في الفترة الأخيرة، بات على المريض في سوريا اكتشاف الدواء المزور من عدمه بنفسه، لأن في السوق المحلية كميات من الأدوية المزورة والمغشوشة المستوردة، ويتم إيهام المريض المسكين أنَّها الداء الأصلي، وهو دواء مستورد، ولكن سعره أدنى من السعر المعتاد والمتعارف عليه، ما جعل المريض يتساءل عن هذا السرّ في توافره وبكثرة على رفوف الصيدليات، إلا أنه دواء مهرب، ولم يخضع للرقابة الدوائية، أو يسدد لقاء دخوله البلد الرسوم الجمركية التي تُدفع عن الأدوية النظامية المستوردة بطرق سليمة ومشروعة.

الأطباء صاروا يشكون بدورهم للجهات المسؤولة عن أصناف هذه النوع من الأدوية المزورة والمغشوشة، والتي تباع في الصيدليات السورية المرخصة، وصار وجودها فيه ضرر كبير للمريض بدلاً من نفعه، وهذه الأدوية تباع في الصيدليات، وتسبب أحياناً صدمات تحسسية، وفي أحيان أخرى قد تؤدي إلى وفاة المريض في حال استعمالها لعدم صلاحيتها!

إنَّ انتشار هذه الأدوية في المدن والمحافظات السورية بات يُشكل عامل قلق بالنسبة إلى المرضى الذين يحتاجون هذه الأدوية، وصار وجودها لافتاً في محافظتي حلب وحماة على رفوف الصيدليات، وعلى مرأى من الرقابة الدوائية التي تقف مكتوفة الأيدي عن فعل أي شيء، فهي تغط في نوم عميق!، فضلاً عن دوريات الجمارك ورجالها، وهم أيضاً لا حول لهم ولا قوة، يقفون متفرجين حيال ما يحدث، ويشاهدون كل ذلك ولا ينبسون ببنة شفة، بل يشجعون على وجودها معتبرين أنَّ هذه الأدوية المهمة والأساسية للمرضى سياحية، غير مكترثين بحياة المريض وسلامته، وهو أكثر من يعاني من هذه المشكلة القائمة التي لم تحل، بل بقيت تزداد تفاقماً والأطباء يشكون حال مرضاهم ولا حل يلوح في الأفق، وكل هذا نتيجة للرغبة في الكسب المالي غير المشروع على حساب المرضى. وتم ضبط العديد ممن يروّجون لهذه الأدوية في مدينة حلب على وجه التحقيق، وهناك غيرهم يتوزعون في أغلب المحافظات السورية يتاجرون بهذه الأدوية المزورة والمغشوشة!

إقرأ أيضاً: هل تتمكن الحكومة السورية من شراء قمحها؟!

الدواء المهرّب يُعتبر مجهول المصدر، ولا يخضع للتحاليل في مخابر مديرية الرقابة والبحوث الدوائية التابعة لوزارة الصحة السورية، أضف إلى أنه يجب أن تكون آلية تخزين الدواء المهرب غير مجهولة، بل يجب الوثوق بمكانها. وتؤكد مديرية الرقابة والبحوث الدوائية في وزارة الصحة أن تعاميم عدة بسحب وإتلاف الأدوية المزورة صدرت، كما تمّ وبشكل دوري التأكيد على الصيادلة ومراكز توزيع الدواء بعدم تداول الأدوية غير المسجلة والمجهولة المصدر والتأكيد على المنتج الأصلي للمستحضر في حال الشك بوجود تزوير وعدم استجرار المستحضرات الدوائية والصحية إلا من قبل الوكلاء المعتمدين في المحافظات، وعدم اقتناء الأدوية مجهولة المنشأ أو المزورة وإعلام نقابة الصيادلة ووزارة الصحة في حال وجود أي مستحضر غير نظامي، بسبب خطورة هذه المستحضرات وعدم فعاليتها بالصورة المطلوب منها أن تكون. في حين أن الدواء المستورد بشكل نظامي هو دواء موثوق طالما أنه مسجل، وتم تحليله ومتابعته، وتتم مطابقة الشحنة الواصلة مع المصدر المسجل في وزارة الصحة، أضف إلى تمييزه عن طريق اللصاقة الليزرية.

إنَّ قانون تنظيم تجارة الأدوية البشرية والكيماوية الصادرة برقم 24 لعام 2010 ينص في مواده حال ضبط ترويج وتصنيع وبيع لأدوية المزورة يعاقب المخالفين، وكل من اشترك عن قصد بتزوير المنتج الطبي أو الاتجار به بالأشغال الشاقة من خمس إلى عشر سنوات، وبغرامة تعادل ضعف قيمة المواد المصنعة على أنها صحيحة، على ألا تقل الغرامة عن خمسة ملايين ليرة سورية، وفي حال تسبب المنتج الطبي المزور بالوفاة، أو أحدث عاهة دائمة، أو أثر على صحة الأشخاص، يحكم بالأشغال الشاقة عشرين سنة وبغرامة تعادل ضعفي قيمة المواد المصنعة على أنها صحيحة، على أن لا تقل الغرامة عن عشرة ملايين ليرة سورية، كما يعاقب بالأشغال الشاقة من ثلاث إلى خمس سنوات، وبغرامة تعادل ضعفي قيمة المواد المصنعة المزورة للعموم، على ألا تقل عن مليون ليرة سورية، كل من تدخل عن قصد في تصنيع المنتج الطبي المزور أو تجهيزه أو تعبئته أو تغليفه أو نقله أو الاتجار به أو توزيعه. فضلاً عن إيقاع العقوبة على كل من قام بترويج الدواء أو الإعلان عنه، وهو يعلم أنه مزور بالحبس مدة لا تقل عن سنة، ولا تزيد على ثلاث سنوات، وبغرامة مئة ألف إلى مئتي ألف ليرة سورية، ناهيك عن أنه، وكما نص قانون تنظيم تجارة الأدوية البشرية والمواد الكيماوية في سورية أن كل من تاجر بمنتج طبي غير مرخّص، أو مسجل أصولاً واستيراداً أو تصديراً أو بيعاً أو شراءً من دون ترخيص، أو من دون موافقة الوزارة يعاقب بالحبس بما لا يزيد على سنة وبغرامة تعادل ضعفي قيمة المنتج الطبي على ألا تقل عن مائة ألف ليرة سورية.

إقرأ أيضاً: الأم الصغيرة

ويظل السؤال هو كيف يتمّ تمريق هذه الكميات من الأدوية المزورة والمغشوشة وتوزيعها على رفوف الكثير من الصيدليات والموزعين ومستودعات الأدوية، وهي تهدد حياة المرضى؟!