... وعادت الأيام الخوالي. لم تغب طويلاً حتى تعود، لكنها على الأقل إختفت تحت شعارات المصالحات الكاذبة، والتهدئة المنافقة، والحوار العقيم. كانت أشهر مغلفة بالكذب والرياء لكنها على الأقل أخفت quot;الفهود والنمور والأسود... وحتى الغزلان والقرودquot; من شوارع العاصمة بيروت.
لم يعد المواطن اللبناني يرسم خارطة تنقلاته وفق هويته الطائفية وهوية المناطق، ولم يعد يشغل باله بإمكانية سقوطه قتيلا برصاصة طائشة أو حجر غاضب أو عصاة طائفية.
كانت أشهر قليلة ممتعة... بالفعل كان الشعور بالأمان الهش حلمًا يتحقق في بلد يقلص الأحلام إلى حدودها التافهة.
ماذا حصل؟
حصلت الإنتخابات.. هذا ما حصل.
وعادت quot;حليمة لعادتها القديمةquot;، خرجوا علينا بوجوههم التي مللناها حد قتل الذات وأصواتهم وكلماتهم التي تعجز اللغة العربية الفصحى والعامية عن إيفائها حقها.
الانتخابات قادمة وبما اننا بلد لا يتعامل مع شعبه وفق خطط انتخابية، فإن المعركة تدور حول الاتهامات المتبادلة بالسوء. 14 آذار فاسد لا بل 8 آذار فاسد.. فلا برامج انتخابية ولا منافسة مشروعة ولا مشاريع لانتشال المواطن من يأسه وفقره وتعبه.. فقط لعبة سخيفة - قوامها الاتهام المتبادل بالكذب- تبدأ مع طلاب المدارس وتنتهي مع رجال السياسة على ما يبدو.
في 14 شباط خرجت الجماهير لإحياء ذكرى اغتيال الحريري شكلاً ولحضور مهرجان انتخابي مضمونًا. وسبق كل هذا الحشد أشهر من التجييش الذي إعتمد الشحن الطائفي بأبشع صوره، أعيد إحياء صور النزاعات الطائفية السابقة وحضرت الإعلانات التي تؤكد أنهم حرروا لبنان وأنهم محقون، وأن الآخر مهما كانت قناعته طالما لا ينتمي إليهم مخطئ.
كان الهدف أن يرى الآخر قوتهم.. وبعد المهرجان وتضمنه ما تضمن من كلام وشعر وقواف إنتهى اليوم الشباطي بمقتل مواطن لبناني.
القصة إن جمعنا رواية الجهتين أن العائدين إستفزوا الآخرين فإشتبكوا وقام أحدهم بطعن مواطن لبناني 14 آذاري.
إن قيمنا مهرجان 14 شباط بعديده وعتاده وبما سبقه من تحضيرات فإنه فشل ذريع.. لقد وضعوا طاقتهم كاملة لحشد ما يمكنهم لإثبات وجودهم على الساحة. وعلى الرغم من الحشد الكبير الذي حضر إلى ساحة الشهداء لكنه ما زال لا يتناسب مع الجهود التي بذلت... فالصورة التي طبعت في اذهان اللبنانيين تتمحور حول إثبات وجود مصيري. ولم تأت العزائم على قدر أهل العزم. لكن الكارثة أن نهاية ذلك اليوم جاءت بمقتل أحدهم طعنًا... يصعب تخيل أحدهم يطعن آخر مرة تلو الاخرى لمجرد أنه يختلف معه في الرأي.
يثير قرفًا لا حدود له أن تعلم ان هناك أبله ما يتأثر بشكل كبير بكلام سياسي أبله يتحدث بطائفية وحقد وعنصرية كي يضمن نجاحه في الانتخابات لدرجة أنه قادر بعد سماعه على حمل سكينه والخروج الى الشارع وطعن أول شخص لا يوافقه الرأي.
.. وقمة السخرية جاءت عقب وفاة المواطن حين خرج الزعماء يدعون إلى التهدئة وضبط النفس.. أين كان منطقكم حين quot;هيجتم quot; جمهوركم طائفيًا استفززتم الآخر.
أين كان عقلكم حين جعلتم كل شيء يتمحور حول الطائفية وكره الآخر.
