لا أحد يعرف حجم المصيبة قدر المبتلي بها... وبما أن المبتلي هنا هو المرشح كون الشعب لا وجود له فإنها بالفعل معركة مصيرية حالها حال كل إنتخابات تقرر مصير quot;النائبquot; الأزلي ومصير إستمرارية quot;العائلات السياسية العريقةquot;.
لا أحد يعرف حجم الكارثة حتى يقترب منها، وبما أن الكارثة هي الشعب، وبما أن الزعامات لا تقترب من هذه الفئة quot;الهامشيةquot; من الكائنات الحيّة، فإن وسيلة التواصل هي من خلال الاعلام.
وبما أن الاعلام إمّا مسيّس أو موجّه، وبما أن هموم المواطن لا تعنيه، فهو يبحث دائمًا عن quot;مواضيعquot; تملأ الهواء او صفحات الجرائد. تبرعت هذه الوسائل بتعريفنا، نحن الجمهور الغافل، على المرشحين بكل ما يملكون من طموح جارف للبقاء في مناصبهم.
وماذا نريد ان نعرف عمن عرفناهم لسنوات وسنبقى نعرفهم حتى مماتهم أو مماتنا؟ والارجح أن مماتنا سيكون اسرع على ايديهم، إذ إنهم يتدرجون من السارق إلى مجرمي الحرب، إلى أرباب النصب والإحتيال، إلى خارقي كل أنواع القوانين. ومع ذلك يعودون دومًا... كزعماء.
يتمتّعون بموهبة ونشاط خارقين حين تتعلق الامور بكل ما هو محرّض طائفيًا وعنصريًا، ومع ذلك فهم كسالى حتى الموت حين تتعلق الامور بتنفيذ الحد الادنى من مهامهم. بالفعل حرام ان تذهب كل هذه الاموال على مواطنين لا قيمة لهم ولا وزن، فجيوبهم وجيوب أتباعهم اولى بها.
ومن نحن لنناقشهم بمنطقهم هذا... فهم الاذكى والادهى دائمًا.
لقطة
يظهر احد السياسيين على احدى المحطات،انه احد النواب العباقرة، لكن عبقرية هذا تفوق اي عبقرية اخرى. يتكلم كثيرًا عن كل شيء لكنه وبكل اسف غبي لدرجة تجعلك تخجل عنه حين يعاجل المقدم بنظرية تلو الاخرى، لا بل تخفي وجهك بيديك حين يصل الى ذروة السخافة في تفسير نظرياته السياسية.
ماذا تفعل في هذه اللحظة التاريخية، لا شيء... يمكنك الضحك او يمكنك الموت غيظًا من رجل غبي بكل ما للكلمة من معنى، ومع ذلك ولسبب ما قرر زعيم ما ان يجعل منه نائبًا. وما الفرق بينك وبينه سوى: اولاً انت اكثر ذكاءً. ثانيًا: هو اكثر ثراءً. ثالثًا: الغبي يقوم بنهب اموالك واموال المواطنين امثالك.
رابعا: لا سلطة لك عليه بينما هو يستطيع وبكل سهولة تحويل حياتك الى جحيم. خامسًا: عليك البحث عن الاغبياء الذين انتخبوا نائبًا لا يتمتع بالحد الادنى من الذكاء لينصب وليًا عليهم وعلى غيرهم.
*****
تنشط في زمن الانتخابات المشاريع الانمائية، فيخرج الزعيم الفلاني من علياء قصره ويهبط علينا ملاكًا بخططه الانمائية quot;الانتقائية quot; المفاجئة.
لقد جاءنا المنقذ المؤقت خطيبًا ووليًا.
ينتقي الزعيم المنطقة بعناية تأرجح عدد الاصوات التي قد ينالها هناك، فالمناطق المضمونة لا يتم المساس بها وهذا بالطبع لا يعني انها تعيش في نعيم ما بعده نعيم. على العكس فهي مناطق مهملة ومنكوبة، وبما ان الصوت معروف الاتجاه والتوجه فلا حاجة إلى أي اهتمام يذكر في هذه المناطق.
وقد تتساءل، لماذا يقوم هؤلاء بانتخاب الاشخاص نفسهم مرة تلو الاخرى... والجواب بسيط وواضح اولاً لأنهم اغبياء وثانيًا لأنهم يسيرون وفق خط طائفي تغلغل حتى النخاع، فيفضلون انتخاب quot;ابن طائفتهمquot; او ابن حزبهم ولو كان سارقًا على السماح للآخر من الطائفة الاخرى أو الحزب الآخر بالفوز.
