أشرف عبد الحميد من القاهرة: يعتبر الفنان محمد هنيدي صاحب الانطلاقة الاولي لسينما الشباب، التي حققت انتعاشة‮ ‬غير مسبوقة في الواقع السينمائي المصري . بعد ان كانت السينما تلفظ انفاسها الاخيرة،‮ ‬وقدم هنيدي علي مدار عشر سنوات مجموعة متنوعة من الافلام الكوميدية والوجوه السينمائية التي ارتقت مقاعد النجومية ، وتصدرت اسماؤها افيشات السينما المصرية .ورغم ان فيلمه الاول حقق ايرادات‮ ‬غير مسبوقة في تاريخ السينما المصرية إلا أن باقي أفلامه تذبذب مستواها من حيث الايرادات ولكنه عاد إلي عرشه مرة اخري بفيلمه الجديد‮: ‬quot;رمضان مبروك ابو العلمين حمودةquot;،‮ ‬الذي حقق في اسبوعه الاول ثمانية ملايين جنيه‮.. ‬هنيدي ضيف ايلاف في هذه المساحة يحدثنا عن الفيلم الذي أعاده لعرش الكوميديا من خلال هذا الحوار‮.. ‬
قدمت العديد من الشخصيات في افلامك لكنك في هذا الفيلم تقدم شخصية مدرس متعصب للغة العربية فهل قصدت هذا الاختيار؟‮ ‬
اختياري كان للشخصية لا لمهنتها،‮ ‬ففي البداية كنت اتمني ان اقدم شخصية فلاح في عمل سينمائي لانني قدمت شخصية الصعيدي بشكل يجعلني أقرب إلي أهل الصعيد،‮ ‬كما قدمت شخصيات عادية لطبقات كادحة وكان همي خلال عدة سنوات هو أن اجد سيناريو يقدمني كفلاح للجمهور وعندما التقيت بالكاتب يوسف معاطي وسألني عن الشخصية التي أحب ان أقدمها صارحته بذلك،‮ ‬فقال إنه يحضر لفكرة بطلها فلاح يعمل مدرسا للغة العربية فتحمست للمشروع وبدأنا نتحدث عن الفكرة ونعمل عليها حتي انتهي السيناريو تماما‮.‬ وهل كنت تتوقع نجاحك في اداء شخصية الفلاح كيف توصلت إلي الشكل الذي ظهرت به الشخصية؟‮ ‬
النجاح بيد الله وحده،‮ ‬وقد كنت مضطربا للغاية قبل العرض الخاص وتخوفت من رد فعل الجمهور رغم اني تعبت جدا في هذا الفيلم الذي استغرق التحضير له عاما كاملا وقد بدأت الاعداد لشخصية رمضان منذ اللحظة الاولي حتي أنني كنت أتحدث إلي يوسف معاطي ووائل إحسان بشخصية وطريقة رمضان أبوالعلمين كما عقدت جلسات مع quot;الستايلستquot;داليا يوسف لأختيار ملابس رمضان ثم اخترت تسريحة الشعر. وباقي التفاصيل اقتربت منها من خلال السيناريو ومعايشتي لبعض النماذج التي رأيتها في حياتي اليومية. وقد يكون الفيلم استغرق وقتا كبيرا في التحضير ولكن هذا لأن السيناريو الجيد يستغرق وقتا خاصة مع مؤلف مثل يوسف معاطي يجعلك تعيش الحالة ويحب الشخصية كما تحبها تماما‮.‬
رغم ان الفيلم كوميدي إلا ان هناك بعض المشاهد الانسانية التي قدمتها في الفيلم فهل كانت هذه المشاهد أصعب بالنسبة لك؟‮
أصعب مشاهد الفيلم من وجهه نظري كان مشهد الغرفة التي حبس فيها المدرس من قبل تلاميذه.فبعيدا عن الجهد الكبير في الأداء التمثيلي فقد صور هذا المشهد في أحد أيام شهر رمضان حيث بدأنا بعد الافطار واستمر التصوير حتي العاشرة من صباح اليوم التالي مع اصرار وائل احسان علي الحصول علي لقطات مختلفة من عدة زوايا،‮ ‬لأن المشهد يعبر عن لحظة سقوط المدرس،‮ ‬والجميل ان المشهد لم يعتمد علي الحوار بقدر اعتماده علي الاداء التمثيلي والفيلم حقق هذا النجاح لأن وراءه فريق عشق الحالة وقدمها بإخلاص وأحب ان اشكر يوسف معاطي ووائل احسان وكل من عمل في الفيلم علي جهودهم العظيمة كما ان الفيلم تكلف الكثير من حيث الانتاج لأن معظم مشاهد الفيلم تم تصويرها داخل ديكورات بداية من المساكن حتي الفندق والمسرح،‮ ‬الذي قدمت عليه سيرين عبد النور أغنياتها والعبقرية في الانتاج ظهرت في مشهد المدرسة الذي شارك فيه الف طفل والتنظيم كان جيدا والسيطرة علي هذا العدد كانت في‮ ‬غاية الصعوبة لكنه مر بسلام‮ ‬ ولكن بجانب المشاهد الداخلية قمتم بتصوير العديد من المشاهد الخارجية في مناطق ريفية فهل استفدت من وجودك بين الفلاحين في تقديم شخصية رمضان؟‮ ‬ بالنسبة للمشاهد الخارجية فقد صورنا معظمها في قرية السعودية بالعياط بينما كان بيت رمضان في منطقة ناهيا التي أحب أهلها الفيلم وفريق العمل وساعدونا كثيرا حتي ان بعضهم شارك في مشاهد الفيلم مثل مشهد الخطوبة،‮ ‬واصعب المشاهد التي اقدمها في اي عمل هو مشهد البداية في اول يوم تصوير لذلك اختار لي وائل احسان مشهد احبه كثيرا وهو مشهد محو الامية الذي صورناه في هذه المنطقة واختزلنا منه الكثير رغم ان المشهد كان يحمل دفقة كوميدية عالية لكن موضوع الفيلم اهم من الضحك رغم ذلك،‮ ‬فقد اعجب الجمهور كثيرا‮. ‬

