تباين تاريخ العراق
ان الفواصل بين الاجيال العراقية الحديثة، قوية وحادة وقاطعة، ويكاد كل جيل يختلف عن اي جيل سبقه اختلافا كبيرا ينفصل عنه كالنصل فيفيض دما ويبقى الجرح زمنا طويلا من دون اندمال.. وهذا ما نلحظه في التفكير المعمّق والدرس المقارن.. وبذا اختلفت الوان المجتمع العراقي، وتباينت اطيافه، ليس السياسية حسب، بل حتى الثقافية التي كانت تعّبر تعبيرا صارخا عن اي مرحلة تاريخية مر بها العراق، سواء كانت تلك المراحل قد تميزت بطولها ام قصرها.. واذا كانت ثورة 14 تموز / يوليو 1958 هي المنتصف الصارم الذي فصل بين تاريخين اثنين، فان كل جيل يبقى يحمل مواريث وبقايا من سبقه لعقد من السنين على الاقل. ان من جملة الاخطاء التي يرتكبها كثير من الناس، انهم يقيسون الماضي بمرآة الحاضر، علما بأن الحاضر لا يمكن ان يقارن بمناخات الماضي العراقي سلبا او ايجابا وخصوصا من النواحي الاجتماعية التي تمنح كل الالوان للجانب السياسي، او ما يعبر عن الواقع كله ثقافيا. ويتوضح من دراسة تاريخ العراق المعاصر، ان كل جيل عراقي يشطب على من سبقه شطبا كاملا باساليب مختلفة، اذ لا يتوقف فقط في الانفصال عنه، بل يدينه ادانة شديدة، ويشّوه كل اساليبه وافكاره من دون ان يتكامل معه او يحاوره او حتى ينقده من اجل ايجاد البديل الحقيقي عنه.. والمشكلة ان كل جيل يرى نفسه هو الافضل والاحسن من دون ان يجد كل العراقيين انفسهم في سلة تاريخية واحدة امام العالم.. وهذا كله قد انسحب من اتساع التباينات الجغرافية والاجتماعية في ما بينهم منذ ازمان طوال.
ان الفواصل بين الاجيال العراقية الحديثة، قوية وحادة وقاطعة، ويكاد كل جيل يختلف عن اي جيل سبقه اختلافا كبيرا ينفصل عنه كالنصل فيفيض دما ويبقى الجرح زمنا طويلا من دون اندمال.. وهذا ما نلحظه في التفكير المعمّق والدرس المقارن.. وبذا اختلفت الوان المجتمع العراقي، وتباينت اطيافه، ليس السياسية حسب، بل حتى الثقافية التي كانت تعّبر تعبيرا صارخا عن اي مرحلة تاريخية مر بها العراق، سواء كانت تلك المراحل قد تميزت بطولها ام قصرها.. واذا كانت ثورة 14 تموز / يوليو 1958 هي المنتصف الصارم الذي فصل بين تاريخين اثنين، فان كل جيل يبقى يحمل مواريث وبقايا من سبقه لعقد من السنين على الاقل. ان من جملة الاخطاء التي يرتكبها كثير من الناس، انهم يقيسون الماضي بمرآة الحاضر، علما بأن الحاضر لا يمكن ان يقارن بمناخات الماضي العراقي سلبا او ايجابا وخصوصا من النواحي الاجتماعية التي تمنح كل الالوان للجانب السياسي، او ما يعبر عن الواقع كله ثقافيا. ويتوضح من دراسة تاريخ العراق المعاصر، ان كل جيل عراقي يشطب على من سبقه شطبا كاملا باساليب مختلفة، اذ لا يتوقف فقط في الانفصال عنه، بل يدينه ادانة شديدة، ويشّوه كل اساليبه وافكاره من دون ان يتكامل معه او يحاوره او حتى ينقده من اجل ايجاد البديل الحقيقي عنه.. والمشكلة ان كل جيل يرى نفسه هو الافضل والاحسن من دون ان يجد كل العراقيين انفسهم في سلة تاريخية واحدة امام العالم.. وهذا كله قد انسحب من اتساع التباينات الجغرافية والاجتماعية في ما بينهم منذ ازمان طوال.
