تفحيم الخشب من خلال تخزينه وحرقه من أجل توليد طاقة عاليه منه، صناعة قديمة لم تتطور وباتت وبالا على مصر.


فتحي الشيخ من القاهرة: ثلاثة آلاف مكمورة للفحم النباتي في محافظات مصر، وصفها تقرير التوصيف البيئى في مصر لعام 2009 بانها أحد أهم الأسباب وراء السحاب السوداء التي تغطي سماء مصر كل عام، تنتشر هذه المكامير بشكل خاص في قرى محافظات الدلتا المصرية، تستدل عليها برئحة الدخان الخانق المتصاعد من تلك المكامير التي تعبر عن صناعة بدائية، بدأها القدماء المصريون من آلاف السنين بكمر الاخشاب بوضعهاrlm;rlm; في حفر في باطن الارض بمعزل عن الهواء ترص فيها الاخشاب فوق بعضها وبوضع فوقها طبقة من القش وتغطي بعد ذلك بطبقة من الرمال ما عدا فتحتين في بداية ونهاية الحفرة لاشعال النيران منهما في الاخشابrlm;..rlm; ثم تغلق هذه الفتحات بالرمال مرة اخري ليولد الخشب طاقة حرارية عالية تصل إلىrlm;270rlm; درجة سلزيوس ويتم بهذا التفحم للاخشاب في الحفرة ثم تطفيء بالماء بعد ذلك لانتاج الفحمrlm;.

قرى اجهور بمحافظة القليوبية الواقعة شمال القاهرة احد اكبر مناطق هذه المكامير في مصر، حيث تضم ما يزيد على rlm;250rlm; مكمورة، خميس المطروي، 38 سنة، من قرية اجهور، يصف الوضع بالمأساة قائلا : القرية تموت كل يوم، حيث تصاب بحالة اختناق تام خاصة في الليل حيث تزداد عمليات الاحتراق، وتتسرب الادخنة الناتجة عنها إلى داخل المنازل، ويضيف المطروي ان أغلب أهل القرية اصابهم الامراض الصدرية، ولم تجد الشكوى في حل مشكلتهم مع دخان المكامير.

دخان المكامير يسبب الجلطة الدماغية كما يؤكد الدكتور أحمد عبدالقادر،أستاذ تلوث الهواء بالمركز القومي للبحوث قائلا: ينتج عن عملية الاحتراق التي تتم داخل المكامير غاز أول اكسيد الكربون والذي يتخطي الحدود المسموح، حيث يبلغ تركيز هذا الغاز في الجو حول هذه المكامير إليrlm;1500rlm; وحدة في المتر المكعبrlm;،rlm; في حين أن الحد المسموح به في البيئة الصناعية لايتعديrlm;500rlm; مليجرام في المتر المكعب،وهو غاز سام يسبب الجلطات الدماغية لارتباطه بهيموجلوبين الدم، هذا بالاضافة أكاسيد الكبريت التى تتسبب فى إلحاق أضرار بالحياة النباتية والحيوانية وبمواد البناء، وينتج عن حمض الكبريتيك تكون ظاهرة التحمض التى تتسبب فى تآكل المعادن والحجر الجيرى ومواد أخرى متعددة، كذلك وجود زيادة فى نسبة أكسيد النيتروجين الذى يتسبب فى تهيج الحويصلات الهوائية فى الرئة، ونبه عبد القادر إلى انه عندما ترتفع درجة عند درجة حرارة أعلى من ٣٦٠ درجة مئوية تكوّن غاز الدايوكسين والفريوان، وما يؤدى إلى تعاظم ظاهرة الاحتباس الحرارى بالاضافة إلى خطورة مادة الديكوسين على الحيوان، ايضا ينتج مواد مثل القطران والدخان الاسود الذي يؤثر تأثيرا سلبيا وخطيرا علي حياة الانسان والحيوان والبيئة بالتلوثrlm;.

السحب السوداء التي اصبحت من معالم السماء في مصر بجانب القرى التي تختنق من دخان المكامير، كانت اسباب كافية للجمعية العلمية المصرية لتطوير انتاج الفحم لعمل دراسات لمعالجة هذه الصناعة البدائية في مصر وهو ما يشرحه المهندس محمد فرج مسئول التطوير بالجمعية بقوله: هذه الصناعة بشكلها الحالي البدائي لاتستهلك سويrlm;240rlm; ألف طن فقط من 8 ملايين طن تمثل انتاج مصر من الاخشاب كل عام،وتترك الباقي على الاراضي الزراعية وعلى المجاري المائية بجانب التلوث الكبير الناتج عنها بشكلها الحالي،لهذا كان قامت الجمعية بعمل دراسة لتطوير هذه الصناعة بانشاء فرن بتكنولوجيا علمية بالتعاون مع وزارة البيئة وبعض الجهات العلمية،rlm;وتم تطوير بعض المكامير بهذه التقنية وخفضت نسب الدخان منrlm;90rlm; مليجراما في المتر المكعب اليrlm;9rlm; فقطrlm;،rlm; في حين أن النسب المسموح بها هيrlm;50rlm; مليجراما في المتر المكعبrlm;،rlm;،rlm; وتقليل التكلفة المادية للانتاج إليrlm;80%.

تمثل مكامير الفحم المصرية صداع في رأس الاجهزة المعنية وهو ما عبر عنه ماجد جورج رئيس جهاز شئون البيئة في مصر في تصريح سابق بقوله هذه المكامير لم تحصل على رخصة لمزاولة المهنة ولا يوجد سجل يوضح الحالة البيئية لها،ولا تراعي أبسط اجراءات السلامة البيئة،وصدر ضد معظمها قرارات اغلاق ولم تنفذ، لأن هناك قرى كاملة تعتمد عليها كمورد للرزق، لهذا يري عويس سعيد مدير عام جهاز البيئة بالفيوم ان الحل لمعالجة مشكلة مكامير الفحم النباتي في مصر هو اما بتطوير هذه الصناعة في اماكنها الحالية او بنقلها خارج الكتل السكنية، وحتى تطبيق حل من الاثنين يبقي دخان مكامير الفحم يتصاعد إلى السماء ليعلن عن نفسه باسم السحابة السوداء.