اذا تحدثنا عن الموضوع الذي يطرحه الفيلم هل تري اننا في حاجة لمناقشة قضية التعليم في الوقت الحالي وكيف تري ازمة التعليم في مصر؟
هذا الفيلم جاء في وقته تماما لأن الفترة الماضية شهدت ظهور العديد من المشكلات في الوسط التعليمي وكان موضوعنا موفقاً‮ ‬في عرض هذه القضية التي لم تكن بمفردها ضمن الاحداث ولكننا اعتمدنا علي عدة رسائل موجهة بطريقة‮ ‬غير مباشرة سبب ازمة التعليم الحقيقية في مصر هو‮ ‬غياب علاقة الحب والاحترام بين الاستاذ والطلبة وحرص المدرس علي الطلبة وهو ما حاولت تقديمه من خلال شخصية رمضان الرجل الشديد المتفاني في عمله الذي يحمل ضميرا يقظا بين ضلوعه‮.‬


وهل ترى ان‮ ‬غياب علاقة الاحترام بين الطرفين ترجع لتحول فئة من المدرسين إلي تجار علم يبذلون جهدهم لمن يدفع الثمن؟‮ ‬
لا استطيع ان اصف المعلمين بانهم تجار علم ولكن الكثير منهم يلجأ للدروس الخصوصية حتي يحسن دخله،‮ ‬ويجب ان يكون المعلم علي مستوي الظروف المعيشية السائدة في المجتمع ويملك دخلا جيداً‮ ‬حتي يستطيع العطاء وهناك الكثير من المعلمين يلجئون للدروس الخصوصية مضطرين وأري ان هناك تطوراً‮ ‬في العملية التعليمية وهناك التفات إلي ظروف المعلمين في الفترة الاخيرة بعد اقرار كادر المعلمين فهناك خطوات ايجابية يتم اتخاذها لاصلاح الامر وبالتالي اصلاح منظومة التعليم في مصر‮.‬ الفيلم اقترب من السياسة في تعرضه لأبناء الوزراء.
‮ ‬ولكن هل حاول السيناريو مهادنة الوزراء بإظهار عدم رضاهم عن تصرفات ابنائهم؟‮ ‬
لا توجد مهادنة للوزراء في الفيلم لانه يتحدث عن التعليم في المدارس الحكومية والمدارس الخاصة ويلقي برسائل ساخرة إلي الوزراء من خلال كوميديا‮ ‬غير مبتذلة شارك فيها الابناء مع المدرس مثل موضوع السحابة السوداء التي تحدث عنها المدرس لإبن وزير البيئة او المستشفيات التي تحدث عنها لابن وزير الصحة فلم يكن في اذهاننا ان نهادن او نهاجم ولكن كل ما هنالك اننا نقدم عملا يعبر عن ازمات المجتمع بشكل كوميدي‮. ‬

