يخطئ من يظن أن المعركة المستعرة فى مصر حاليا هى معركة سيد القمنى وحده، إنها معركة الدولة المدنية فى مواجهة الدولة الدينية، معركة بين حب الحياة وبين الإزدراء بالحياة الإنسانية، معركة بين التفكير والتكفير، بين المستقبل والماضى، بين إعمال العقل والدوجما، بين المنطق والديماجوجية، بين السلام والإرهاب، بين الإبداع والتحجر العقلى، بين الاستقرار والفوضى، بين العقل النقدى والعقل المتعصب المسطح، بين التنوير والظلام، بين المستنيرين الحقيقيين ومدعى الإستنارة، بين الحداثى والظلامى، بين الليبرالى والاصولى وحليفه الليبرالى المزيف، وما أكثر المزيفين فى مصر حاليا.... باختصار هى معركة حول مستقبل مصر.. وجاء موضوع سيد القمنى ليفجرها فقط فى هذه الفترة الإنتقالية بين نظامين وعهدين فى مصر.
والاخطر إنها ليست معركة كلامية وحسب بل هى معركة تفوح رائحة الدم من كافة جوانبها، ليس فقط عبر التكفير و الإتهام بإزدراء رسول الإسلام،والذى يستوجب نصيا وتاريخيا القتل، وإنما هى تمهد لجولة جديدة أوسع من الإرهاب على مستوى البلد كله أظن إنها بدأت تتحسس طريقها بالفعل.
راجعوا التاريخ الحديث والمعاصر لتعرفوا أن الجماعات الإرهابية ودعاة الدولة الدينية والمتطرفين الدينيين يمهدون للإرهاب بحملات إعلامية واسعة تطول إيمان البشر تمهيدا لإغتيال بعض الشخصيات، ثم موجة أوسع من الإرهاب العشوائى لبث الذعر، ثم محاولة السيطرة على الحكم الذى هو الهدف النهائى لنشاط كل التنظيمات الإسلاموية.
راجعوا ما كان يكتب فى مجلة الدعوة وصحيفة الشعب واللواء الإسلامى والنور وغيرها قبل موجة الإرهاب التى اجتاحت مصر فى ثمانينات وتسعينات القرن الماضى... هل اطلعتم على منشتات جريدة الشعب عن المعجزة الاقتصادية التى قام بها حسن الترابى فى السودان، وعن النعمة والهناء التى يستظل بظلها السودانيون تحت حكم الشريعة فى عهد نميرى، وعن صواريخ سكود الإسلامية التى تدك إسرائيل دكا على يد صدام... وبعد عقدين بدأ المشهد يتكرر بوصف الخراب فى جنوب لبنان وغزة بالنصر الالهى الذى اصاب إسرائيل بالذعر!!!.
نفس الأقلام التى كانت تملأ صحيفة الشعب ومجلة الدعوة باكاذيبها الفجة وتحريضها السافر ضد الآمنيين هى نفس الاقلام التى تحرض على القمنى وغيره الآن.هؤلاء الذين تربوا على صحافة التطرف والاثارة والفجاجة والتحريض هم الذين يديرون المواقع الالكترونية الوهابية والفضائيات المتطرفة التى تسعى لإغتيال الآمل فى مصر.
تكتيكات الإسلاميين لا تتغير ولكن تزداد ضراوتها وشراستها عندما يستشعرون أن الدولة رخوة ويتصورون أن بإمكانهم الإنقضاض عليها.. حدث هذا فى الاربعينات من القرن الماضى من الاخوان المسلمين وتنظيمهم السرى حتى حريق القاهرة عام 1952، حدث ذلك أيضا فى نهاية عهد السادات والذى انتهى بإغتياله ومحاولاتهم الإستيلاء على الحكم الذى انطلق من أسيوط، وحدث ذلك فى عهد مبارك حينما تصوروا بأنه ضعيف ويمكنهم السيطرة على حكمه بالإرهاب أو بإغتياله شخصيا، ولم تكن أديس ابابا هى المحاولة الوحيدة بل هناك عدة محاولات وصلت شراستها إلى محاولة تفجير موكبه عبر نفق فى شارع صلاح سالم... ولكن مبارك كعسكرى متمرس عرف أن معركتة هى معركة حياة أو موت وتكسير عظام... وقد نجح فى تكسير عظامهم وإذلالهم حتى جاءوا له راكعين فى توبة جماعية عبر ما سموه بالمراجعات الفكرية، وما هى إلا إعلان بالهزيمة امام عسكرة النظام... ويحدث ذلك الآن وقد عادوا مرة أخرى لتصورهم بأن النظام فى حالة ضعف شديد وبإمكانهم الإنقضاض عليه،فبدأت موجة جديدة من الإرهاب فى الحسين وفى كنيسة الزيتون وفى محلات الصاغة للأقباط وفى محاولة تفجير المناطق السياحية فى سيناء... نفس السيناريو السياحة والأقباط، وفى تصورى أن هذه الموجة ستزداد إذا تراخى النظام فى مواجهتها. نحن إذن على أعتاب مرحلة جديدة يجب أن ننتبه لمخاطرها جيدا.
للمفكرين الوطنيين الذى يكشفون هؤلاء القتلة نصيب الاسد من جرائم المتأسلمين،وقد طالت محاولاتهم التكفيرية أكثر من خمسين من رموز الفكر فى مصر من طه حسين ومنصور فهمى إلى سيد القمنى وحسن حنفى، ونجحوا فى إغتيال اقوى صوت كان يعريهم ويكشف الاعيبهم الدنيئة وهو الشهيد الوطنى الكبير فرج فودة.
