أصدر الرئيس محمود عباس مرسوماً رئاسياً يقضي بتولي رئيس المجلس الوطني الفلسطيني مهام رئاسة السلطة في حال شغور المنصب، ولمدة لا تتجاوز تسعين يوماً قابلة للتجديد مرة واحدة بقرار من المجلس المركزي الفلسطيني. يهدف هذا الإجراء إلى ضمان بقاء اختيار رئيس السلطة بيد الشعب الفلسطيني عبر مسار الانتخابات، كوسيلة وحيدة لانتخاب رئيس دولة فلسطين. وأكد المرسوم أن ولاية رئيس المجلس الوطني تقتصر على تسعين يوماً، تجدد لمرة واحدة إذا تعذرت الانتخابات.
يستند هذا المرسوم إلى النظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، الذي يعد المرجعية القانونية لأي إجراء في الهيكل القيادي الفلسطيني. وفي ظل غياب المجلس التشريعي الفلسطيني، يعتبر رئيس المجلس الوطني الفلسطيني البديل الشرعي لرئاسة السلطة في حال شغور المنصب، إلى حين إجراء انتخابات رئاسية.
المجلس الوطني الفلسطيني هو الهيئة التمثيلية التشريعية العليا للشعب الفلسطيني داخل فلسطين وخارجها، بما يمثله من وحدة الفلسطينيين بمختلف شرائحهم وأطيافهم. هذا الدور يفرض على الأطراف السياسية الفلسطينية العودة إلى المؤسسات الوطنية التي تضمن استمرار العمل ضمن إطار جامع وشامل، وتحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. كما أن هذه الخطوة تهدف إلى منع أي محاولات لاستحداث مناصب أو تطويع المؤسسات الفلسطينية وفق حسابات إقليمية أو دولية تحت شعارات إصلاحية، مع التأكيد على أن الشعب الفلسطيني وحده هو من يملك قرار اختيار قيادته وممثليه.
إقرأ أيضاً: السياسة الفلسطينية بين الوطن والدولة
تأتي هذه الإجراءات كرسالة للمجتمع الدولي، خاصة في أعقاب تداعيات السابع من تشرين الأول (أكتوبر) على القضية الفلسطينية، لتؤكد قدرة الفلسطينيين على تقرير مصيرهم عبر مؤسساتهم الديمقراطية. كما تعكس رؤية الرئيس عباس للإصلاحات بما يتماشى مع المصالح الفلسطينية، حيث تم تعيين حكومة تكنوقراط برئاسة الدكتور محمد مصطفى، لتوفير بديل دستوري في حال شغور منصب الرئيس، ما يعني عملياً إيجاد نائب لرئيس السلطة بشكل غير مباشر.
تتماشى هذه الرؤية مع مطالب المجتمع الدولي الداعية إلى إصلاحات فلسطينية، لكنها تحفظ وحدة القرار الوطني وتحمي النظام السياسي من أي فراغ. ويرتبط ذلك بشخصية رئيس المجلس الحالي، روحي فتوح، الذي يُشهد له بدوره البارز في تقوية النظام السياسي الفلسطيني.
إقرأ أيضاً: مستقبل غزة يبدأ بنهاية حماس
تشكل هذه الخطوات استجابة للتحديات التي تفرضها سياسات حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية، التي تسعى إلى توسيع السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية بدعم ضمني من إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. ويؤكد هذا الواقع ضرورة إعداد أرضية دستورية صلبة تضمن استمرارية المشروع الوطني الفلسطيني القائم على تحقيق دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران (يونيو) 1967.
التعليقات