العراق والارادة المستقلة
ان ما يشغل تفكيرنا، ويؤرق وجداننا نحن ابناء العراق وعلى امتداد تاريخ معاصر لنا لكل القرن العشرين، هذا المنتج الثقيل الذي غمرنا به ونحن نعيش بدايات القرن الواحد والعشرين.. نعم، انه المنتج الثقيل الذي كان ولم يزل هو المحذوف من تفكيرنا بأنفسنا ازاء الاخرين، وهو المشطوب الاساسي من ذاكرتنا العراقية على منحيين اثنين: نحن أزاء الاخر اولا، ونحن ازاء انفسنا ثانيا. ان ما فعله ويفعله الاخرون بنا من اختراقات وشروخ وتحكم وسيطرة وتأثيرات.. نحن من ابعد الناس عن فهم ذلك وادراكه، فكيف لنا ونحن مسؤولون عن معالجته والسيطرة عليه؟؟ وان ما فعلناه ونفعله بانفسنا لا يمكن ان يقارن ابدا بمجتمعات هذا العالم.. ان العراقيين من اكثر الناس قسوة على ذواتهم وارضهم وجغرافياتهم وتاريخهم.. وحتى ثقافاتهم الاجتماعية، فكيف لهم، وهم مسؤولون عن صنع ارادتهم ومشروعات تقدّمهم ومستقبل اجيالهم ازاء الاخرين متحالفين او منتدبين او محتلين؟ لقد كان العراقيون من ابعد الناس عن انظمة الحكم التي حكمتهم، وقرنوا ذلك بوطنهم الذي غدا في ذاكرتهم وقد انفصل عنهم.. انهم اكتسبوا على امتداد مئة سنة تقاليدا اضرتهم كثيرا، فهم ابناء ديرة لا ابناء وطن، وهم ابناء خصوصيات لا ابناء وطن، وهم لهم اموالهم وليس لهم شأنهم بمال حكومة وثروات وطن.. وهم ابناء اديان وطوائف وليسوا ابناء حضارات وطن.. وهم اتباع احزاب وليسوا اشياع وطن.. وغدوا اليوم ابناء اقاليم وليسوا ابناء وطن.. الخ وحتى اولئك الذين ضّحوا من اجل العراق على امتداد مئة سنة، ضحوا باسم وطن، ولكن كلّ واحد منهم كانت له اجندته ازاء وطن يتوحد ترابه وماؤه، ويتفرق شعبه وكل ابنائه، مما سمح للاخرين ان يتلاعبوا بالعراق وسياسة العراق وقرارات العراق.. واخيرا بمصير العراق.
ان المؤرخين العراقيين الذين كتبوا تاريخ العراق المعاصر لم يدركوا ان العراق كان ولم يزل مكانا غير عادي ابدا، وان احداثه التي انتجها العراقيون لا يمكن ان تعالج كلها بمانشيتات (وطنية) منذ بدء التكوين على عهد المؤسس فيصل الاول وحتى اليوم.. ان ادارة العراق لم تكن في اي يوم من الايام مستقلة الارادة في صنع مصير العراق، وخصوصا من الناحية الاستراتيجية.. ربما كانت هناك قرارات تكتيكية صنعها هذا او مارسها ذاك، الا ان احداث العراق الكبرى، ومجيء هذا دون ذاك انما ارتبط بمعادلات غاية في التعقيد سواء من الناحية السياسية ام العسكرية ام الاقتصادية..
ان ما يشغل تفكيرنا، ويؤرق وجداننا نحن ابناء العراق وعلى امتداد تاريخ معاصر لنا لكل القرن العشرين، هذا المنتج الثقيل الذي غمرنا به ونحن نعيش بدايات القرن الواحد والعشرين.. نعم، انه المنتج الثقيل الذي كان ولم يزل هو المحذوف من تفكيرنا بأنفسنا ازاء الاخرين، وهو المشطوب الاساسي من ذاكرتنا العراقية على منحيين اثنين: نحن أزاء الاخر اولا، ونحن ازاء انفسنا ثانيا. ان ما فعله ويفعله الاخرون بنا من اختراقات وشروخ وتحكم وسيطرة وتأثيرات.. نحن من ابعد الناس عن فهم ذلك وادراكه، فكيف لنا ونحن مسؤولون عن معالجته والسيطرة عليه؟؟ وان ما فعلناه ونفعله بانفسنا لا يمكن ان يقارن ابدا بمجتمعات هذا العالم.. ان العراقيين من اكثر الناس قسوة على ذواتهم وارضهم وجغرافياتهم وتاريخهم.. وحتى ثقافاتهم الاجتماعية، فكيف لهم، وهم مسؤولون عن صنع ارادتهم ومشروعات تقدّمهم ومستقبل اجيالهم ازاء الاخرين متحالفين او منتدبين او محتلين؟ لقد كان العراقيون من ابعد الناس عن انظمة الحكم التي حكمتهم، وقرنوا ذلك بوطنهم الذي غدا في ذاكرتهم وقد انفصل عنهم.. انهم اكتسبوا على امتداد مئة سنة تقاليدا اضرتهم كثيرا، فهم ابناء ديرة لا ابناء وطن، وهم ابناء خصوصيات لا ابناء وطن، وهم لهم اموالهم وليس لهم شأنهم بمال حكومة وثروات وطن.. وهم ابناء اديان وطوائف وليسوا ابناء حضارات وطن.. وهم اتباع احزاب وليسوا اشياع وطن.. وغدوا اليوم ابناء اقاليم وليسوا ابناء وطن.. الخ وحتى اولئك الذين ضّحوا من اجل العراق على امتداد مئة سنة، ضحوا باسم وطن، ولكن كلّ واحد منهم كانت له اجندته ازاء وطن يتوحد ترابه وماؤه، ويتفرق شعبه وكل ابنائه، مما سمح للاخرين ان يتلاعبوا بالعراق وسياسة العراق وقرارات العراق.. واخيرا بمصير العراق.
