أثارت رسالة رئيس الوزراء العراقي السيد نوري المالكي لرئاسة هيئة مجلس النواب والتي يطلب فيها من الرئاسة منع استجواب وزير النفط الدكتور حسين الشهرستاني والتي نشرت في كثير من الصحف العربية والمواقع العراقية....أثارت الكثير من الاستفهامات والتساؤلا ت، ليس لا نها غريبة الطور في العرف الديمقراطي، أو لأنها قد تثير اسئتلة باطنية!، كأن يتساءل البريء وغير البريء فيما إذا كان الاستجواب يتمخض عن إدانة قوية للوزير ووزارته، ومن ثم، يزيد ذلك من منسوب التعليقات المُدينة للحكومة العراقية، مما يزيد من هموم السيد المالكي، خاصة بعد مشكلة وزير التجارة وما أثير حولها من كلام محرج ومتشعب وذي شجون، ما زا ل الكثير منه خفيا وباطنيا، أو أن المساءلة البرلمانية للسيد الوزير سوف (تكشف) بعض العلاقات (المثيرة لاسئلة مماثلة ) بين وزا رة النفط وبعض الدوائر و الوزارات الاخرى، وإنَّ الجهة الثانية من المعادلة على صلةٍ ما بأطراف المُمانعة التي تبدو مستميتة لحد كبير في تحقيق منع الاستجواب، أو كأن يكون الوزير نفسه ـ لا سامح الله ولا قدر أقولها من اعماق اعماقي والله على ما اقول شهيد ـــ متورط فعلا، وقد هدد بانه سوف لا يكون كبش فداء! وتطول الاسئلة الخفية والباطنية، ولست في معرض نقاش أو معالجة هذه الاحتمالات، فكاتب هذه السطور لا علاقة له بمسؤول كبير، وليس له جلسة أسبوعية ـ مثلا ـ مع موفد امريكي خاص، وليس له علاقة بكواليس السياسة ودروب الاحزاب والشخصيات الحاكمة في العراق او غير العراق، ولذلك يصعب علي أن أصوب أو أخطيء هذه الاحتمالات، ولكن بودي أن أناقش الحجة التي ساقها رئيس الوزراء في ممانعته (المستميتة)، وهي الحجة التي استوعبت الاسطر الثلاثة الاخيرة من الرسالة (التاريخية!).
تنحصر حجة السيد رئيس الوزراء بأن هذ الاستدعاء سوف يساهم في عرقلة مشاريع الاستثمار في العراق لان العراق مقبل على توقيع اتفاقيات نفطية عملا قة!!
هذا كل ما في الامر...
ولي الملاحظات البسيط ا لتالية على هذه الحجة
أولا: أن مثل هذ القول يختصر نفط العراق وخيراته ومستقبله في شخص واحد هو ا لسيد حسين الشهرستاني، او وزير النفط بعينه مهما كان اسمه ورسمه ودينه ومذهبه وقوميته!
ثانيا: إذا كان السيد رئيس الوزراء متأكدا من نزاهة وزير نفطه، فسوف يخرج من معركة المساءلة ظافرا، وهذا يساهم في دعم عملية التنمية والاعمار ويسرِّع في توقيع الاتفاقيات المذكورة،وذلك ضمن منطق السيد رئيس الوزراء نفسه.
ثالثا: ولو فرضنا أن السيد وزير النفط سوف يُعزَل فهل عقم العراق تعيين وزير نفط جديد يتولى ذات المهمة، أي توقيغ الاتفاقيات، فميا إذا قلنا أن توقيع الا تفاق من حق وزير النفط حصرا، وليس لمن ينوب عنه في الظروف االاستثنائية، وفيما أُدين وزير النفط السعودي أو الكويتي، هل سوف تتعطل حركة التوقيع على معاهدات نفطية ضخمة بين وزارة النفط الكويتية أو السعودية وبين شركات نفطية استثمارية كبيرة؟ فأي حكومة هذه التي يديرها السيد رئيس الوزراء إذن؟
رابعا: ولقد نبزت الرسالة باصحاب اقتراح الاستدعاء من البرلمانيين، والسؤال لماذا لا يستخدم رئيس الوزراء حقه الطبيعي كمواطن واعلى مسؤول في الدولة فضح هؤلاء، وبيان جرائمهم بحق الامة والشعب والوطن من خلال مصاديق موثّقة ومسجلة، كي يكون لاتهامه مصداقية دامغة، وبذلك يزاحم على اقل تقدير اتهامات هؤلاء لوزير نفطه، ولكن يبدو أن حجة هؤلاء أقوى من حجج ا لسيد رئيس الوزراء لذلك اكتفى بالاتهام وحسب.
خامسا: هل سوف يعمد السيد رئيس الوزراء الى ذات الطريقة في التعامل مع مجلس النواب فيما اذا استدعى هذا الوزير أو ذاك؟ أم هي مخصوصة بوزير النفط حصرا؟ علما أن كل وزارة من الوزارات لها دورمباشر او غير مباشر في قضية إعمار العراق التي هي اسم بلا مسمى منذ ان اعلن السيد رئيس الوزراء بان عام 2008 هو عام الاعمار والبناء.
سادسا: لماذا يشترط وزير النفط طلب رئيس الوزراء فيما يخص استجابته لطلب البرلمان للمثول امامه بقصد المساءلة، الا يعني هذا ان هناك اتفاقا مسبقا بين السيد المالكي والسيد الشهرستاني؟
ترى ما الذي جرى في كواليس هذا الاتفاق المسبق؟!
الله اعلم، وكذلك مندوب السفارة الامريكية في بغداد الذي يخلتي (اسبوعيا ) بهذا أو ذاك من صناع القرار السياسي في اعلى مؤسسة في الدولة!!