخضرمين بين القرنين على التوالي، ولكن هل سيجدوا من حولهم من يكمل الطريق..؟؟ وهل ستظهر من بعدهم مثل ذاك الحجم الرائع من الرموز والاعلام الذين ملئوا الدنيا، وشغلوا الناس في كل الاماكن والميادين؟ في الرواية؟ في المسرح؟ في الشعر؟ في الصحافة؟ في التاريخ؟ في الموسوعية؟ في الفلسفة؟ في القصة؟ في الغناء؟ في الاخراج؟ في التمثيل؟ في الزعامة؟ في المعمار؟ في التشكيل؟ في.. كل ميادين الحياة والمعرفة..
اننا لم نجد حتى يومنا هذا من جيل جديد في الميدان اي ربيع اخضر يانع.. الزهور غدت دوما تقطف منذ تفتحها.. انها تكافئ بالعزلة او بالمرض، او بالنفي او بالهجرة او بالقتل او بالتفجير.. انها ترحل قبل ان تؤدي مهامها.. انها ترحل من دون اي جواز للرحيل! انها ترحل لتترك فراغا هائلا في كل المرافق المنتشرة في العواصم والمدن! انها ترحل فجأة من دون استئذان.. ويودعها الجميع، بالرغم من ان ازدحام المشهد (الابداعي) اليوم، ولكن تباينا كبيرا قد حدث بين اجيال قرنين! لقد برز في القرن العشرين العشرات من المميزين في مجالات كثيرة، واليوم يرحلون بسرعة البرق، فهل تبشّر حياتنا بعدد ممّيز من القادمين؟ ان القادمين كثر في وجودنا وثقافتنا، ولكن تنقصهم نخبة المتميزين. ان البيئة غير عقيمة، والمجتمع ليس بعنين، ولكن تبدّلت الحياة كثيرا في العقود الثلاثة الاخيرة تبدلا كبيرا، وما جنته الانظمة السياسية، والثقافة المنغلقة، والعطب الحضاري، والمخيال الماضوي، والتردي التربوي.. بحيث لم تعد حياتنا تنجب المبدعين والمهنيين المحترفين او الفنانين الرائعين في كل الميادين.. اننا نفتقد هؤلاء كثيرا، وكأن باب النضوب والتصحر يزداد حتى على مستوى النخب والجماعات الفاعلة.. عالمنا لم يعد يقرأ كما كان في الماضي.. عالمنا لم يعد يشعر باهمية المستقبل.. عالمنا لم يعد
اننا لم نجد حتى يومنا هذا من جيل جديد في الميدان اي ربيع اخضر يانع.. الزهور غدت دوما تقطف منذ تفتحها.. انها تكافئ بالعزلة او بالمرض، او بالنفي او بالهجرة او بالقتل او بالتفجير.. انها ترحل قبل ان تؤدي مهامها.. انها ترحل من دون اي جواز للرحيل! انها ترحل لتترك فراغا هائلا في كل المرافق المنتشرة في العواصم والمدن! انها ترحل فجأة من دون استئذان.. ويودعها الجميع، بالرغم من ان ازدحام المشهد (الابداعي) اليوم، ولكن تباينا كبيرا قد حدث بين اجيال قرنين! لقد برز في القرن العشرين العشرات من المميزين في مجالات كثيرة، واليوم يرحلون بسرعة البرق، فهل تبشّر حياتنا بعدد ممّيز من القادمين؟ ان القادمين كثر في وجودنا وثقافتنا، ولكن تنقصهم نخبة المتميزين. ان البيئة غير عقيمة، والمجتمع ليس بعنين، ولكن تبدّلت الحياة كثيرا في العقود الثلاثة الاخيرة تبدلا كبيرا، وما جنته الانظمة السياسية، والثقافة المنغلقة، والعطب الحضاري، والمخيال الماضوي، والتردي التربوي.. بحيث لم تعد حياتنا تنجب المبدعين والمهنيين المحترفين او الفنانين الرائعين في كل الميادين.. اننا نفتقد هؤلاء كثيرا، وكأن باب النضوب والتصحر يزداد حتى على مستوى النخب والجماعات الفاعلة.. عالمنا لم يعد يقرأ كما كان في الماضي.. عالمنا لم يعد يشعر باهمية المستقبل.. عالمنا لم يعد
عالمنا يبدو يغرق بالتقاليد والمهترءات ولم يعد يهتم بالخلق والابداعات.. لقد ودعنا في السنوات الاخيرة اسماء لها وزنها بفعل ما قدمته لدنيانا، ولم نعد نستقبل اي بدائل قوية تحل محل من مضى.. ان اسماء مثل: محمد مهدي الجواهري، ونيقولا زيادة وصالح العلي ومجيد خدوري ونازك الملائكة واميل حبيبي ونزار قباني وعبد الوهاب البياتي وفدوى طوقان ومحمد شكري ويوسف شاهين وفؤاد المهندس وسناء جميل وسعد اردش ومحمود مرسي ومصطفى العقاد وفؤاد التكرلي وشاكر الفحام وابو العيد دودو ومنير بشير وبشير الداعوق وسهيل ادريس وتوفيق الباشا وليلى عسيران ونزيهة سليم ورضا علي ومؤنس الرزاز وعبد الرحمن منيف وصلحي الوادي وبياتريس اوهانسيان ومي غصوب وحسن الكرمي وعلي السريتي وسمير عياد واحمد حيدر وعبد الرحمن خليف وعبد الوهاب المسيري وسركون بولص وفريد الله ويردي ومدني صالح وجبران تويني ومؤيد نعمه واحمد الربعي وعبد الله زكريا الانصاري وجورج حبش وجوزيف سماحه وذكرى الدالي وهدى سلطان وزياد قاسم ونجيب يونس وغسان عبد الخالق ورؤوف عباس ويونان لبيب وجمال بدوي وجاء كل من يوسف شاهين ومحمود درويش ليكونا في نهاية القائمة التي لم يزل فمها مفتوحا على مصراعيه لالتهام من تبقى من كبار القرن العشرين.. هي نماذج مميزة من اقرب الراحلين والقائمة طويلة.