ان المؤرخين العراقيين الذين كتبوا تاريخ العراق المعاصر لم يدركوا ان العراق كان ولم يزل مكانا غير عادي ابدا، وان احداثه التي انتجها العراقيون لا يمكن ان تعالج كلها بمانشيتات (وطنية) منذ بدء التكوين على عهد المؤسس فيصل الاول وحتى اليوم.. ان ادارة العراق لم تكن في اي يوم من الايام مستقلة الارادة في صنع مصير العراق، وخصوصا من الناحية الاستراتيجية.. ربما كانت هناك قرارات تكتيكية صنعها هذا او مارسها ذاك، الا ان احداث العراق الكبرى، ومجيء هذا دون ذاك انما ارتبط بمعادلات غاية في التعقيد سواء من الناحية السياسية ام العسكرية ام الاقتصادية..
العراق بين تاريخين
ينقسم تاريخ العراق المعاصر الى قسمين اثنين: اولاهما سمي بالعهد الملكي، وثانيهما سمي بالعهد الجمهوري.. كان الاول نتاج مؤثرات مؤتمر الصلح بقصر فرساي بباريس عام 1919 اثر الحرب العالمية الاولى والمعاهدات الملحقة به.. وكان الثاني نتاج مؤثرات مشروع روزفلت للانقلابات العسكرية وتبلورالحرب الباردة بين المعسكرين الغربي والشرقي اثر الحرب العالمية الثانية للاعوام 1939- 1945.. اي ان العهدين كانا من صناعة كل من بريطانيا والولايات المتحدة الامريكية، وصراع الكتلة الشرقية للوصول الى المياه الدافئة، ويقصد بها: العراق على وجه التحديد. وعليه، فان اي ادارة للعراق مهما كانت درجة وطنيتها، فانها قد خضعت شاءت ام أبت، بدرايتها ام من غير درايتها لما كانت ترسمه السياسات الدولية والمصالح الكبرى لهذا الطرف او ذاك في هذا العالم. وكان العراق واحدا من مناطق الصراع الساخنة بين الكتلة الشرقية ممثلة بالاتحاد السوفييتي وبين الكتلة الغربية ممثلة بالولايات المتحدة الامريكية ـ كما ذكرنا آنفا ـ. ان احداث العراق الداخلية هي انعكاس قوي لذلك الصراع الدولي منذ بعيد الحرب العالمية الثانية. ان قلة نادرة من العراقيين قد ادركت تلك المعادلة الاستراتيجية الخطيرة التي شكّل تأثيرها قويا صاعقا في كل الاحداث العراقية العاصفة، وقد بلغت ذروتها ابان العهد الملكي عام 1956 اثر ميثاق بغداد وصولا الى العام 1958 الذي قفل بيوم دموي تراجيدي هز العالم.. في حين بلغت ذروتها ابان العهد الجمهوري عام 1959 وصولا الى 1963 اثر التغير الدراماتيكي الذي اودى بحكم الزعيم عبد الكريم قاسم في مجزرة دموية لا شبيه لها في كل تاريخ المنطقة حتى ذلك الوقت!
ينقسم تاريخ العراق المعاصر الى قسمين اثنين: اولاهما سمي بالعهد الملكي، وثانيهما سمي بالعهد الجمهوري.. كان الاول نتاج مؤثرات مؤتمر الصلح بقصر فرساي بباريس عام 1919 اثر الحرب العالمية الاولى والمعاهدات الملحقة به.. وكان الثاني نتاج مؤثرات مشروع روزفلت للانقلابات العسكرية وتبلورالحرب الباردة بين المعسكرين الغربي والشرقي اثر الحرب العالمية الثانية للاعوام 1939- 1945.. اي ان العهدين كانا من صناعة كل من بريطانيا والولايات المتحدة الامريكية، وصراع الكتلة الشرقية للوصول الى المياه الدافئة، ويقصد بها: العراق على وجه التحديد. وعليه، فان اي ادارة للعراق مهما كانت درجة وطنيتها، فانها قد خضعت شاءت ام أبت، بدرايتها ام من غير درايتها لما كانت ترسمه السياسات الدولية والمصالح الكبرى لهذا الطرف او ذاك في هذا العالم. وكان العراق واحدا من مناطق الصراع الساخنة بين الكتلة الشرقية ممثلة بالاتحاد السوفييتي وبين الكتلة الغربية ممثلة بالولايات المتحدة الامريكية ـ كما ذكرنا آنفا ـ. ان احداث العراق الداخلية هي انعكاس قوي لذلك الصراع الدولي منذ بعيد الحرب العالمية الثانية. ان قلة نادرة من العراقيين قد ادركت تلك المعادلة الاستراتيجية الخطيرة التي شكّل تأثيرها قويا صاعقا في كل الاحداث العراقية العاصفة، وقد بلغت ذروتها ابان العهد الملكي عام 1956 اثر ميثاق بغداد وصولا الى العام 1958 الذي قفل بيوم دموي تراجيدي هز العالم.. في حين بلغت ذروتها ابان العهد الجمهوري عام 1959 وصولا الى 1963 اثر التغير الدراماتيكي الذي اودى بحكم الزعيم عبد الكريم قاسم في مجزرة دموية لا شبيه لها في كل تاريخ المنطقة حتى ذلك الوقت!