البعض تساءل عن سبب اختيار سيرين عبد النور لدور البطولة،‮ ‬فهل تري انها كانت موفقه وماذا عن مشاركة الفنانة ليلي طاهر في الفيلم؟‮ ‬ اختيار سيرين عبد النور كان اختيارا موفقا للغاية لان الدور يتطلب مشاركة مطربة لبنانية وهي مطربة حققت نجاحا كبيرا في مجال الغناء كما تجيد التمثيل ايضا ورأيي فيها انها ممثلة مجتهدة وملتزمة ولم تكن شخصيتها مقحمة علي العمل فقد عملنا علي تكثيف الفيلم الذي اختصر منه وائل احسان الكثير حتي انه لجأ لاستخدام لقطات الفوتو مونتاج لاختزال بعض المشاهد كما ان ترشيح الفنانة الكبيرة ليلي طاهر لدور الام كان ترشيحا موفقا خاصة واننا فكرنا كثيرا فيمن يقدم هذه الشخصية لأن عدد الامهات في مصر قليل وبعد اسناد الدور اليها كان رد فعلها جميلا مع الالتزام التي تتميز به حتي انها كانت تعمل عدد ساعات كثيرة دون شكوى او ملل هذا بالاضافة لتميز المشاركين في هذا العمل مثل ضياء الميرغني وعزت ابو عوف ومحمد شرف والشباب عمر مصطفي متولي وطارق الابياري وامير المصري وقد منحتهم افيهات وطلبت منهم ثمنها في العرض الخاص بعد رد فعل الجمهور الجميل علي ادائهم‮. ‬

بعد نجاح فيلم رمضان العلمين اعلنت انك ستقدم جزءاً‮ ‬ثانياً‮ ‬من الفيلم بنفس الشخصية الا تخشي من تكرار الشخصية واستغلال نجاحها في عمل جديد؟‮ ‬

فكرة تقديم جزء ثان من رمضان مبروك ابو العلمين حمودة كانت للكاتب يوسف معاطي الذي يري انه من الظلم قتل رمضان في الوقت الحالي بعد ان تعلق به الشباب كنموذج جيد وايجابي لذلك اراد ان يقوم رمضان بمخاطبة الشباب في موضوعات اخري بعيدا عن موضوع التعليم وكلها موضوعات تهم الشباب ولا اري ان تكرار اداء الشخصية قد يضر بي لأن الشخصية تخرج من خلال موضوع قوي والموضوع هو الاهم لا الشخصية فلولا وجود موضوع جيد وسيناريو قوي لما حقق فيلم‮ quot;‬مبروك‮quot; ‬هذا النجاح‮ .

‬ هل هناك فرق في شعورك بنجاح رمضان مبروك عن فيلم صعيدي في الجامعة الامريكية،‮ ‬وهل الايرادات هي الفيصل بالنسبة لك؟

‬ بالطبع انا سعيد بنجاح فيلم رمضان مبروك واعتبر هذا النجاح اهم من نجاح‮ quot;‬صعيدي في الجامعة الامريكيه‮quot; ‬لان ايراداته في الاسبوع الاول بلغت ثمانية ملايين جنيه والايرادات تعني جمهور وسط عدد الافلام المنافسة فنجاح فيلم‮ quot;‬صعيدي‮quot; ‬لم يكن قائماً‮ ‬علي المنافسة لأن السينما لم تكن تقدم‮ ‬غير فيلم‮ quot;‬اضحك الصورة تطلع حلوه‮quot; ‬بالاضافة لفيلمي وقت طرحة ولكن السينما الان اصبحت صناعة كبيرة والمنافسة لم تعد سهلة‮. ‬ وهل ترجع عدم ارتفاع ايرادات افلامك السابقة إلي شدة المنافس ام هناك اسباب اخري؟‮ ‬ دائما ما يحصل الفنان علي خبرة من التجارب التي يمر بها حتي يصل إلي النتيجة التي ترضيه كفنان وهي نعمة من الله والممثل يقدم فيلما ويبذل فيه الكثير من الجهد ولكن الظروف تحول دون نجاحه رغم الجهد المبذول فيه وما يتحكم في الامر مجموعة من الظروف التي لا أحب الكلام عنها حتي لا يقال إنني أبحث عن تبرير ولكن الاهم من الازمات هو ان نقدم عملا جيدا حتي لو لم يبقي الفيلم في السينما لأسبوع واحد لأنه سيبقي في ذاكرة الجمهور وذاكرة السينما‮.‬