-1-
الجنايات التي ترتكبها الدائرة السوداء.. دائرة المطبوعات والنشر في الأردن كل يوم، بحق الثقافة العربية والأردنية، لم تقتصر على الكتّاب والباحثين، ولكنها تعدت إلى الشعراء.
وجرائم القتل بدم بارد، التي تقوم بها دائرة المطبوعات والنشر، وهي الساطور المُسلَّط على الثقافة والمثقفين العرب والأردنيين، لم تقتصر على تعليق كُتب الكتّاب والباحثين على مشانقها كل يوم، وإنما تعدته إلى تعليق دواوين الشعراء الأردنيين، وغير الأردنيين، على مشانقها الرقابية كل يوم.
-2-
الدولة الأردنية تنام في العسل، وتُغلق عينيها عما يجري من مذابح يومية للثقافة العربية في دائرة المطبوعات والنشر، إرضاءً لرجال الدين السلفيين وإرضاءً لقسم متدين تديناً شعبياً من دراويش الشارع الأردني، الذي يخشى على الإسلام العظيم، صاحب القرون الخمسة عشر من البهاء والتقدم حتى الآن، من شاعر كإبراهيم نصر الله، أو موسى حوامده، أو إسلام سمحان، أو غيرهم.
لقد عاش أبو نواس وبشار بن برد وغيرهما في الزمن الإسلامي العباسي، وقالوا شعراً ما لم يقل عُشْرَهُ موسى حوامده، أو إسلام سمحان ، ورغم ذلك لن تعلق لهم المشانق، كما تعلق دائرة المطبوعات والنشر، مشانقها اليوم.
منذ أكثر من ألف سنة، كانت حرية التعبير في العالم العربي والإسلامي مكفولة أكثر منها الآن. فيا ليتنا نعود إلى الوراء ألف سنة أو أكثر، لكي نتمتع نحن المثقفين بما كان يتمتع به أجدادنا، وأجداد أجدادنا من حرية، قبل ألف سنة، ويزيد.
أعيدونا إلى الوراء.
لا نريد التقدم مزيداً في المستقبل، حتى لا ننحط أكثر، وحتى نستنشق هواء الحرية في عصور الإبداع العربي السالفة، بدون رقيب، أو حسيب.
-3-
إن مصادرة كتاب، وحرقه، أو فرمه، من قبل الدائرة السوداء.. دائرة المطبوعات والنشر، هو اغتيال للثقافة، وبالتالي اغتيال للمثقف بدم بارد.
إن حرمان القاريء الأردني من النتاج الثقافي الأردني والعربي والعالمي، هو تعليق المشانق للثقافة الإنسانية.
إن تقديم شاعر للمحاكمة، والحكم عليه بالسجن بتهمة الإساءة لدين، أو عقيدة، أو مذهب، أو إيديولوجيا، هو قتل للشاعر بدم بارد.
إن مسلخ دائرة المطبوعات والنشر، الذي يحمل جزَّاروه سواطير سفح دماء المثقفين، وإنتاجهم، بدم بارد، هو عار الأردن.
ألم يحن الوقت بعد، على رفع هذه السواطير، من على رقاب المثقفين، بعد مضي أكثر من ستين عاماً على الاستقلال الأردني؟
ألم يبلغ المثقف الأردني والعربي سن الرشد بعد، ولم يعد بحاجة إلى رقيب أو حسيب، وكأنه في يوم القيامة؟
-4-
كتبنا مرة في 3/8/2008 ، رسالة مفتوحة إلى الملك عبد الله الثاني، نلتمس فيها، أن يثبت للعالم ولنا، أن هناك ديمقراطية فعلية على أرض الواقع في الأردن، وليست في الخطب البرلمانية والمناسبات الوطنية فقط، وذلك في مقالنا هنا في quot;إيلافquot; بعنوان: quot;يا جلالة الملك: أغلق هذه الدائرة السوداءquot;. قلنا فيه:
quot;لقد شاعت في العالم العربي طبائع الاستبداد، والظلم، وتضييق الخناق على الثقافة والمثقفين، نتيجة لغياب الديمقراطية، وتأصُّل البُنيّة الاجتماعية الأبوية المتعصبة، التي لا تقبل الاختلاف والمغايرة في الرأي، أو في الموقف، في كافة وجوه الحياة. وبذا، فقد المجتمع الحيوية، وفقد دفق الإبداع. ومما ساعد على الإحباط وفقدان الحيوية، ودفق الإبداع، ما تقوم به دائرة المطبوعات والنشر، من مصادرة للكتب، وحرقها، والاستبداد برأيها، تجاه الآراء والمواقف المختلفة. ودائرة المطبوعات والنشر هذه يا جلالة الملك، من مخلفات الوصاية البريطانية، التي كانت مُهيمنة على الأردن، وانتهت بخروج الجنرال جلوب باشا من الأردن عام 1956، وإلغاء المعاهدة الأردنية ndash; البريطانية، واستقلال الأردن.quot;
ولم يتم إغلاق هذه الدائرة السوداء.. دائرة المطبوعات والنشر.
وظلت مشانق هذه الدائرة السوداء معلقة إلى الآن، تنتظر الضحية القادمة غداً
ويبدو أن لا حياة لمن تنادي.
السلام عليكم.
التعليقات