صنّاجة العراقيين
ان مانشيت كل العهود الماضية النقر على صناجّة واحدة تتمثّل بالخيانة والرجعية في تجريم ليس الحاكمين حسب، بل حتى السياسيين، وتتمثل التهمة بـ quot; العمالة quot; مقابل quot; الوطنية quot;، وكأن الوطنية سلعة تباع وتشترى في سوق معين، او انها تحتكر من هذا الطرف او ذاك! ومن دون ان يدري كلا من الطرفين (او كل الاطراف) انهما مجرد ادوات تمّثل ادوارها في العراق الذي يتفاعل على ترابه كله الصراع الدولي بين الكتلتين ومصالحهما.. بل وكان التنافس الاقليمي هو جزء لا يتجزأ من صفحة صراع الكتلتين في العالم، وما كان من تدخلات سياسية واعلامية سافرة من هذا البلد العربي، او ذاك الجار الايراني، او ذاك المتشاطئ التركي، او ذاك المتآمر او ذاك المقامر.. وبطبيعة الحال، لو لم يجد كل هؤلاء من يفتح لهم ويتعاون معهم من العراقيين.. لما حدث كل ما حدث. وعلينا ان نقرأ كل ما دار في عواصم دول معينة بالذات، وما كان وراء كواليس كل الاحداث التاريخية المريرة والمحاولات الانقلابية، والحركات، والانقلابات، والاضطرابات، والتمردات، والعمليات المسلحة وحتى تحركات بعض الاحزاب.. ونبحث عمن كان يخطط لها، ومن كان يمولها، ومن كان يديرها.. لنتيقّن ان تاريخ العراق المعاصر لم يكن نقيّا طاهرا، بل ان العراقيين قد خدعوا كثيرا.. وكانوا وما زالوا يخدعون!
ان مانشيت كل العهود الماضية النقر على صناجّة واحدة تتمثّل بالخيانة والرجعية في تجريم ليس الحاكمين حسب، بل حتى السياسيين، وتتمثل التهمة بـ quot; العمالة quot; مقابل quot; الوطنية quot;، وكأن الوطنية سلعة تباع وتشترى في سوق معين، او انها تحتكر من هذا الطرف او ذاك! ومن دون ان يدري كلا من الطرفين (او كل الاطراف) انهما مجرد ادوات تمّثل ادوارها في العراق الذي يتفاعل على ترابه كله الصراع الدولي بين الكتلتين ومصالحهما.. بل وكان التنافس الاقليمي هو جزء لا يتجزأ من صفحة صراع الكتلتين في العالم، وما كان من تدخلات سياسية واعلامية سافرة من هذا البلد العربي، او ذاك الجار الايراني، او ذاك المتشاطئ التركي، او ذاك المتآمر او ذاك المقامر.. وبطبيعة الحال، لو لم يجد كل هؤلاء من يفتح لهم ويتعاون معهم من العراقيين.. لما حدث كل ما حدث. وعلينا ان نقرأ كل ما دار في عواصم دول معينة بالذات، وما كان وراء كواليس كل الاحداث التاريخية المريرة والمحاولات الانقلابية، والحركات، والانقلابات، والاضطرابات، والتمردات، والعمليات المسلحة وحتى تحركات بعض الاحزاب.. ونبحث عمن كان يخطط لها، ومن كان يمولها، ومن كان يديرها.. لنتيقّن ان تاريخ العراق المعاصر لم يكن نقيّا طاهرا، بل ان العراقيين قد خدعوا كثيرا.. وكانوا وما زالوا يخدعون!
العراق: قلب المصالح في العالم
هذا هو المشطوب من ذاكرتنا العراقية الذي كان ولم يزل يعيش على نغمة ثنائية quot; الوطنية والعمالة quot;.. وتلوك الالسن هذه الازدواجية التي توزع مجانا على هذا وتسحب من ذاك بلا اي وعي وبلا اي معرفة بما هو مخفي وبما هو مشلول من الارادة.. وبما هو واقعي من الاحداث.. وبما هو مذاع من المانشيتات.. وبما هو مبهرج من الخطاب.. وبما هو مجبول بالعاطفة. ان السياسة مجرد لعبة ذكية او صنع قرارات غبية، وربما تكون غاية في الجمال وفجأة تغدو قبيحة على اشد ما تكون في غاية القبح.. ربما تكون معادلة قيمية مباركة وفجأة تغدو آلية بشعة لا يمكن البقاء بعيدا عنها من دون ممارستها.. ان السياسة اداة متكيفة لمصلحة معينة او جملة مصالح.. ربما تتقاطع المصالح وربما تتشابك.. ربما تتوافق وربما تتباين.. وفي العراق انتجت باسم السياسات الوطنية مصالح شخصية نفعية بنتهامية، ثم مصالح عائلية وعشائرية مجسدة القرابة منذ مائة سنة حتى اليوم.. ثم هناك مصالح فئوية ضيقة ومصالح محلية وجهوية وقروية خاصة وكريهة.. ثم مصالح حزبية وطفيلية غاية في السوء.. ثم مصالح طائفية بشعة ترفض المصلحة العامة.. ثم هناك مصالح شوفينية لهذا الطرف او ذاك.. لهذا الجار او ذاك.. لهذه الشركة او تلك.. الخ ابحثوا لي عن صناع تاريخ حقيقيين للعراق على امتداد القرن العشرين باستثناء اسماء نظيفة ونزيهة كان العراق همها الوحيد!!