أجل.. إنها الانتخابات. الانتخابات التافهة التي ستعيد الوجوه نفسها والخطابات نفسها والكلام نفسه لأن الشعب اللبناني لم يعد يملك حق الاختيار، لم يعد عقله قادرًا على تحييد نفسه من المكان الذي صنف فيه. فهو إما مسلم أو مسيحي.. إما شيعي أو سني أو درزي.. إما عوني أو قواتي.. إما 14 آذاري أو 8 آذاري.
وزير الداخلية أجاز طلب شطب الطائفة عن الهوية، وعلى أهمية الخطوة لكنها ما تزال أشبه بمن يختفي خلف اصبعه. ما أهمية أن يشطب المواطن طائفته عن الهوية وهو ينتمي اليها قولاً وفعلاً وقلبًا وقالبًا.
.. في لبنان ملف للتنصت، تحول إلى نزاع سياسي. فقوى 14 اذار تراه ضرورة يجب أن تستمر والفرقاء الاخرى تراه خرقًا يجب تنظيمه.
لم يسلم أي مواطن من التنصت، سواء أكان حديثه على الاهمية بمكان أو كان حديثا عابرا لا قيمة له. لا أعرف كيف يمكن لأي مواطن أن يقبل بأن يتم التنصت عليه بحجة ضرورة المعلومات لحماية لبنان من التفجيرات. حين كان التنصت مباحًا كانت التفجيرات تدوي بشكل دوري وكانت الاغتيالات تسير على قدم وساق.
في لبنان جهاز تابع لرجل سياسي مهمته ملاحقة كل من يخالفهم الرأي وترهيبهم، يبيحون التنصّت على كل من لا يروق لهم. وبما إنهم يرفضون الالتزام بالقانون حاليًا، فإن مئات الحكايات عن جمعهم للمعلومات وتحقيقاتهم وترهيبهم وتنصّتهم على المواطنين ستبقى مؤجلة حتى موعد آخر.. موعد يمكن للمواطن فيه أن يروي حكايته ويضمن الا يختفي في اليوم الذي يليه.
في لبنان كتلة تدعى وسطية، لا تشبه الوسط بشيء. لكنها مع ذلك تملك جرأة إستغباء المواطن والإصرار على وسطيتها... والأنكى انه لا يحق للمواطن أن يحاسب هذه الكتلة على عدم وسطيتها لأنه لا يحق له أن يتكلم. فهو مجرد مواطن تافه.
في لبنان دول وجماعات تفعل فعلها. في لبنان مقاومة جعلها بعضهم عنوانًا عريضًا لحملته الانتخابية، إما سلاحهم أو نحن. وهو انتقاء سطحي في كل الاحوال خصوصًا أن من وضع نفسه مقابل سلاح المقاومة لا تاريخ له سوى العار.
في لبنان الكثير والكثير مما يقال عن خيارين ستحسمهما الانتخابات. فإما أن تختار مبادئ المعارضة واما أن تختار مبادئ الموالاة.
لا يمكنك على سبيل المثال إنتقاء القليل من هنا والقليل من هناك. ولا يمكنك إنتقاء من هو خارج هاتين الدائرتين لان المستقل لا مكان له في هذا البلد.
في هذه الأثناء يوزع المال والزفت والمعونات الانتخابية، وهو أمر إيجابي في كل الاحوال. فإن كان الزعيم أو السياسي الفلاني لا وظيفة له سوى إفقار اللبنانيين ونهبهم من المفيد حقًا ان يوزع بعضًا من المال عليهم.
كل ما يمكن للمواطن اللبناني أن يفعله في حال قرر التعقل هو عدم إنتقاء أي من الطرفين، ومع ذلك سيعودون ويجلسون على الكراسي ويواصلون تدمير من لم يختارهم.
لماذا.. لأن الشعوب لم تعد تفكر، فبات ابن الطائفة الفلانية مستعدا لتقبل أن زعيمه ينهبه ويسرقه ولا يهتم له ولمشاكله ولأوضاعه ومستعدا لانتخابه مجددًا فقط كي يغيظ الطرف الآخر.. لكن الخاتمة لا تشير سوى لخلاصة واحدة.. أن الابله الاكبر في المعادلة كلها هو المواطن.
