أبدى العديد من العراقيين أسفهم للواقع الذي عاشت فيه الفضائيَّات أيام عيد الفطر لما قدمته من برامج ترفيهيَّة، مؤكِّدين أنها كانت ساعات من الإسفاف والتهريج غير المبرمج أو الخاضع للرقابة الذاتيَّة، خصوصًا مع الأغنيات الهابطة المستوى التي قدمت طوال ساعات البث إضافة إلى الشعر الشعبي الذي غزا الشاشات.


بغداد: أعرب عدد من العراقيين عن أسفهم لتردي الذائقة لدى القنوات الفضائية العراقية وبعض المحسوبين على الفن المشتركين مع تلك القنوات في تقديم السيئ من البرامج والكوميديا وصولاً الى المسرحيات التي تقدم على المسارح، ويمكن وصف الترفيه المقدم بالساذج والسطحي والخادش للحياء، حيث لا تتم مراعاة الذوق والاخلاق، ظنًا منهم أن ما يقدمونه يستقطب جمهورًا أكبر، وهو ما ينذر بوجود أزمة بين معدي البرامج والمخرجين ومقدمات البرامج والمقدمين.

اتصل بنا عدد من المواطنين للتعبير عن استيائهم مما راحت تتنافس عليه القنوات الفضائية من خلال استضافة المغنين الشباب الذين ينتمون إلى الموجة المذمومة في برامج العيد، والترويج لاغانيهم الغريبة في كلماتها وألحانها، تصاحبها النكات التي لا يضحك لها سوى الذين يطلقونها، أو الأجساد الراقصة على موسيقى الصخب، ما يسيء الى إحساس الإنسان وكرامته وقيمته الثقافية، مؤكدين أن هؤلاء المغنين يتعرضون طوال السنة الى أشد حالات النقد، ولكن الغريب ان الفضائيات تحتضنهم لتنشر أغانيهم في الأعياد.

قال المخرج الإذاعي والناقد الفني فائز جواد: برامج العيد تدخل في خانة البرامج المنوعة، وفرضت علينا قنوات ببرامجها نكاتًا وأحاديث تتضمن جملا مخجلة تنطلق من اسماء لم نسمع بها في مجال الشعر بأنواعه، وللأسف فرضت بعض القنوات علينا مواقف يعتقد البعض أنها طريفة ومضحكة وفي الواقع هي مخزية ومخجلة، وفرضت علينا رقصات وهز الصبايا اللواتي يرافقن بعض الفنانين الضيوف، ويبدو أن رقابة البرامج التي تجيز نصوصًا وبرامج وتوافق على أسماء فنانين وشعراء وإعلاميين لم تكن حاضرة فعليًا للخروج ببرامج تستحق العرض والمناقشة.

فيما قالت علية حسن طالبة في معهد إعداد المعلمات: بسبب ظروف خاصة وزحام الشوارع لم تسنح لي الفرصة لمغادرة البيت لذلك لجأت الى التلفزيون، وللأسف وجدت أن محطاتنا لا تعرف كيف تحتفل بالعيد، فهناك قنوات استمرت في تقديم المسابقات، وقنوات استضافت مغنين يقدمون فنًا هابطًا، والغريب أن هؤلاء المغنين يتعرضون للإنتقاد دائمًا ولكن القنوات تروج لهم في الأعياد، إذ يبدو أن القنوات الفضائية ليس لديها ما تملأ به ساعات البث سوى هذا التهريج.

وقال الصحافي مؤيد عبد الوهاب: بعد أن تخلصنا من إسفاف الكوميديا في شهر رمضان وجدنا أنفسنا أمام انحطاط الأغنيات التي قدمتها القنوات في العيد، ولا أجد تفسيرًا لهذا الخراب الذي يسود الذائقة الى حد كبير، وكأن القنوات كانت صائمة عن تقديم الأغاني الهابطة وجعلها العيد تفطر على البذاءة والإنحطاط في البرامج، للأسف نحن لا ننتج برامج تليق بالمشاهد العراقي، والعقلية التي تتحكم فاقدة للذوق.

وقالت نجاة البغدادي (موظفة): منذ أولى ساعات العيد وأنا أبحث في القنوات العراقية عن برنامج ممتع، لكن للأسف لم أجد طلبي، وكل ما شاهدته هو إعادة للأغاني الهابطة واستضافة مغنين غالبًا ما يتعرضون للنقد، وأعتقد أن الموضوع له علاقة بتردي الذائقة السائدة التي تتحمل مسؤوليتها الفضائيات عبر إتلاف أدمغة الشباب بتفاهة الكلمات التي تشبه فايروسات معدية.

وقالت فاطمة سالم: لدينا العديد من القنوات ولكن للأسف أساليب التسلية فيها رديئة والاغاني التي تقدمها سيئة الى درجة الانحطاط، وهذا إن دل على شيء فيدل على أن الفضائيات يقودها أميون أو أجندات خارجية تريد ان تجعل الذوق العراقي في أسفل السافلين.

وقال أحمد حسين: هذه البرامج التي قدمت للناس خلال أيام العيد هي من عوامل الخراب الثقافي الذي يصيب البلد، وأكدت هذه القنوات شعارها التجاري معلنة إسفافها لعدم وجود الحسيب والرقيب، والمشاهد العراقي لا يسمع ولا يرى إلا السوء والإسفاف والكلام التافه والمقزز، وأعتقد أن القائمين على هذه الفضائيات لا يمتلكون أية ذائقة.

وأشار الكاتب ستار محسن علي: أنا مع غزارة الإنتاج الذي آمل أن ينتج برامج ذات نوعية، لكن المشكلة أن اغلب البرامج العراقية في العيد تفتقر إلى الإعداد الجيد، ولذلك جاءت مفربكة ومرتبكة وتعتمد الإضحاك فقط من دون أن تراعي عامل إفادة المتلقي، كما اعتمدت على لغة رخيصة نتحاشاها في جلساتنا، فماذا لو طرحت على القنوات المرئية، ولا ننسى اعتماد مبدأ المراهنات الذي اصبح القاسم المشترك لأغلب القنوات، هناك برامج جميلة تستضيف كوادر الأعمال التلفزيونية العراقية لإطلاع المشاهد على ظروف الانتاج، لكن ما يعاب على القنوات هو تكرار شكل البرامج، ومن خلال متابعتي أرى أن الإنتاج بسيط ما أثر في نوعية البرامج.

وأضاف: ما تميزت به برامج العيد هو استضافة المغنين والشعراء الشعبيين، وهذه المواضيع استهلكت، وتكرارها في أكثر من قناة يدل على رخص البعض، لكن الجميل في بعضها هو التواصل مع المواطن في اماكن الفرح، ومع كل هذا ما زالت البرامج العراقية دون مستوى الطموح قياسًا الى ما يقدم في قنوات عربية لبنانية ومصرية، ولأن الفضائيات لا تريد الخسارة فهي تستضيف المغنين الشباب وستستقطب اهتمام المشاهد دون اعتماد منهج رصين في بث ما هو نوعي في الغناء والتمثيل، وتكرار الأغنية كثيرًا عوّد المتلقي على الإستماع اليها على الرغم من رداءتها، وهذه الاغاني لا تخرج عن نمط الردح وهي اعادة انتاج للثقافة الرخيصة المتداولة من قبل البعض.