عندما هربت فاطمة من بيت اهلها في ولاية اوهايو بعد اعتناق الديانة المسيحية قالت للصحفيين ان عائلتها المسلمة ستقتلها لكونها مرتدة إذا عادت الى البيت. وسرعان ما تلقفت وسائل اعلام الحادث مصورة اياه quot;صدام حضاراتquot;.
اعتبرالمعلقون ان محنة المراهقة فاطمة رفقة باري التي تقول ان والدها هددها بالقتل بعد اعتناق الديانة المسيحية ، وهروبها من اوهايو الى كاليفورنيا ، تأتي في اطار تحدٍ جديد ومتعاظم يواجه القضاء الغربي ، وهو التوفيق بين شرائع الشرق الثقافية والدينية المتزمتة والحريات الغربية في ممارسة الشعائر الدينية والضمانات التي تكفل عدم التمييز بين الجنسين. نوني درويش ناشط اميركي من اصل مصري ومسلم سابق يعمل في مجال حقوق الانسان ، وهو يقول ان كثيرا من المسلمين الذين يغادرون الشرق الأوسط الى الغرب ظنا منهم بتوفير الحماية لهم هناك quot;نكتشف في اميركا اننا لسنا محميين لأن الاسلام الراديكالي يلاحقنا هناquot;.
في غضون ذلك قرر قاض في ولاية فلوريدا هذا الاسبوع ان على فاطمة ان تعود الى بيتها في اوهايو رغم انها ستبقى لفترة من الوقت مع عائلة أخرى تتولى رعايتها. وفي ولاية اوهايو دافع حاكمها الديمقراطي تيد ستريكلاند عن حق عائلة فاطمة في استعادة ابنتها فيما اعرب حاكم فلوريدا الجمهوري تشارلي كريست عن تحفظه بشأن سلامتها في بيت اهلها. ولكن تحقيقين اجرتهما الشرطة في فلوريدا واوهايو لم يجدا اساسا يُعتد به لإدعاء فاطمة بأنها ستُقتل إذا عادت الى اوهايو. وقال محامي العائلة ان فاطمة تقود فريقا من البنات المشجعات في المباريات الرياضية وان اشقاءها وشقيقاتها مندمجون تماما بالمجتمع الاميركي. وجاء في تقرير شرطة فلوريدا ان مخاوف فاطمة quot;تبقى ذاتية ومن باب التكهنquot; وخلص الى انه quot;ليست هناك مؤامرةquot; يدبرها افراد عائلتها لممارسة العنف ضدها.
ولكن صحيفة quot;كريستيان ساينس مونترquot; تنقل عن خبراء قولهم ان مخاوف فاطمة تعكس واقعا ثقافيا تقع على المحاكم الغربية مسؤولية في مواجهته. وهم يشيرون الى جرائم الشرف في بعض المجتمعات الاسلامية والشرقية المحافظة حيث تُقتل المرأة التي تخرق المواضيع الثقافية لجلبها العار على العائلة. ومثل هذه الجرائم يقترفها عادة افراد العائلة نفسها وتتعلق بقضايا العفة والزواج وان ارتبطت بالارتداد عن الديانة الاسلامية ايضا في بعض الحالات ، بحسب quot;كريستيان ساينس مونترquot;.
يقدر صندوق الأمم المتحدة للسكان ان 5000 جريمة شرف تُتركب سنويا في انحاء العالم. وبدأت بلدان غربية ذات جاليات كبيرة من المهاجرين المسلمين هي ايضا تشهد جرائم الشرف في السنوات الأخيرة. إذ ارتُكبت 20 جريمة شرف على الأقل في الولايات المتحدة وكندا خلال السنوات العشر الماضية. وتُعامل مثل هذه الجرائم عادة بوصفها جرائم قتل ولكن مكاتب الادعاء العام في بريطانيا بدأت الآن تلقي نظرة أعمق على الجوانب الثقافية لهذه الجرائم. ويقول امين محمد المحلل النفسي والخبير بجرائم الشرف في جامعة ميموريال في اقليم نيوفاوندلاند الكندي quot;ان المشكلة تتمثل في ان جريمة الشرف هي نتاج سياق ثقافي وحالة ذهنية يجيئون بها معهمquot;. وشدد محمد على ان النظام القانوني يجب ألا يتساهل أو يمارس العفو أو اللين أو المراعاة تجاه quot;الثقافة الاسلاميةquot; في مثل هذه الجرائم.
من جهة اخرى تؤكد منظمات مسلمة ان جرائم الشرف لا تمت بصلة الى الاسلام وان الزعم بأنها جزء من الثقافة الاسلامية انما هو افتراء من وسائل اعلام غربية. وهذه على وجه التحديد هي الحجة التي قدمها مجلس العلاقات الاميركية الاسلامية الى القضاء في ولاية فلوريدا. وقال رومين اقبال محامي عائلة فاطمة الذي يعمل موظفا في المجلس ان مثل هذه الجرائم جرائم quot;ثقافية وعشائريةquot; ولا علاقة لها بالممارسة الدينية في الاسلام.
اصبحت قضية فاطمة بؤرة توتر ديني حيث تدافع منظمات مسلمة عن موقف العائلة فيما تلتف جماعات مسيحية حول موقف المراهقة.في المحكمة قرر القاضي دانيل دوسن ان ينحِّي دلالات الحرب الثقافية للقضية جانبا ويركز على ما هو في مصلحة الفتاة. وتتوقف عودة فاطة الى اوهايو الآن على تسلم القاضي اوراق الهجرة من والديها السريلانكيين. وإذا عادت القضية الى اجراءات الابعاد عن الولايات المتحدة تستطيع فاطمة ان تطلب منحها اللجوء السياسي في اميركا.
ايلاف - قسم الترجمة
التعليقات