إيلاف من البندقية: استغل المخرج الإسباني بيدرو ألمودوبار المؤتمر الصحافي الخاص بفيلمه الجديد "The Room Next Door" ضمن فعاليات النسخة 81 من مهرجان البندقية للحديث عن ضرورة الإسراع باتخاذ خطوات جادة في مواجهة ظاهرتي الهجرة وتغير المناخ. وقال ألمودوبار إن قضايا البيئة يجب أن تكون أولوية، مع دعم التوجهات لحلها، في ظل عدم وجود فرصة لتجاهل التغيرات المناخية وأثرها. وقد فضل التحدث باللغة الإسبانية عند التطرق للتنديد بـ"خطاب الكراهية"، الذي أكد أن السياسيين في إسبانيا وخارجها يعملون على الترويج له.


وأضاف المخرج الإسباني أنه بالرغم من كون فيلمه الجديد يتناول حالة خاصة، فإنه رغب في الحديث عن الأطفال الذين يصلون إلى الحدود الإسبانية دون أن يكون معهم مرافقون، مشيرًا إلى أنه في الوقت الذي ترسل فيه الحكومة القوات البحرية لمنعهم من الدخول، كان يجب أن تكون الطرق مفتوحة أمامهم. ووصف ألمودوبار هذا التصرف بـ"المجنون" و"غير العادل"، مشيرًا إلى أن الأمر مرتبط بالإنسانية.

ودعا المخرج الإسباني إلى تقنين القتل الرحيم في جميع أنحاء العالم، وهي القضية التي يطرحها فيلمه الجديد من خلال تجسيد تيلدا سوينتون دور صحفية مصابة بالسرطان تقرر إنهاء حياتها، وتطلب من صديقتها القديمة، التي تلعب دورها جوليان مور، أن تساعدها. وقال ألمودوبار إن فيلمه يؤيد القتل الرحيم، علمًا بأن إسبانيا تبنت القتل الرحيم في عام 2021 وتعد واحدة من 11 دولة فقط تعتبر فيها أي شكل من أشكال المساعدة على الموت قانونيًا، بحسب ما ذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية.

واعتبر المخرج الإسباني أنه يجب أن تكون هناك إمكانية للحصول على القتل الرحيم في جميع أنحاء العالم، مشيرًا إلى أهمية أن يتم تنظيمه ويُسمح للطبيب بمساعدة مريضه. وتحدث عن قراره بصنع أول مشروع باللغة الإنجليزية بعد أكثر من ثلاثة عقود من العمل باللغة الإسبانية، وهو ما اعتبره "أشبه ببدء نوع جديد"، مشيرًا إلى أنه كان بحاجة إلى وسيلة مناسبة لتحقيق ذلك، ووجدها في هذا الفيلم.

وخلال المؤتمر الصحافي، انضمت إلى ألمودوبار بطلتَا الفيلم الرئيسيتان، جوليان مور وتيلدا سوينتون. وعلى الرغم من أن الفيلم يتناول بوضوح موضوع الموت، إلا أن مور وسوينتون قالتا إنه يتضمن أيضًا احتفالًا بالحياة.


يعد فيلم "The Room Next Door" أحد أهم أفلام المسابقة في المهرجان، ويتعمق في القضايا المتعلقة بالتحكم في المصير الشخصي وحق الإنسان في الموت بكرامة وبقرار شخصي، مما يفتح النقاش حول موضوعات مثل القتل الرحيم والصداقات الطويلة في مواجهة الموت الوشيك​.

وقالت جوليان مور: "هناك قوة حياة هائلة في أفلام بيدرو، وهذا ما يستجيب له الجميع. إنه تقريبًا كما لو كنت تسمع دقات قلوب الجميع وأنت تشاهد هذه الأفلام". وأضافت: "الفيلم يتناول أسئلة وجودية مثل: ماذا يعني أن تكون حيًا؟ ماذا يعني أن تكون إنسانًا؟ ماذا يعني أن يكون لديك جسد؟ ماذا يعني أن يكون لديك صديق؟ ماذا يعني أن يكون لديك شاهد؟".


وصفت سوينتون الفيلم بأنه "قصة حب" بين شخصيتها وشخصية مور، بسبب الصداقة التي تجمعهما في الأحداث، مشيرة إلى أن الصداقة النسائية تشكل جزءًا محوريًا في الفيلم. وأضافت: "نادرًا ما نرى قصة عن الصداقة النسائية، وخاصة الصديقات اللاتي يكبرن في العمر". واستطردت: "لا أعتقد أن هناك مخرجًا آخر في العالم يمكنه القيام بذلك سوى بيدرو. الأهمية التي يظهرها لهذه العلاقة غير مألوفة للغاية. لقد كان ذلك مؤثرًا جدًا بالنسبة لي، لأنه صور هذه العلاقة بعمق كبير".

وأكدت جوليان مور أن علاقتها بسوينتون تعمقت خلال تصوير الفيلم، مما أضاف إلى واقعية العمل. وقالت: "لقد كان ذلك مميزًا بالنسبة لنا أيضًا، لي ولتيلدا، يومًا بعد يوم. كيف نمت علاقتنا، وكيف تعرفنا على بعضنا البعض، والأسرار التي شاركناها، والأشياء التي تحدثنا عنها. ولم يكن الأمر دائمًا متعلقًا بالأشياء المهمة، فأحيانًا كانت الأحاديث تدور حول الأحذية".

نجح ألمودوبار في تقديم فيلم يفيض بالحياة والمحبة رغم موضوعه الحزين، وكان لافتًا استخدام الإضاءة والتفاصيل البصرية بشكل بديع شاعري في العديد من المشاهد، فيما برز اعتماد العمل بشكل أساسي على الحوارات الطويلة بين البطلتين رغم مبالغتها في بعض الأحيان.


العمل شهد تقديم تيلدا سوينتون أداءً مذهلًا بدور مارثا، التي رغم اقتراب نهايتها، لا تزال تحاول السيطرة على حياتها حتى النهاية. صحيح أن الفيلم لا يمكن اعتباره أفضل أفلام ألمودوبار، ولكنه لا يزال فيلمًا يستحق المشاهدة بفضل التمثيل القوي والرسائل الإنسانية العميقة التي يحملها.