ارجعوا إلى كتابات فرج فودة وكيف كان يكشف تكتيكاتهم فى الإنقضاض على ضحاياهم عبر الكذب الممنهج والشائعات المختلقة.. إنهم يطلقون سحابة كثيفة من الدخان ليعموا بها البصائر والعقول، ينشرون الكذبة ويتركونك تدافع عن نفسك فى مواجهتها، وينثرون الشائعة وعليك أن تفعل المستحيل للسيطرة على اثارها.
أثناء ترشح فرج فودة عن دائرة شبرا وزعوا منشور يصفه بأنه مرشح الشيوعية الملحدة والعلمانية الكافرة والإمبريالية العالمية والصهيونية النجسة!!
وكما يفعلون مع سيد القمنى الآن لا بد من نشر عبارات كاذبة ومختلقة ويتبجحون فى الإشارة إلى مصادر وهمية وصفحات وهمية من كتب الضحية للإيحاء للقارئ بالصدق، والواقع انه سلوك يوضح تبجحهم فى الكذب. كما يقول فرج فودة كانوا يشيرون إلى صفحات وهمية من كتبى ويقولون فرج فودة يصف سيدنا الحسين بأنه عديم الإحساس!!، وبأن استاذه ماركس الملحد الكافر وداروين اليهودى المتعصب. ونفس الكلام كرروه عند محاولة اغتيال اللواء حسن ابو باشا، وزير الداخلية الراحل حيث قالوا إنه رمى المصحف على الأرض وداسه بالاقدام، وأثناء أزمة عميد كلية الطب القصر العينى الأستاذ الدكتورهاشم فؤاد قالوا بأنه نزع النقاب بيده عن وجه الطالبة. وعن الشائعات ضد الأقباط حدث ولا حرج، وقد ذكرت فى مقالة لى عام 2000 أكثر من 30 شائعة مختلقة ضد الأقباط لكى يبرروا بها عملياتهم الإرهابية ضدهم. فى أزمة القمنى قالوا الكثير المختلق، قالوا إنه وصف الرسول بالمزوروالمدلس، وقالوا بأنه قال عن الرسول بأنه رغم أنفه وأنف الذين معه قد وفر الأمان لنفسه بالزواج من خديجة الثرية بعد أن سقى عمها خمرا أسكره!!.. وقس على ذلك العديد من هذه الاقوال المرسلة، ويشيرون إلى مصادر وهمية وهم يعلمون أن الكتب توزع فى أفضل الأحوال عدة الآف فى حين أن الصحف والفضائيات يشاهدها الملايين ولن يتحقق هؤلاء كلهم مما كتبه سيد القمنى.بل لم يتركوا شخصية لها علاقة بالموضوع إلا وكتبوا على لسانها كلام مختلق ومحرف ومنزوع من سياقه.... المهم عندهم تتحقق الغاية.. اعطاء الضوء الاخضر لأى متهور لقتل ضحيتهم... ولا يخجلون من القول إنهم لا يدعون لإغتياله.... هم فقط يكفروه ويتهموا بسب الإسلام ونبى الإسلام!!.
لقد كان المرحوم فرج فودة محقا فى توضيح العلاقة بين الاكاذيب والشائعات وبين الإرهاب بقوله quot;الشائعة هى المدخل الآمن لتنفيذ العملية الإرهابية، ولو قدر للمتطرفين أن ينشئوا مدرسة للإرهاب لكان الدرس الأول فيها: لا تتسرع بإطلاق الرصاص على الضحية، وابدأ أولا بإطلاق شائعة، وتعمد أن تكون فجة ومثيرة مثل تمزيق المصحف أو شتم الحسين أو التباهى بالكفر والإلحاد أو سب الدين الإسلامى.. وسوف تنتشر الشائعة كالنار فى الهشيم، وبعدها لك ان تقدم آمنا مطمئنا على إطلاق النار، وسوف تجد طريقك ممهدا وإرهابك مؤيداquot;.
لقد كشفت معركة سيد القمنى أيضا الخطر الاكبر كذلك من جماعة الاخوان المسلمين على مصر، فتاريخهم فى التكفير لم ينتهى من الخازندار إلى سيد القمنى، ودماء فرج فودة تصرخ فى وجوههم وفى وجه قطبهم الكبير محمد الغزالى..فى حين كما تقول فريدة النقاش فى مجلة الهلال عدد يناير 2006 quot;يرى القطب الاخوانى البارز عصام العريان أن أسامة بن لادن وأيمن الظواهرى هما زعيمان إسلاميان جديران بالاحترامquot;!!.
أسامة بن لادن جدير بالإحترام وسيد القمنى كافر يستحق القتل!!!
هل يتعاطف أحد بعد هذا الكلام مع هذه الجماعة الاصولية السلفية الخطيرة...المفرخة لمعظم جماعات الإرهاب حول العالم؟؟.
حواشى حول شيوع التكفير فى مصر
يتشرف منتدى الشرق الاوسط للحريات بدعوتكم لحضور ندوة بعنوان
التكفير فى مواجهة الابداع
المتحدثون
الاستاذ أسامة انور عكاشة
الكاتب ومؤلف الدراما البارز
الدكتور خالد منتصر
الطبيب والكاتب والإعلامى المعروف
الشاعر حلمى سالم
الكاتب والشاعر المعروف
يدير الندوة
الدكتور امجد خيرى كامل
استشارى الأمراض النفسية
وذلك من الساعة السابعة حتى العاشرة مساء يوم الاربعاء الموافق 12 اغسطس 2009
تعقد الندوة بمقر المركز:45 شارع كيلوباترا مصر الجديدة
للاستفسار رجاء الاتصال بالتليفونات
22905931-22905932-0125226887
إدارة المنتدى
[email protected]
التعليقات