عاش الملايين من عشاق كرة القدم العالمية أجواء منافسة ثنائية ملتهبة لم يسبق لها مثيل في التاريخ الرياضي على مدار ما يقرب من 18 عاماً، بين أحد أفضل الرياضيين في التاريخ، وليس كرة القدم فقط، البرتغالي كريستيانو رونالدو، والأسطورة الكروية الأرجنتيني ليونيل ميسي.

قتلوها بحثاً
لا أتحدث هنا عن تفاصيل المنافسة بين رونالدو وميسي، ومن هو الأفضل، فقد قتل ملايين البشر هذه المقارنة بحثاً، بل عاش الملايين من عشاق كرة القدم حول العالم على وقعها، وأكلوا وشربوا وتنفسوا مقارنة بين الأرجنتيني والبرتغالي، ولكنني هنا أتحدث عن تأثير هذا الصراع المثير جماهيرياً، وإعلامياً، وتسويقياً، وماذا سيحدث غداً.

السر في "الثنائية" لا "الفردية"
المنافسة بين "ليو" و"الدون" لا تتعلق بعدد البطولات التي حققها كل منهما، أو الأهداف التي سجلها، والكرات الذهبية التي حصدها، بل إنه صراع له أبعاد إعلامية وتسويقية قائمة على الجماهيرية المذهلة لهما، وهي في الأساس نابعة ليس من قدرات وتأثير كل لاعب بمفرده فحسب، بل تتعلق بالصراع بينهما، والمدهش في الأمر أنهما لم يتعمدا خلق هذه الأجواء، بل نحن الإعلام، وكذلك الجمهور، هو الذي أشعل هذا الصراع لكي يعيش على وقع قصة مثيرة في كافة تفاصيلها.

مؤثرون أتوا من العدم
استفادت الميديا العالمية من هذا الصراع، وتعمدت تأجيجه لحصد المزيد من المكاسب، كما ربح مؤثرون في عالم السوشيل ميديا أتوا من المجهول كثيراً من قصة ميسي ورونالدو، سواء بجذب المتابعين، أو تحقيق مكاسب مالية، بمجرد الحديث عن "الصراع بينهما" ومن هو الأفضل، وفي حالات كثيرة يتم اختلاق القصص، أو الترويج لقصص "مفبركة" لمدح ميسي، أو التقليل من شأن رونالدو مثلاً، وكذلك على المستوى التسويقي والإعلاني، كان "صراع ميسي ورونالدو" هو الكنز الحقيقي في عالم الرياضة خلال العقد الماضي.

وماذا بعد؟
للقصة بقية، وقد تكون أكثر إثارة بعد اعتزالهما، فالميديا، وأباطرة التسويق والإعلانات لن يتركوا ليو وكريستيانو لحال سبيلهما، حتى لو كان كل منهما يرغب في حياة هادئة لتعويض ما فاته من مباهج الحياة بسبب قيود الاحتراف، وعلى الأرجح سوف نرى لقاءات مدفوعة لهما معاً في أشهر القنوات والمنصات.

وقد يتجه البعض لإنتاج وثائقيات ضخمة عن "حقبة ميسي ورونالدو"، وربما أفلام سينمائية، فالأمر لا يتعلق بقصة منافسة ليس لها نظير في التاريخ بين أيقونتين رياضيتين، بل إنَّ للأمر بعد نفسي واجتماعي، فقد عاش الصراع في قلب وعقل أجيال كاملة، وسوف تجدهم بعد سنوات يقولون وبكل ثقة، من هو مارادونا؟ لا يوجد من هو أفضل من ميسي ورونالدو في التاريخ.