باتت سدة الكوت جنوب بغداد مهددة بالانهيار وتعريض المنطقة لكارثة الفيضان.

وسيم باسم من الكوت- جنوب بغداد: ينظر كريم السلطاني بحزن الى الكورنيش المطل على سدة الكوت (180 كلم شمال بغداد)، بعدما انخفضت مناسيب نهر دجلة بشكل كبير، وتسبب الزمن في تقادم بناء السدة، من دون ان تشهد عمليات صيانة وتحديث منذ وقت طويل.

لكن كريم الذي درس في كلية الزراعة في بغداد، يرى ان السدة يمكن ان تؤول الى الانهيار، على رغم انها تبدو شاخصة صامدة أمام الناظر.
ويطلق كريم صيحة الحذر محشدا الدعوات نحو تشكيل لجنة هندسية تفحص البناء، بغية ترميم السدة، وإصلاح الكثير من التشوهات وملامح التقادم التي حولت السدة الى بناء متهالك.

وفي ذات الوقت يدعو أبناء واسط الى تحويل السدة ومحيطها، الى مشروع سياحي متطور يكون على راس أجندة الحكومة المحلية.

ويقول المهندس المدني محمد حسين ان المشاريع غير المدروسة التي أنجزت لم تحقق النتائج المرجوة ويدعو الى إستراتيجية تجعل من السدة المعلم الاول في المحافظة، على اعتبارها اهم رمز في المدينة.

ويرى حسين ان التعاقد مع مقاولين محليين ليسوا من أصحاب الخبرة والتجربة، لن يضيف شيئا كما هو الحال مع عشرات المشاريع الفاشلة في المحافظة، داعيا الى لجنة استشارية من مهندسين وأصحاب علاقة من ذوي الاختصاص لدراسة مشروع تطوير السدة بعيدا عن الفساد وسوء الإدارة.

ويقول حسين ان ملاحظاته الأولية تشير الى تآكل أسس السدة، وان أي خلل سيؤدي الى نتائج سلبية، مؤكدا على أن quot; الوقاية خير من العلاج quot;، ويقترح تقوية الأسس عبر تغليفها بالخرسانة، لاسيما وانها

تعرضت الى تصدعات داخلية بسبب تعرضها الى ضربات عسكرية في العام 1991.

وسدة الكوت من أطول سدود العراق، تتالف من 56 بوابة بطول النصف كيلومترا. وشُيّدت عام 1938 لتتحكم بتوزيع المياه بين محافظات واسط و ميسان وذي قار.

ويتذكر حسن الواسطي (80 سنة )، الأيام الجميلة التي يقضيها اهل المدينة عند السدة حيث الماء الجاري والبساتين الوارفة الظلال.

ويقول : كانت السفرات السياحية تتدفق على السدة، وكنا نفخر بهذا الانجاز الحضاري.
لكن بمرور الزمن ومع اتجاه الأجندة المدنية والاقتصادية منذ السبعينات الى الحرب، انحسر الاهتمام بالسدة وتحولت بمرور الزمن الى منطقة مهجورة ومكبا للنفايات ومياه الصرف الصحي.

ويقول كريم حسن وهو احد المسؤولين المحليين ان الحكومة المحلية جادة في تجديد معالم السدة لكن ذلك يحتاج الى الزمن والتمويل.


وأصبحت السدة ببنائها الشامخ، رمز لكل أبناء المدينة، الذين تتملكهم ذكريات خاصة ترتبط بهذا الحاجز المائي.
ويقول كريم ( 60 ) سنة، ان ابناء المدينة يعيشون في الكثير من الأحيان قصص ذكرياتهم مع السدة.

ويحزن ابو شامل لانخفاض مناسيب المياه، ويتذكر كيف كان هدير الماء القوي في يوم من الايام يطرب ابناء المدينة الذي عدوه صورة من صور الخير والعافية في تلك الفترة.

ويشير ابو شامل الى المعادلة غير المتوازنة، فأبناء المدينة الذين يفخرون بالسدة، هم أنفسهم يرمون النفايات ويوجهون مياه الصرف الصحي اليها.
ويرى ابو شامل ان الحضارات لا تبني بالعاطفة، وعلى الذين يحبون المدينة ورمزها، ترجمة ذلك في الوقع عبر الكف عن رمي النفايات ومياه الصرف الصحي فيها.

ويدعو ابو شامل الى توجه إعلامي يشجع على السلوكيات الصحيحة فيما يتعلق بالبيئة.

ويشير سعد الغريب وهو من سكان المنطقة كيف تحولت الجزرة الوسطية في النهر الى مرتع للحيوانات والتلوث.

وبحسب الخبير السياحي احمد تركي ( خريج معهد السياحة العراقي ) فان المنقذ الوحيد للسدة و الكورنيش هو فتح باب الاستثمار للشركات المتخصصة عبر تطوير المنطقة و فتح المراكز الترفيهية والكازينوهات والمطاعم.

وينتقد تركي الجهل البيئي حتى بين الدوائر البلدية حيث ترمي البلديات المحلية، النفايات عند منطقة السدة.

وبسبب السلوكيات البيئية المنحرفة تحولت منطقة السدة الى بقعة مائية فقيرة بالحيوانات البحرية، تنبعث من حولها الروائح الكريهة.

ويستغرب تركي كيف تسمح الحكومة المحلية لدوائر الصحة والمجاري والماء برمي نفاياتها في النهر.

وفي اغلب مدن العراق فان اغلب المياه الصحية يتم التخلص منها من دون معالجة مما يشكل خطرا بيئيا محدقا.

ويضم العراق الكثير من السدود في مختلف المدن،اغلبها يحتاج الى كشف وصيانة للحيلولة دون انهيارها كما تحتاج الأنهر الى عمليات كري
ورفع الترسبات التي تؤثر على عمل السدود.

وكانت وزارة الموارد المائية العراقية دعت عام 2011 شركات استرالية وايطالية لبناء وإعادة ترميم السدود البالغ عددها أكثر من 180 سدا في مختلف المحافظات بهدف إنعاش الواقع الزراعي والاروائي في البلاد.

وأسهمت سدة الكوت منذ إنشاءها في إحياء ملايين الدونمات من الأراضي الزراعية، بينها مشروع quot;الدجيلة quot; الزراعي.
ويرى محسن سالم الذي يصيد السمك عند السدة من فترة ليس بالقصيرة ان الصيد الوفير مضى زمنه، بسبب انخفاض مناسيب المياه والتلوث.