هذا هو المشطوب من ذاكرتنا العراقية الذي كان ولم يزل يعيش على نغمة ثنائية quot; الوطنية والعمالة quot;.. وتلوك الالسن هذه الازدواجية التي توزع مجانا على هذا وتسحب من ذاك بلا اي وعي وبلا اي معرفة بما هو مخفي وبما هو مشلول من الارادة.. وبما هو واقعي من الاحداث.. وبما هو مذاع من المانشيتات.. وبما هو مبهرج من الخطاب.. وبما هو مجبول بالعاطفة. ان السياسة مجرد لعبة ذكية او صنع قرارات غبية، وربما تكون غاية في الجمال وفجأة تغدو قبيحة على اشد ما تكون في غاية القبح.. ربما تكون معادلة قيمية مباركة وفجأة تغدو آلية بشعة لا يمكن البقاء بعيدا عنها من دون ممارستها.. ان السياسة اداة متكيفة لمصلحة معينة او جملة مصالح.. ربما تتقاطع المصالح وربما تتشابك.. ربما تتوافق وربما تتباين.. وفي العراق انتجت باسم السياسات الوطنية مصالح شخصية نفعية بنتهامية، ثم مصالح عائلية وعشائرية مجسدة القرابة منذ مائة سنة حتى اليوم.. ثم هناك مصالح فئوية ضيقة ومصالح محلية وجهوية وقروية خاصة وكريهة.. ثم مصالح حزبية وطفيلية غاية في السوء.. ثم مصالح طائفية بشعة ترفض المصلحة العامة.. ثم هناك مصالح شوفينية لهذا الطرف او ذاك.. لهذا الجار او ذاك.. لهذه الشركة او تلك.. الخ ابحثوا لي عن صناع تاريخ حقيقيين للعراق على امتداد القرن العشرين باستثناء اسماء نظيفة ونزيهة كان العراق همها الوحيد!!
عراقيون غرباء عن العراق
ان العراق بثقل حجمه في استراتيجية الشرق الاوسط لا يمكنه ان يلعب دوره لوحده من دون ان يتأثر بالكبار.. وان الكبار عندما يفترس بعضهم البعض للحصول على مصالح معينة، فمن دون شك ان المجالات الحيوية ستصيبها النار او تتركز الصدمات والصراعات في مناطق دون اخرى ضمن ميتا استراتيجيات دولية، او لما يسمى بما بعد الاستراتيجيات التي نعرفها! والعراق مجال حيوي نادر الخصوصيات في تأثره بأية استراتيجيات. انني اعتقد بأن تاريخ العراق المعاصر على مدى قرن كامل مضى ما كان ليكون بهذه الصورة المأساوية لو اصاب ابناؤه التفكير ولم يحذفوا جزءا اساسيا منه.. والعراق ينتقل من عهد لآخر ومن ملكية لجمهورية.. ومن رئيس لآخر.. ومن شلة الى أخرى.. ومن فوضوية الى دكتاتورية.. ومن حكومة عشائرية الى انقلابات عسكريتارية..ومن حزبية الى عائلية.. ومن بوليسية الى ميليشيات طائفية.. انه لولا هذا الثقل البترولي الهائل الذي يتصارع من اجله المجتمع الدولي كله بوجهه الاخر المخفي عّنا تماما.. ولولا هذا الثقل الحضاري المركزي الذي جعل العراق بؤرة صراع عبر التاريخ لما كانت هذه الاهوال!
ان العراق بثقل حجمه في استراتيجية الشرق الاوسط لا يمكنه ان يلعب دوره لوحده من دون ان يتأثر بالكبار.. وان الكبار عندما يفترس بعضهم البعض للحصول على مصالح معينة، فمن دون شك ان المجالات الحيوية ستصيبها النار او تتركز الصدمات والصراعات في مناطق دون اخرى ضمن ميتا استراتيجيات دولية، او لما يسمى بما بعد الاستراتيجيات التي نعرفها! والعراق مجال حيوي نادر الخصوصيات في تأثره بأية استراتيجيات. انني اعتقد بأن تاريخ العراق المعاصر على مدى قرن كامل مضى ما كان ليكون بهذه الصورة المأساوية لو اصاب ابناؤه التفكير ولم يحذفوا جزءا اساسيا منه.. والعراق ينتقل من عهد لآخر ومن ملكية لجمهورية.. ومن رئيس لآخر.. ومن شلة الى أخرى.. ومن فوضوية الى دكتاتورية.. ومن حكومة عشائرية الى انقلابات عسكريتارية..ومن حزبية الى عائلية.. ومن بوليسية الى ميليشيات طائفية.. انه لولا هذا الثقل البترولي الهائل الذي يتصارع من اجله المجتمع الدولي كله بوجهه الاخر المخفي عّنا تماما.. ولولا هذا الثقل الحضاري المركزي الذي جعل العراق بؤرة صراع عبر التاريخ لما كانت هذه الاهوال!