فهنيئًا لكم بهذه الزعامات التي تليق بشعب لم يعد يعرف من وطنه شيئًا سوى الطائفية والكره والتعصب.. والغباء.
لم يعد المواطن اللبناني يرسم خارطة تنقلاته وفق هويته الطائفية وهوية المناطق، ولم يعد يشغل باله بإمكانية سقوطه قتيلا برصاصة طائشة أو حجر غاضب أو عصاة طائفية.
كانت أشهر قليلة ممتعة... بالفعل كان الشعور بالأمان الهش حلمًا يتحقق في بلد يقلص الأحلام إلى حدودها التافهة.
ماذا حصل؟
حصلت الإنتخابات.. هذا ما حصل.
وعادت quot;حليمة لعادتها القديمةquot;، خرجوا علينا بوجوههم التي مللناها حد قتل الذات وأصواتهم وكلماتهم التي تعجز اللغة العربية الفصحى والعامية عن إيفائها حقها.
الانتخابات قادمة وبما اننا بلد لا يتعامل مع شعبه وفق خطط انتخابية، فإن المعركة تدور حول الاتهامات المتبادلة بالسوء. 14 آذار فاسد لا بل 8 آذار فاسد.. فلا برامج انتخابية ولا منافسة مشروعة ولا مشاريع لانتشال المواطن من يأسه وفقره وتعبه.. فقط لعبة سخيفة - قوامها الاتهام المتبادل بالكذب- تبدأ مع طلاب المدارس وتنتهي مع رجال السياسة على ما يبدو.
في 14 شباط خرجت الجماهير لإحياء ذكرى اغتيال الحريري شكلاً ولحضور مهرجان انتخابي مضمونًا. وسبق كل هذا الحشد أشهر من التجييش الذي إعتمد الشحن الطائفي بأبشع صوره، أعيد إحياء صور النزاعات الطائفية السابقة وحضرت الإعلانات التي تؤكد أنهم حرروا لبنان وأنهم محقون، وأن الآخر مهما كانت قناعته طالما لا ينتمي إليهم مخطئ.
كان الهدف أن يرى الآخر قوتهم.. وبعد المهرجان وتضمنه ما تضمن من كلام وشعر وقواف إنتهى اليوم الشباطي بمقتل مواطن لبناني.
القصة إن جمعنا رواية الجهتين أن العائدين إستفزوا الآخرين فإشتبكوا وقام أحدهم بطعن مواطن لبناني 14 آذاري.
إن قيمنا مهرجان 14 شباط بعديده وعتاده وبما سبقه من تحضيرات فإنه فشل ذريع.. لقد وضعوا طاقتهم كاملة لحشد ما يمكنهم لإثبات وجودهم على الساحة. وعلى الرغم من الحشد الكبير الذي حضر إلى ساحة الشهداء لكنه ما زال لا يتناسب مع الجهود التي بذلت... فالصورة التي طبعت في اذهان اللبنانيين تتمحور حول إثبات وجود مصيري. ولم تأت العزائم على قدر أهل العزم. لكن الكارثة أن نهاية ذلك اليوم جاءت بمقتل أحدهم طعنًا... يصعب تخيل أحدهم يطعن آخر مرة تلو الاخرى لمجرد أنه يختلف معه في الرأي.
يثير قرفًا لا حدود له أن تعلم ان هناك أبله ما يتأثر بشكل كبير بكلام سياسي أبله يتحدث بطائفية وحقد وعنصرية كي يضمن نجاحه في الانتخابات لدرجة أنه قادر بعد سماعه على حمل سكينه والخروج الى الشارع وطعن أول شخص لا يوافقه الرأي.
.. وقمة السخرية جاءت عقب وفاة المواطن حين خرج الزعماء يدعون إلى التهدئة وضبط النفس.. أين كان منطقكم حين quot;هيجتم quot; جمهوركم طائفيًا استفززتم الآخر.
أين كان عقلكم حين جعلتم كل شيء يتمحور حول الطائفية وكره الآخر.
