تعتبر المدفأة النفطية السلاح الاول الذي يحارب به العراقي البرد ، على رغم انها تعتبر وسيلة بدائية ولها اضرار صحية وبيئية كثيرة، في وقت تمر فيها البلاد بموجة برد قارس والعائلات بأمس الحاجة الى وسائل التدفئة.


بغداد: تستقبل عيادات الأطباء والمستوصفات الصحية إضافة الى المستشفيات في العراق ، المئات من المواطنين المصابين بأمراض الشتاء لا سيما الانفلونزا ، وصعوبة التنفس وجفاف البشرة الحاد ، في ظاهرة لا تحدث بمثل هذا الزخم الا نادراً . وبسبب موجة البرد التي تعم العراق نتيجة استمرار تأثير المرتفع الجوي القادم من تركيا ، فان الكثير من المواطنين اعتكفوا بيوتهم ، تجنبا لمخاطر صحية يتعرضون لها .

المدفأة النفطية السلاح الاول

ويقول الخبير الصحي سعد البيرماني ان اغلب العراقيين لم يكونوا مستعدين لموجة البرد هذه ، سواء من الناحية النفسية او من ناحية التزود بملابس خاصة بفصل الشتاء او التزود بالوقود. ويتابع : تعتبر المدفأة النفطية السلاح الاول الذي يحارب به العراقي البرد ، على رغم انها تعتبر وسيلة بدائية ولها اضرار صحية وبيئية كثيرة. ومدفأة النفط الابيض وقودها الكيروسين تمتصه ( فتايل) نسيجية من القطن أو البريسم ، لكنها تنفث الكثير من الغازات في الجو مما يشكل خطرا على البيئة والصحة بسبب التلوث الحاصل إضافة الى ما تسببه من روائح كريهة .

و هذه المدفأة ، بحسب البيرماني ، سبب في تخديش الأغشية المخاطية، والتسمم بفعل غاز أول أوكسيد الكاربون ، وارتبطت في ذهن المواطن العراقي طيلة عقود ( صوبة عشتار ) و (علاء الدين) النفطية، لتصبح جزءا من إرثه الثقافي الذي يفخر به. كما كان مصلَح (الصوبات) من أصحاب المهن التي لا يستغني عنها المواطن بحسب أبو عصام الذي يمتهن تصليح (الصوبات) منذ أربعة عقود حيث يعترف ان هذه المهنة انحسرت بشكل كبير بسبب استعمال الناس أجهزة جديدة بتقنيات متطورة .

تصميم المساكن

المهندس المعماري سمير صاحب ، يتطرق الى إشكالية المعمار في العراق ، فالعراقيون تعوّدوا السكن في منازل واسعة ومفتوحة تتميز بضخامة غرفها وصالاتها ، مما يجعلهم صيداَ سهلاً لهجمات البرد التي تتطلب تكييفاً مركزياً يندر استخدامه في العراق. ويضيف : ليس من حل سوى طرق التدفئة التقليدية التي تُزوّد بالوقود من النفط والغاز السائل . لكن العراقي في الشتاء لا يتصارع مع البرد فحسب بل مع المخاطر التي تسببها المدافيء النفطية حيث تتسبب في الكثير من الحرائق راح ضحيتها البعض ، إضافة الى ما تسببه من خسائر مادية .

ام استبرق ، الأرملة ذات الثلاثة أطفال ، كانت على موعد مع حادثة مؤلمة ، حين تركت المدفأة النفطية مشتعلة الى جانب ابنها ، وذهبت للتسوق من مكان قريب ، وما ان رجعت حتى وجدت الناس هرعوا قبلها لإطفاء حريق نشب في الغرفة حيث يرقد ابنها بجانب المدفأة النفطية وكانت النتيجة حروق شديدة تعرض لها ابنها مما استدعى نقله الى المستشفى . وفي مدينة الديوانية (193 كلم جنوبي بغداد)، كانت سليمة محمد(50 سنة ) ضحية الاختناق بالمدفأة التي اصطحبتها معها الى الحمام ، مما أدى الى موتها اختناقا .

ام حسن ( 70 سنة ) ، تعيش لوحدها ولم تجد سوى (الصوبة) النفطية كوسيلة للتدفئة ، التي تعتبرها (سيدة البيت) خلال فصل الشتاء. وفي المناطق النائية والقرى والأرياف لازال العراقيون يواجهون البرد بطريقة تقليدية مثل مدفأة الحطب او الفحم ، ويندر في أغلب مدن العراق الطرق الحديثة في التكييف مثل التدفئة المركزية بالمواسير و( الرادياترات).