متى يأتي الزعيم المنتظر؟
بقي العراقيون ينتظرون على امتداد زمن طويل ذلك الزعيم الوطني المثالي الذي سيكون نبّيا طاهرا ناصع البياض في مجتمع متعارض ومتعدد ومتنوع الالوان ومتناقض الافكار والاتجاهات.. ولكننا لن نجده ابدا، وكأننا نبقى نعيش اوهاما ونرسم احلاما في العدم.. وكأننا نبقى نشقى بنزيفنا الدموي، ونناشد بعضنا الاخر الصلح والمحبة والمودة والاحسان.. من دون ان نفّكر في لحظة تاريخية معينة عن اسباب البلاء الحقيقية.. ومن دون ان نعي ان كل الذين جاءوا الى سدة الحكم وحكموا ثم رحلوا.. هم مجموعة شاء القدر لهم ان يأتوا والعراق في رعاية هذا الطرف او ذاك، او في تحالف مع هذه الكتلة الدولية او تلك. وهذه الافكار ليست وليدة نظرية المؤامرة التي لا اؤمن بها، ولكنها افكار منتجة عن براهين واضحة وضوح الشمس لمن يتوغل في الرؤية الى الاعماق.. وليكن معلوما ان المصالح الدولية في العراق دوما ما تغلب او تتغلب على المصالح الوطنية. وعليه، فان كل عراقي من العراقيين بحاجة الى ان يفهم اللعبة ويدرك ما وراء التاريخ المعلن ليعمل في خدمة العراق حتى بصمت ان اقتضى الامر.. وان متابعة ذكية وتأملية في الاحداث التاريخية التي عاشها العراق منذ مائة سنة تدلنا على ان السلسلة واحدة وان ما حدث لم يعكس اي مصلحة عليا على العراقيين قاطبة، في حين كان الاخرون هم في مقدمة من كسب من مصالح العراق وعاش على صراعات العراقيين وامتصاص دمائهم!!
بقي العراقيون ينتظرون على امتداد زمن طويل ذلك الزعيم الوطني المثالي الذي سيكون نبّيا طاهرا ناصع البياض في مجتمع متعارض ومتعدد ومتنوع الالوان ومتناقض الافكار والاتجاهات.. ولكننا لن نجده ابدا، وكأننا نبقى نعيش اوهاما ونرسم احلاما في العدم.. وكأننا نبقى نشقى بنزيفنا الدموي، ونناشد بعضنا الاخر الصلح والمحبة والمودة والاحسان.. من دون ان نفّكر في لحظة تاريخية معينة عن اسباب البلاء الحقيقية.. ومن دون ان نعي ان كل الذين جاءوا الى سدة الحكم وحكموا ثم رحلوا.. هم مجموعة شاء القدر لهم ان يأتوا والعراق في رعاية هذا الطرف او ذاك، او في تحالف مع هذه الكتلة الدولية او تلك. وهذه الافكار ليست وليدة نظرية المؤامرة التي لا اؤمن بها، ولكنها افكار منتجة عن براهين واضحة وضوح الشمس لمن يتوغل في الرؤية الى الاعماق.. وليكن معلوما ان المصالح الدولية في العراق دوما ما تغلب او تتغلب على المصالح الوطنية. وعليه، فان كل عراقي من العراقيين بحاجة الى ان يفهم اللعبة ويدرك ما وراء التاريخ المعلن ليعمل في خدمة العراق حتى بصمت ان اقتضى الامر.. وان متابعة ذكية وتأملية في الاحداث التاريخية التي عاشها العراق منذ مائة سنة تدلنا على ان السلسلة واحدة وان ما حدث لم يعكس اي مصلحة عليا على العراقيين قاطبة، في حين كان الاخرون هم في مقدمة من كسب من مصالح العراق وعاش على صراعات العراقيين وامتصاص دمائهم!!
فوضى الثنائيات القاتلة!
