النائب أبي نصر تحدث لـ quot;إيلافquot; عن زحمة مقترعين من الخارج
ماكينات إنتخابية تتقاتل على صوت المغترب اللبناني

تريسي ابي انطون من بيروت: للمرّة الأولىفي لبنان، يـُفسح المجال امام المغترب اللبناني كي يدلي بصوته في الانتخابات، لكنّ هذه القفزة الديمقراطيّة التي تقبل عليها البلاد، ليست تاريخيّة كما يفترض ان تكون، لأن اللبنانيّ المقيم في المهجر لن يمارس حقّه الديمقراطيّ بالطريقة المتعارف عليها في مختلف بلدان العالم، والسفارات اللبنانيّة في بلدان الانتشار لن تفتح ابوابها امامه ليدلي بصوته، بل ان العمليّة الانتخابيّة ستحصل برمّتها على الاراضي اللبنانيّة ، وسيتوجه المغتربون شخصيّا الى بلدهم الامّ حتى يمارسوا حقّهم.

ويفرض سؤال نفسه quot;كيف ذلك؟quot; تاركا الاجابة للماكينات الانتخابيّة التي تمارس نوعا من quot;التنقيحquot; في لوائح الشطب للناخبين، وتضع علامات حول اسماء المغتربين الذين يظهرون تأييدا واضحا أو محتملاً للجهة التي تسعى إلى استقدامهم ويفترض بهم ان يصوتوا لمصلحتها. تتعاون في المهمة مع الماكينات التي تنشط في دول الاغتراب على نحو غير مسبوق، داعية اللبنانيين المغتربين الى المشاركة في الانتخابات عبر إعطائهم تذاكر سفر ذهاباً وإياباً إلى بلدهم الأم او تساهم أقله في شكل او آخر في ثمن هذه التذاكر.

لمزيد من الاضاءة على هذه العمليّة، اوضح رئيس شؤون الاغتراب في حزب quot;القوات اللبنانيةquot;، انطوان بارد، الذي عاد من جولة في اميركيا الشمالية شملت عشر ولايات في الولايات المتحدة وكندا، ان quot;القوات تكرّس جزءا كبيرا من نشاطاتها لتشجيع الجاليات اللبنانيّة على اقامة نشاطات تسمّى بـ fund raising ، اي اقامة حفلات ومهرجانات من اجل جمع التبرعات التي سيصار الى استخدامها في دعم تذاكر سفر المغتربينquot;. واضاف: quot;هناك اشخاص وضعهم المالي جيّد ، يمكن ان يضحوا بتذاكر سفر، وهناك آخرون لا يسمح وضعهم المالي بالنزول الى بيروت، لذا نحن نشجّع الاهالي والاصدقاء على تنظيم نشاطات توفر المال اللازم لهذه العمليةquot;.
وعن الجزء الآخر من النشاط quot;القواتيquot;، قال بارد ان quot;النشاطات التي تقوم بها القوات اللبنانية في الخارج على الصعيد الانتخابي هي ذات وجه تنظيميّ بحت، اي أننا نجري نوعا من الاحصاء عن عدد اللبنانيين في الخارج، وندعوهم لكي يتسجّلوا في السفارات والقنصليات. كذلك يهدف نشاطنا الى تحفيز اولئك الذين لا يحملون هويّات لبنانيّة ولا حتى جوازات سفر لبنانية للتقدّم بطلبات من اجل استعادتها، تمهيدا لممارسة حقّهم الانتخابي في الدورة المقبلة في 2013.quot;

وبينما ركّز بارد على ان حزبه لا يساهم في دفع ايّ مبالغ في هذه المهمّة وينحصر دوره في quot;تشجيعquot; وquot;دعوة المغتربين الى الاقتراعquot;، تتردّد معلومات عن ان المرشحين والحزبيين يضعون أموالاً طائلة في تصرّف الماكينات الانتخابيّة لاستقدام الاعداد الممكنة من الناخبين اللبنانيين المقيمين في الخارج.