هل لنا ونحن نودع هذه الاسماء من رموز الراحلين ان نشّكل ذاكرة تاريخية عنهم، ليكونوا مشهدا حضاريا في تكوين اجيال عربية جديدة؟ هل للجيل الجديد ان يتعلم من اخلاقيات الراحلين اشياء واشياء؟ هل نسعى لاحياء نظرية quot; الابوة والبنوة quot; في التشكيل الحضاري لحياتنا المعاصرة؟ اذا عجز الزعماء، وفشلت الحكومات، في الاستجابة لتحديات التخلّف وعناصره الماضوية، فهل باستطاعة المثقفين الحقيقيين ان يفتحوا بابا جديدا للجيل الجديد كي يتجاوز مواريثه البالية، وتقاليده المتقاعسة، وتفاهات الواقع المر؟ هل باستطاعتنا ان نحقق شيئا حتى وان كان يسيرا، ليس في ترميم الجدران القديمة، بل في تغييرها جذريا؟ هل باستطاعتنا ان نستذكر أساليب الراحلين، ومناهجهم، واخلاقياتهم كي تستلهم الاجيال الجديدة ما فاتها من المعاني الكبيرة.. قبل ان تتشدق بما لها من قصاصات ورق يسمونها بشهادات جامعية؟ ان رموز الراحلين ليست شواهد قبور، بل مواريث تاريخ حي.. ان من ولد اليوم وسيولد غدا وفي رحم هذا العصف المأكول من الزيف، وفي رحم هذا الركام من الهزائم والاغترابات.. لابد وان ينهي هذا الخريف المخيف، وينطلق نحو ربيع جديد تتشكل فيه الرموز الجديدة، وتنتج في اوانه المعاني الكبيرة.. كالتي عرفتها اجيال سابقة برغم كل التحديات! ان الخروج من الاطواق التي كبلتنا طويلا، تجعلنا نعشق بيئاتنا من دون جعلها مجرد نفايات للاخرين.. ان من يتواضع كثلة الراحلين ويعيش مكابداتهم، ويؤثر ايثارهم.. سيجد نفسه يتميز على شاكلتهم خطابا وممارسة وتفكيرا.. فهل سنجد وسط الكم الهائل من المساهمين والمتطلعين والقادمين بعض رموز جديدة، تدرك معنى الحياة والتقدم؟
هل لنا ونحن نودع هذه الاسماء من رموز الراحلين ان نشّكل ذاكرة تاريخية عنهم، ليكونوا مشهدا حضاريا في تكوين اجيال عربية جديدة؟ هل للجيل الجديد ان يتعلم من اخلاقيات الراحلين اشياء واشياء؟ هل نسعى لاحياء نظرية quot; الابوة والبنوة quot; في التشكيل الحضاري لحياتنا المعاصرة؟ اذا عجز الزعماء، وفشلت الحكومات، في الاستجابة لتحديات التخلّف وعناصره الماضوية، فهل باستطاعة المثقفين الحقيقيين ان يفتحوا بابا جديدا للجيل الجديد كي يتجاوز مواريثه البالية، وتقاليده المتقاعسة، وتفاهات الواقع المر؟ هل باستطاعتنا ان نحقق شيئا حتى وان كان يسيرا، ليس في ترميم الجدران القديمة، بل في تغييرها جذريا؟ هل باستطاعتنا ان نستذكر أساليب الراحلين، ومناهجهم، واخلاقياتهم كي تستلهم الاجيال الجديدة ما فاتها من المعاني الكبيرة.. قبل ان تتشدق بما لها من قصاصات ورق يسمونها بشهادات جامعية؟ ان رموز الراحلين ليست شواهد قبور، بل مواريث تاريخ حي.. ان من ولد اليوم وسيولد غدا وفي رحم هذا العصف المأكول من الزيف، وفي رحم هذا الركام من الهزائم والاغترابات.. لابد وان ينهي هذا الخريف المخيف، وينطلق نحو ربيع جديد تتشكل فيه الرموز الجديدة، وتنتج في اوانه المعاني الكبيرة.. كالتي عرفتها اجيال سابقة برغم كل التحديات! ان الخروج من الاطواق التي كبلتنا طويلا، تجعلنا نعشق بيئاتنا من دون جعلها مجرد نفايات للاخرين.. ان من يتواضع كثلة الراحلين ويعيش مكابداتهم، ويؤثر ايثارهم.. سيجد نفسه يتميز على شاكلتهم خطابا وممارسة وتفكيرا.. فهل سنجد وسط الكم الهائل من المساهمين والمتطلعين والقادمين بعض رموز جديدة، تدرك معنى الحياة والتقدم؟
التعليقات