الاحتلال.. الانتداب.. المعاهدات.. الاحلاف.. الانقلابات.. الصراعات.. الدكتاتورية.. الحروب.. الحصارات.. الاحتلال.. ويقابلها: العرش.. المؤسسات.. الاحزاب.. الاصلاحات.. الاعمار.. الثورة.. القرارات.. الاشتراكية.. الوحدة.. الايديولوجيات.. الشعارات.. البطولات.. الانتصارات.. الاسلام.. والمكونات.. الديمقراطية.. هذه الثنائيات التي خّزنها التاريخ لا يمكنها ان تكون بمعزل عن مصالح دولية واقليمية معينة! ان الشعب العراقي عاش حياته كلها على المفاجئات لا على التقاليد.. وعلى الانقلابات والبيانات لا على البرامج والمشروعات.. وعلى الاحادية لا على المؤسسات. هل فكّر احدنا يوما ان يعيد التفكير من جديد بما يفكّر به قبل ان يعيد توازنه من جديد لما يؤمن به؟ هل حدّث احدنا نفسه يوما بأن السياسات لا يمكن ان يلعبها صاحبها في ثكنة عسكرية، او وكر حزبي، او حزب عشائري، او في صوامع ومجالس دينية؟؟ هل فّكر احدنا ان يعيد الرؤية لما صنع من قرارات مصيرية بحق العراق والعراقيين.. كي نحاكمها ليس على اساس هش وساذج من توزيع الاتهامات واذاعة الشتائم.. بل لاستقصاء دور الاخر فيها.. ومن يختل هناك بعيدا ليخيط نسيجها ويخرج سيناريوهاتها من وراء الكواليس؟ ولماذا صنعت في مرحلة معينة دون اخرى؟
من اجل ذاكرة عراقية تحترم نفسها
هل فكّرنا يوما ان نّقيم تاريخيا وعلميا ونقديا كل الزعماء العراقيين وحكوماتهم.. لنحكم ونقول: من ذا الذي كان (وطنيا عراقيا) يفهم كيف يلعب بالسياسة حقيقة لا قولا من اجل ما ينفع العراق واهل العراق؟ ومن ذا الذي لم يدرك كيف يلعب بالنار حقيقة، فاحرق بيديه كل العراق والعراقيين؟ هل استطعنا يوما ان نسأل: هل كانت هناك ثمة خطط معينة لتوزيع النفوذ بين دول الاقليم تنفيذا لارادة دولية ام لا؟ هل فكّرنا ان ليس هناك مثاليات ومقدسات في السياسة، بل سعي دائب من اجل مصالح ومنافع. علينا ان ندرك ان كل من يحكم، لابد ان يخطأ؟ وان من يخطئ لابد ان يعترف بخطأه ويغادر مكانه حالا لمن هو اكثر اجادة ودراية وكفاءة، ففن الحكم والادارة مهنة عالية الجودة عظيمة المخاطر ـ كما كان يقول جون كندي ـ.. هل ابتعدنا قليلا عن عواطفنا ونحن نقارن بين اخطاء هذا وخطايا ذاك؟ عندما سنجد الاجوبة على مثل هذه التساؤلات.. دعونا نفكّر قليلا في ان نفتح لنا وللاجيال من بعدنا طريقا نحو المستقبل.. علينا ان لا نبكي حظنا العاثر في زحمة هذه التضاريس السياسية العراقية التي امتلأت بالنفايات الداخلية والخارجية تحت مسميات شتى، بل ان نبحث عن فرص ثمينة وان نجد من هو الاكثر تأهيلا لادارة البلاد.. علينا ان نخّلص مجتمعنا في العراق من مأساة التفرقة بفصل الدين عن السياسة، وابعاد تجلياته وقدسيته عن مناوراتها واوساخها. علينا ان نتخلص من تناقضاتنا العراقية بتوفير الامن والنظام والقانون.. علينا ان نحترم بعضنا بعضا، وان نّقدس المال العام.. وان لا يسعى كل من هّب ودّب للسلطة، فتلك فجيعة لكل العراق. على كل من يؤدي دوره ان ينزوي كي يمنح الدور للاخرين، فربما كانوا افضل منه. علينا ان نسعى لتأسيس حكم مدني ويتساوى الجميع في ظل دستور مدني.. علينا ان نسعى لتغيير اساليبنا ومناهجنا التربوية على نحو حضاري.. علينا ان نفكّر بالمستقبل قبل الماضي، وان نجد طريقا عراقيا وطنيا مشتركا في انهاء الاحتلال والتعامل بذكاء ليس مع الامريكان وحدهم، بل مع كل العالم، وبالاخص مع اشقائنا العرب ومع جيراننا الاتراك والايرانيين.. وهذا لا يتمّ ابدا ان لم تتوّسع الرؤية العراقية للحياة، ونكون اكثر واقعية في التعامل مع الحياة والتاريخ معا..
