تنتشر في ألمانيا وعدد من دول أوربا ظاهرة الملابس الخضراء أو صديقة البيئة او المدورة من ملابس قديمة.

برلين: ترتفع نسبة استخدام الالمان للطاقة النظيفة والرفيقة بالبيئة لتصل الى النسبة الاكبر في العالم، واليوم يتوجهون الى شراء المأكولات البيئية اي البيو، فازداد عدد المحلات التي تبيع هذا الصنف من المواد الغذائية ان كانت فاكهة او خضار او الحلويات، والمنحى الجديد حاليا هو الملابس البيئية او اوكو التى اصبحت تسمى الملابس الخضراء اضافة الى الملابس التي تصنع من ملابس قديمة تم تدويرها.

المتحف التقني في برلين تضم احد قاعاته ملابس صوفية صنعت من ملابس صوفية قديمة مع شرح لكيفية الاستفادة من الملابس خاصة التي حيكت من خيطان الصوف، وكانت هذا عادة قديمة جدا لدى الالمان بعد الحرب العالمية الثانية حيث عانت من الفقر. فبعد ان تتم كر الخيطان، تغسل ثم تعاد حياكتها، والى جانب هذا القاعة قاعة اخرى لشرح كيفية صنع الملابس والقبعات والجوارب من صوف المواشي.

وما يلفت النظر اليوم هو اقبال شركات لصنع الملابس على الموضة الخضراء، التي تجمع بين الرفاهية والذوق الرفيع، وزبائنها ليسوا قلائل ما يجعل هذا الشركات تحقق ارباحا لان اسعارها مرتفعة.

وفي المانيا توجد ثلاث شركات معروفة عالميا تصنع الملابس الخضراء وهي شركة هيس ناتور وكلاوس شتايلمان ومجموعة اوتو للبيع بالبريد. فهذا الشركات تعتبر الرائدة في خلق التقنية اللازمة، وفي ايجاد فرص التعاون والمعايير المناسبة، سواء في المانيا او في الدول التي يتم فيها زراعة المواد الخام او تصنيعها وتحويلها الى ملابس.

واول مشروع قامت به شركة هيس كان في مصر عام 1991، بعدها وسعت اعمالها باتجاه البيرو والسنغال وتركيا وبوركينا فاسو، فهي تشترى محاصيل القطن والصوف الجديد الذي زرع بناء على شروط ومعايير المنتاجات الحيوية اي quot;البيوquot;، وهي قابلة للتفكك والتحليل، خاصة خيوط الفيسكوز الخالي من الكلور، والبوليستر المتناسب مع البيئة، فذاع صيت الشركة خاصة في اوساط حماة البيئة والطبيعة.

الا ان مجموعة اوتو سبقت هيس وسلكت عام 1987 توجها بيئيا لملابسها وتمكنت من التوفيق بين المعايير البيئة واجتماعية والاهداف الاقتصادية، فتم وضع ابتكار وتنفيذ انظمة ادارة بيئية واجتماعية، وحسب بيانات المجموعة فان 99 في المائة من البضائع النسيجية ومجموعات الملابس يتم اختبارها لجهة المواد العادمة، وتباع بذات الاسعار كما الملابس التي تصنع بالطرق العادية. والى جانب توفيرها لملابس تحافظ على البيئة فان المجموعة تساهم في توفير اماكن عمل بالاخص في افريقيا وينتج هناك اكثر من 130 الف فلاح صغير سنويا لها 85 الف طن من القطن.

ولقد ساهم الاقبال على الملابس الحيوية في دفع الكثيرين الى رفض مواد اخرى تدخل في الانسجة، كمادة AZO الملونة الكميائية والمسببة لمرض السرطان، واليوم قلما تبيع شركة ملابس انتاجها دون خضوعها لمقاييس البيئة، وهذا شجع على توسيع بقعة الانتاج ليطال ملابس الاطفال والملابس الداخلية التي تلامس الجلد مباشرة ولذا تخضع لمعايير خاصة، والجديد الان هي اقمطة حيوية للاطفال.

وهناك مصممو ازياء ومحال تجارية لها مصادر استيراد معينة تلزم نفسها بجدية اكثر ببيع ملابس بيئية مائة في المائة، لكن اسعارها تكون عادة مرتفعة، وتكون في اغلب الاحيان قطنية وصوفية من مواد حضرت بدون اي مواد كيمائية، وتلعب هذا الشركات دورا مهما من اجل زيادة الاقبال على الموضة الخضراء ويصل عدد هذا المحلات في المانيا الى 160.

وبعد الارباح التي حققتها شركات الملابس اعتمدت مصانع للاحذية وحقائب السفر واليد نفس الاسلوب، حيث استغنت عن المواد الاولوية التي كانت تستعملها كالبلاستيك وغيرها وتعتمد حاليا على الجلد الحيواني والصوف والقطن وخيطان الكتان والحرير الطبيعي وغيره، خاصة لصنع شنط السيدات مع تصاميم جذابة، وتصل اسعار هذا الشنط حتى المئتي يورو.

الا ان ليس كل ما يقال عنه سلعة بيئية هو في حقيقة الامر هكذا، اذ استغلت شركات كثيرة اقبال الناس على السلع البيئية واصبحت تزورها بمزج المواد الكيمائية مع البيئة مثل الصوف، ما مكنها من تحقيق ارباح بكلفة منخفضة، وهذا ينطبق ايضا على المواد الغذائية البيئة او البيو. لذا هناك حملة توعية بهذا الامر، ويمكن للمواطن التوجه بالسؤال الى مكتب حماية المستهلك من اجل الكشف عن حقيقة انتاج هذه الشركة او تلك عن طريق لوائح يتم توزيعها ايضا.

الا ان حصة هذه المنتجات الحيوية مازالت لا تشكل سوى جزءا بسيطا من الايرادات، والسبب بسيط وهو سعرها المرتفع والذي لا يتمكن المواطن العادي من دفعه، مع هذا يحذر خبراء بيئة من تزايد الاقبال في المستقبل عليها لان ذلك يعني شراء الشركات الغربية للمواد الطبيعية من البلدان النامية والفقيرة من اجل تصنيعها وبيعها باسعار مرتفعة، ايضا زيادة مساحات زراعتها وزراعة اكثر من موسم، فهذا يثقل عبأ الارض والطبيعة.

فالمواد الخامة الطبيعية التي تشهد اقبالا سوف تستغل، ففي كل انحاء العالم ينتج الان 25 مليون طن من القطن فقط، تشترى مصانع الملابس الحيوية منها اكثر من الربع كل عام، وعند زيادة الانتاج سوف تحتاج الى كميات مضاعفة، فالمانيا لوحدها اشترت العام الماضي مائة الف طن قطن من بلدان في افريقيا من بينها مصر ومن البيرو. واهم البلدان المصدرة للقطن الحيوي تركيا وتغطي 40 في المائة من الاحتياجات العالمية ثم الهند 32 في المائة و7،7 في المائة من الصين و3،5 في المائة من البيرو و3،1 في المائة من اوغندا. وتصل ايرادات القطن الحيوي في العالم سنويا الى 6،8 مليار دولار وهو في ارتفاع متواصل. ويعتبر مصنع Camp;A من اكبر مستهلك القطن الحيوي ويستخدم سنويا ما لا يقل عن ال7500 طن.