وعقب هذه الترددات تكرّ سبحة الاسئلة، كم شخصا مخوّلا من العائلة الواحدة ان يزور بيروت؟ وهل الفرصة مفتوحة امام الجميع؟ ام ان القصّر لم يحسب لهم ايّ حساب ضمن هذه الخطوة؟ وماذا عمن هدّمت منازلهم اثناء الحرب ولم يعد لهم quot;مرقد عنزةquot; في لبنان، هل يتمّ التداول باسمائهم ام يستبعدون لأن لا مكان يبيتون فيه؟ ام ان العرض يتضمّن ايضا المنامة والمأكل والمشرب؟

وللأسف لا تلتقي هذه الخطوة ديمقراطيّا مع حقّ الانتخاب، إذ انها لا تمر عبر الاقنية القانونيّة، انّما تستمدّ quot;شرعيّتهاquot; من المال الانتخابيّ الذي سيتخطّى بالطبع معايير قانون الانتخابات المنصوص عليها في الدستور، لأن الموازنات المفترضة للشروع في خطوة مماثلة تفترض حكما سقفا عاليا لا يكرّسه هذا القانون.

هذا التحرّك الانتخابيّ لن يكون ضرورياً سنة 2013، لأن قانون الانتخابات الجديد يعطي للبنانيين المقيمين في الخارج حقّ الاقتراع، وفي هذا الاطار يؤكد عضو quot;تكتل التغيير والإصلاحquot; ( يترأسه النائب الجنرال ميشال عون) النائب نعمة الله ابي نصر الذي تابع منذ مدة طويلة هذا الملف، ان quot; الدولة اللبنانيّة سيكون عليها في الدورة الانتخابية المقبلة، اي ما بعد دورة 2009، ان تؤمّن للمغتربين أقلام اقتراع في السفارات والقنصليات بلدان الانتشار حيث يقيمون، علما ان هذا الحقّ موجود اصلا في لبنان. ولذلك سنرى زحمة لبنانيين سيأتون الى البلد للمشاركة في العملية الانتخابيةquot;.

واكّد ابي نصر ان قانون الانتخابات ما زال ينقصه بند اصلاحيّ، quot;فالقانون الذي صدر لا يعطي المغترب المتحدر من اصل لبناني حقّ الاقتراع، واذا اردنا فعلا ان نشركه في الحياة السياسيّة فيجب ان نعيد إليه الجنسيّة. وهذا ما جعلني اتقدّم باقتراح لوضع شروط استعادة الجنسية للمتحدرين من اصل لبنان، وقد اقرّت لجنة الادارة والعدل هذا المشروعquot;.

يبقى السؤال الاخير: من هم الأوفر حظّا للافادة من عرض quot;صوت المغترب اللبنانيquot;؟ انهم بالطبع أولئك الذين يقترعون في دوائر حساسيتها عالية، والتي يقف الصراع فيها على عدد محدود نسبياً من الأصوات. وهذه الدوائر في الاجمال هي الدوائر المسيحية الصرف، والتي للمسيحيين فيها ثقل انتخابي يحفّز على تأمين انتقال مغتربي هذه الطائفة الى بلدهم الأم مطلع حزيران/ يونيو المقبل .هكذا، يمكن ادراج دوائر زغرتا والكورة والبترون وجبيل وكسروان والمتن الشمالي وبعبدا وجزين في اطار هذا النوع من الدوائر، بينما تتضاءل حظوظ المغتربين في دوائر اخرى مثل عاليه والشوف، لتنعدم في quot;دوائر محسومة النتائجquot; مثل بشري وعكار وطرابلس والمنية-الضنية والزهراني وبعلبك-الهرمل حيث تعلو الاصوات لحرمان ابناء هذه المناطق زيارة بلدهم والاقتراع فيه.

غير ان حركة الحجوزات ما زالت بطيئة . فقد اوضح رئيس غرفة التجارة في شركة quot;طيران الشرق الأوسطquot;، نزار خوري ان حركة الحجوزات في مطلع حزيران/ يونيو ما زالت عادية حتى الآن، مؤكدا quot;ان جميع طائرات شركة طيران الشرق الاوسط مفتوحة لمزيد من البيع مطلع شهر حزيرانquot;.

ولكن ماذا اذا تضاعفت حركة الحجوزات؟ يجيب خوري ان الشركة مستعدة لزيادة رحلاتها بحسب الطلب، quot;ولكن لا حاجة الى رحلات إضافية حتى الآنquot;. يتبيّن من هذاكله ان حقّ المغترب في الانتخاب، ليس ميزة يقدّمها المرشحون الى دورة 2009 الانتخابيّة، انّما سلاح quot;ذو تقنيّةquot; حديثة، سيستخدمه كلا الفريقين اللذين لا يوفّران ايّ سلاح انتخابيّ في المواجهة الحاسمة الآتية، علماً أن عدد اللبنانيين المغتربين يفوق عدد الباقين في وطنهم ، ومعظمهم هربوا من أنواع quot;المواجهاتquot; المختلفة التي عاشها لبنان.