أجل.. إنها الانتخابات. الانتخابات التافهة التي ستعيد الوجوه نفسها والخطابات نفسها والكلام نفسه لأن الشعب اللبناني لم يعد يملك حق الاختيار، لم يعد عقله قادرًا على تحييد نفسه من المكان الذي صنف فيه. فهو إما مسلم أو مسيحي.. إما شيعي أو سني أو درزي.. إما عوني أو قواتي.. إما 14 آذاري أو 8 آذاري.
وزير الداخلية أجاز طلب شطب الطائفة عن الهوية، وعلى أهمية الخطوة لكنها ما تزال أشبه بمن يختفي خلف اصبعه. ما أهمية أن يشطب المواطن طائفته عن الهوية وهو ينتمي اليها قولاً وفعلاً وقلبًا وقالبًا.
.. في لبنان ملف للتنصت، تحول إلى نزاع سياسي. فقوى 14 اذار تراه ضرورة يجب أن تستمر والفرقاء الاخرى تراه خرقًا يجب تنظيمه.
لم يسلم أي مواطن من التنصت، سواء أكان حديثه على الاهمية بمكان أو كان حديثا عابرا لا قيمة له. لا أعرف كيف يمكن لأي مواطن أن يقبل بأن يتم التنصت عليه بحجة ضرورة المعلومات لحماية لبنان من التفجيرات. حين كان التنصت مباحًا كانت التفجيرات تدوي بشكل دوري وكانت الاغتيالات تسير على قدم وساق.
في لبنان جهاز تابع لرجل سياسي مهمته ملاحقة كل من يخالفهم الرأي وترهيبهم، يبيحون التنصّت على كل من لا يروق لهم. وبما إنهم يرفضون الالتزام بالقانون حاليًا، فإن مئات الحكايات عن جمعهم للمعلومات وتحقيقاتهم وترهيبهم وتنصّتهم على المواطنين ستبقى مؤجلة حتى موعد آخر.. موعد يمكن للمواطن فيه أن يروي حكايته ويضمن الا يختفي في اليوم الذي يليه.
في لبنان كتلة تدعى وسطية، لا تشبه الوسط بشيء. لكنها مع ذلك تملك جرأة إستغباء المواطن والإصرار على وسطيتها... والأنكى انه لا يحق للمواطن أن يحاسب هذه الكتلة على عدم وسطيتها لأنه لا يحق له أن يتكلم. فهو مجرد مواطن تافه.
في لبنان دول وجماعات تفعل فعلها. في لبنان مقاومة جعلها بعضهم عنوانًا عريضًا لحملته الانتخابية، إما سلاحهم أو نحن. وهو انتقاء سطحي في كل الاحوال خصوصًا أن من وضع نفسه مقابل سلاح المقاومة لا تاريخ له سوى العار.
في لبنان الكثير والكثير مما يقال عن خيارين ستحسمهما الانتخابات. فإما أن تختار مبادئ المعارضة واما أن تختار مبادئ الموالاة.
لا يمكنك على سبيل المثال إنتقاء القليل من هنا والقليل من هناك. ولا يمكنك إنتقاء من هو خارج هاتين الدائرتين لان المستقل لا مكان له في هذا البلد.
في هذه الأثناء يوزع المال والزفت والمعونات الانتخابية، وهو أمر إيجابي في كل الاحوال. فإن كان الزعيم أو السياسي الفلاني لا وظيفة له سوى إفقار اللبنانيين ونهبهم من المفيد حقًا ان يوزع بعضًا من المال عليهم.
كل ما يمكن للمواطن اللبناني أن يفعله في حال قرر التعقل هو عدم إنتقاء أي من الطرفين، ومع ذلك سيعودون ويجلسون على الكراسي ويواصلون تدمير من لم يختارهم.
لماذا.. لأن الشعوب لم تعد تفكر، فبات ابن الطائفة الفلانية مستعدا لتقبل أن زعيمه ينهبه ويسرقه ولا يهتم له ولمشاكله ولأوضاعه ومستعدا لانتخابه مجددًا فقط كي يغيظ الطرف الآخر.. لكن الخاتمة لا تشير سوى لخلاصة واحدة.. أن الابله الاكبر في المعادلة كلها هو المواطن.
فهنيئًا لكم بهذه الزعامات التي تليق بشعب لم يعد يعرف من وطنه شيئًا سوى الطائفية والكره والتعصب.. والغباء.
التعليقات