لقطة
تسير السيارة ببطء شديد، فما إن تنجو من حفرة حتى تسقط في اخرى اكثر عمقًا. تحتاج إلى تفكير معمق للوصول الى نتيجة حاسمة حول وجود حفر بهذا العمق في الطرقات.
انت في مهمة انسانية لزيارة قريبك الذي يصارع الموت بعد نجاته من حادث سير... وحوادث السير في لبنان كثيرة وعدد القتلى تفوّق على عدد قتلى الحروب.
وكي نوضح السبب اكثر سنعطي مثالين لا اكثر. تقول النكتة او المعلومة او الرواية المتداولة في اوساط المهندسين quot;ان اول مهندس طرق في لبنان كان حمارًا، وذلك لأن المعنيين حينها تركوا الحمار يسير على سجيته وكل درب سلكه تم اعتماده كطريق يصل المناطق ببعضها البعض quot;.
اما المثال الثاني فينحصر باشارات السير، فلبنان البلد الوحيد الذي يعتبر اجتياز الضوء الاخضر مطمئن البال مخاطرة. فلا تجد في اي بلد في العالم سائقا يتلفت بهلع حين يجتاز الاشارة الخضراء سوى في لبنان. ومع ذلك ما زلنا نحمد الله انه باتت لدينا إشارات سير.
بالعودة الى الضحية الراقدة في المستشفى، تصلي الوالدة لنجاة ابنها بينما يصلي الوالد ألا تصل الفاتورة الى ما يفوق قدرته للاعوام العشرة المقبلة على تسديدها. يخطر له أن يلجأ لمن يساعده في ادخال ابنه quot;على حساب الضمان الاجتماعيquot;. والمثير للضحك في الموضوع انه يجب ألا يحتاج إلى quot;وساطةquot; لتدبير ذلك، لأن هذا من أدنى حقوقه، لكن مع الهدر والسرقة والمحسوبيات فإن الامور اكثر تعقيدًا. ومع ذلك يحاول... لكن المستشفى التابع لحزب ما يخصص المبالغ المدفوعة من الضمان الى من يعنيهم امرهم... اي المنتمين إلى ذلك الحزب... اما البقية ndash; والذين هم الفئة المنتخبة لذلك الحزب - فليذهبوا الى الجحيم.
*******
تشجع الدولة المواطن للحصول على بطاقة الهوية وذلك كي يكون صوته مسموعًا - كما يقول الاعلان ndash; وكي يكون مرئيًا يوم الانتخابات. فمن دون بطاقة الهوية ndash; التي تجعله ليوم واحد ذات قيمة ndash; لا اهمية له.
وحكايات التصويت في لبنان وبطاقات الهوية كحكايات ابريق الزيت. ومع ذلك وبعد ان اصبح التصويت يتطلب هذه البطاقات، قررت الدولة والدوائر الرسمية القيام بمهامها المؤجلة منذ سنوات. وهكذا عجت الدوائر الرسمية بالمواطنين المتحمسين للإنتخابات، وبغير المتحمسين الذين ارادوا الاستفادة من quot;التسهيلات quot; والحصول على البطاقة وان كانوا قد قرروا سلفًا انهم لن يمنحوا صوتهم لأحد.
فما اهمية ما يقوله الاعلان الرسمي فهم يعلمون سلفًا انهم غير مرئيين وان صوتهم غير مسموع، وإن كانت الحكومة تحاول ايهامهم بعكس ذلك... وهذا الوهم صالح ليوم واحد فقط.
لقطة
يذهب الموظف المغلوب على امره الى عمله صباحا بعد ان امضى ليلة عصيبة يحاول فيها حشر تكاليف حياته ضمن معاشه المخفض حديثا بسبب الازمة المالية _كما قيل له.
ما إن يصل الى مكتبه حتى يستدعيه المدير ويبلغه بأن عليه العمل لساعات إضافية خلال الأشهر القادمة وذلك من اجل انجاز مشروع جديد للشركة.
يتجرأ للحظة ويبلغ المدير انه بالامس فقط كانت الازمة تفعل فعلها في تخفيض الرواتب... الشركة تخسر... لا مشاريع... لا إعلانات... عليكم بالصبر معنا... أنتم بواسل هذه الشركة.
يضحك المدير ويعذره لأنه ما زال تحت تأثير صدمة تخفيض المعاش، وإن كان الإعتذار لا يضر أحدًا... فإعتذر أيّها الموظف الباسل.