الاحتلال.. الانتداب.. المعاهدات.. الاحلاف.. الانقلابات.. الصراعات.. الدكتاتورية.. الحروب.. الحصارات.. الاحتلال.. ويقابلها: العرش.. المؤسسات.. الاحزاب.. الاصلاحات.. الاعمار.. الثورة.. القرارات.. الاشتراكية.. الوحدة.. الايديولوجيات.. الشعارات.. البطولات.. الانتصارات.. الاسلام.. والمكونات.. الديمقراطية.. هذه الثنائيات التي خّزنها التاريخ لا يمكنها ان تكون بمعزل عن مصالح دولية واقليمية معينة! ان الشعب العراقي عاش حياته كلها على المفاجئات لا على التقاليد.. وعلى الانقلابات والبيانات لا على البرامج والمشروعات.. وعلى الاحادية لا على المؤسسات. هل فكّر احدنا يوما ان يعيد التفكير من جديد بما يفكّر به قبل ان يعيد توازنه من جديد لما يؤمن به؟ هل حدّث احدنا نفسه يوما بأن السياسات لا يمكن ان يلعبها صاحبها في ثكنة عسكرية، او وكر حزبي، او حزب عشائري، او في صوامع ومجالس دينية؟؟ هل فّكر احدنا ان يعيد الرؤية لما صنع من قرارات مصيرية بحق العراق والعراقيين.. كي نحاكمها ليس على اساس هش وساذج من توزيع الاتهامات واذاعة الشتائم.. بل لاستقصاء دور الاخر فيها.. ومن يختل هناك بعيدا ليخيط نسيجها ويخرج سيناريوهاتها من وراء الكواليس؟ ولماذا صنعت في مرحلة معينة دون اخرى؟
من اجل ذاكرة عراقية تحترم نفسها
هل فكّرنا يوما ان نّقيم تاريخيا وعلميا ونقديا كل الزعماء العراقيين وحكوماتهم.. لنحكم ونقول: من ذا الذي كان (وطنيا عراقيا) يفهم كيف يلعب بالسياسة حقيقة لا قولا من اجل ما ينفع العراق واهل العراق؟ ومن ذا الذي لم يدرك كيف يلعب بالنار حقيقة، فاحرق بيديه كل العراق والعراقيين؟ هل استطعنا يوما ان نسأل: هل كانت هناك ثمة خطط معينة لتوزيع النفوذ بين دول الاقليم تنفيذا لارادة دولية ام لا؟ هل فكّرنا ان ليس هناك مثاليات ومقدسات في السياسة، بل سعي دائب من اجل مصالح ومنافع. علينا ان ندرك ان كل من يحكم، لابد ان يخطأ؟ وان من يخطئ لابد ان يعترف بخطأه ويغادر مكانه حالا لمن هو اكثر اجادة ودراية وكفاءة، ففن الحكم والادارة مهنة عالية الجودة عظيمة المخاطر ـ كما كان يقول جون كندي ـ.. هل ابتعدنا قليلا عن عواطفنا ونحن نقارن بين اخطاء هذا وخطايا ذاك؟ عندما سنجد الاجوبة على مثل هذه التساؤلات.. دعونا نفكّر قليلا في ان نفتح لنا وللاجيال من بعدنا طريقا نحو المستقبل.. علينا ان لا نبكي حظنا العاثر في زحمة هذه التضاريس السياسية العراقية التي امتلأت بالنفايات الداخلية والخارجية تحت مسميات شتى، بل ان نبحث عن فرص ثمينة وان نجد من هو الاكثر تأهيلا لادارة البلاد.. علينا ان نخّلص مجتمعنا في العراق من مأساة التفرقة بفصل الدين عن السياسة، وابعاد تجلياته وقدسيته عن مناوراتها واوساخها. علينا ان نتخلص من تناقضاتنا العراقية بتوفير الامن والنظام والقانون.. علينا ان نحترم بعضنا بعضا، وان نّقدس المال العام.. وان لا يسعى كل من هّب ودّب للسلطة، فتلك فجيعة لكل العراق. على كل من يؤدي دوره ان ينزوي كي يمنح الدور للاخرين، فربما كانوا افضل منه. علينا ان نسعى لتأسيس حكم مدني ويتساوى الجميع في ظل دستور مدني.. علينا ان نسعى لتغيير اساليبنا ومناهجنا التربوية على نحو حضاري.. علينا ان نفكّر بالمستقبل قبل الماضي، وان نجد طريقا عراقيا وطنيا مشتركا في انهاء الاحتلال والتعامل بذكاء ليس مع الامريكان وحدهم، بل مع كل العالم، وبالاخص مع اشقائنا العرب ومع جيراننا الاتراك والايرانيين.. وهذا لا يتمّ ابدا ان لم تتوّسع الرؤية العراقية للحياة، ونكون اكثر واقعية في التعامل مع الحياة والتاريخ معا..
واخيرا: للضرورة أحكام
ربّ سائل يسأل: ومن ذا الذي يمكنه تطبيق كل هذه الضرورات؟ اقول: ان لم تستطع كل من السلطتين الاساسيتين التشريعية والتنفيذية تطبيق ذلك، وفشلتا لأسباب تتعلق بكوابح نصوص او قدرات او كفاءات او اجندات لا مشروعة ابدا، فليس امام العراقيين الا ثورة دستورية مدنية معاصرة وجديدة، وان نسمع قليلا لكل من له معرفة بشؤون العراق المتنوعة.. عند ذاك سندرك هول الاخطاء والخطايا التي جناها العراقيون بحق انفسهم وبحق مستقبل بلادهم اولا، واجيالهم ثانيا، ولكي ندرك حقيقة الدرس التاريخي الذي يعلمنا اياه هذا التفكير التاريخي، فالمطلوب ان نربي اولادنا في القادم من الزمن تربية ذكية من نوع آخر، كي يدركوا اننا على مدى مائة سنة مضت، كنا بحاجة الى وطن اسمه العراق، وكان العراقيون قد اسهموا جميعا في حرقه من حيث يعلمون او لا يعلمون.. اما منذ اليوم وعلى الآتي من الزمن الصعب، فان وطنا اسمه العراق بحاجة الى نوع آخر من العراقيين!
التعليقات