واحد من أهم وأكثر المواضيع حساسية في إيران بعد إسدال الستار على النظام الديني المتطرف الحاكم في إيران هو المسألة العرقية في هذا البلد.

لم يسر نظام الشاه خطوة واحدة في اتجاه معالجة هذا الموضوع، بل اعتبر مجرد التصدي له وطرحه خيانة تستوجب الموت عقوبة. ولم يختلف نظام الملالي عن سلفه نظام الشاه في هذا التناول؛ بل يمكن القول إنهما، فيما يتعلق بهذا الموضوع وبالعديد من المواضيع المهمة والحساسة لدى الشعب الإيراني، وجهان لعملة واحدة.

أكثر ما يجعل موضوع الأقليات العرقية في إيران ذا حساسية خاصة هو أنَّ الأقليات العرقية، بالإضافة إلى شعورها ومعاناتها من الظلم والاضطهاد العام السائد لعموم الشعب الإيراني، تعاني أيضًا من الاضطهاد العرقي، مما يضاعف مقدار الظلم والاضطهاد الواقع عليها. ولذلك، فإن هذا الموضوع يكتسب أهمية متزايدة عاماً بعد عام، ويُفرض نفسه بقوة.

الملفت للنظر هو أنَّ هذا الموضوع لم يكن حساسًا وخطيرًا بالنسبة إلى نظام الشاه ومن بعده نظام الملالي، بل كذلك لعموم المعارضة الإيرانية، خاصة بعد أن أصبح مجرد طرحه من قبل أي طرف في المعارضة الإيرانية يُعتبر سعيًا لتفتيت إيران والإضرار بوحدة ترابها الوطني. ولذلك، فقد أصبح من الموضوعات المحرمة التي لم تتجرأ أي معارضة إيرانية على طرحها أو التطرق إليها. إلا أنَّ المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، الذي يعد المعارضة الرئيسية لنظام الملالي، قد كسر هذا التابو وقام بما لم يجرؤ عليه أي نظام أو معارضة سياسية في إيران.

لم يتصدى المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية لطرح هذا الموضوع فقط، بل خطا خطوة لم يجرؤ أي طرف سياسي على القيام بها، حين اعترف به كأمر واقع يستوجب معالجته من خلال مشروع قانون للحكم الذاتي الذي تم طرحه في البداية للمناطق الكردية في إيران، ثم اعتُبر نموذجًا يمكن سحبه على باقي المناطق العرقية الأخرى. وقد فاجأ هذا الأمر النظام والكثير من الأوساط السياسية، بما في ذلك بعض الأطراف في المعارضة الإيرانية، حيث تم وصفه بمختلف الأوصاف المشبوهة، لأن ذلك كان يتلاقى مع رؤية النظام السلبية تجاه المجلس وسعيه لإعاقة عمله.

موضوع الأقليات العرقية في إيران كان من بين المواضيع الساخنة التي تناولتها في لقاء صحفي مفصل أجريته مع محمد محدثين، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، ونشرته في صحيفة "السياسة" الكويتية أواخر عام 2017، عندما كان مدير تحريرها المرحوم شوكت الحكيم. في هذا اللقاء، الذي خصص الجزء الأكبر منه للحديث عن المسألة العرقية في إيران، أكد محدثين أن المجلس الوطني لم يتصدى لهذا الموضوع لدواعٍ إعلامية أو لكسب سياسي محدد، بل لأنه يؤمن بأنها مشكلة قائمة ويجب الاعتراف بها ومعالجتها كغيرها من المواضيع الحساسة الأخرى في إيران التي بقيت دون معالجة طوال عهد الشاه البائد والعهد الحالي. وأوضح أن المجلس لا يتعامل مع الأعراق المختلفة بمنطق الأخ الأكبر، بل بمنطق المساواة، وأن جميعنا ضمن الشعب ذاته ونتشارك الحقوق والواجبات نفسها.