في بيت صغير على أطراف المدينة، كانت لينا ذات الخمس سنوات تقاوم النوم وهي تمسك بدميتها الجديدة. لكن هذه المرة لم تكن الدمية مجرد قطعة قطنية صامتة، بل كانت تحكي لها قصصًا صغيرة، تسألها: “ما لون السماء الليلة؟” وتغني أغنية قصيرة قبل أن تُغمض عينيها. ابتسمت الأم بدهشة، فهي لم تحتج لإخراج التابلت أو تشغيل الهاتف. اللعب عاد إلى حضن الخيال… بلا شاشة.
هذه المشاهد لم تعد تنتمي لعالم الرسوم المتحركة، بل أصبحت واقعًا تكنولوجيًا يتشكل أمامنا. شركات عالمية دخلت السباق لتعيد الطفولة إلى دفئها البسيط، وتستبدل الشاشات المضيئة بحوار إنساني أقرب إلى القلب.
منذ عام 2020، طرحت شركة Embodied الأميركية روبوتًا صغيرًا اسمه Moxie، صُمم ليجلس مع الأطفال كرفيق يومي يشاركهم القصص والحديث واللعب. صحيفة Wired وصفته آنذاك بأنه “أقرب إلى صديق منزلي للأطفال منه إلى لعبة”. وفي مشروع آخر، ظهرت مبادرة Cognimates المدعومة من MIT، لتقديم دمى قطنية قادرة على إجراء محادثات بسيطة مع الأطفال وتعلمهم البرمجة بطريقة خفيفة ومرحة.
ولأن اللعب ليس وحده ما يثير قلق الأهل، جاءت الساعات الذكية للأطفال لتكمل المشهد. شركة Xplora الأوروبية، ومن بعدها Verizon الأميركية مع ساعات GizmoWatch، قدمت أجهزة صغيرة تسمح بالاتصال الصوتي والرسائل، مع مراقبة من الوالدين، لتمنح الطفل حرية الحركة من دون تعريضه لعالم الهواتف الكاملة. هذه المنتجات وُصفت في تقارير TechCrunch عام 2021 بأنها “الخطوة الوسطى بين اللعب البريء والتكنولوجيا الذكية”.
المسألة لم تقف عند الألعاب والساعات. وزارات تعليمية، مثل وزارة التعليم البريطانية في 2023، أعلنت تحديث المناهج الرقمية لتشمل مواضيع الذكاء الاصطناعي والأمان الإلكتروني والمعلومات المضللة. وكأن المدارس أيضًا بدأت تتحول إلى ملعب آمن يحمي خيال الأطفال من فوضى العالم الرقمي.
وإذا أضفنا إلى ذلك أبحاث جامعة Stanford عام 2024 حول استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل خط يد الأطفال لاكتشاف مبكر لعسر القراءة، نرى أن الصورة تكتمل: التقنية لا تزاحم الطفولة، بل ترافقها برفق، تعزز التعلم، وتمنح الأهل طمأنينة.
أما عن الأسواق، فالخيارات أصبحت في متناول اليد:
- Moxie من Embodied متوفر عبر متاجر Amazon وTarget في أميركا وأوروبا.
- Xplora تُباع مباشرة في أوروبا وعبر متاجر إلكترونية.
- GizmoWatch متاحة لعملاء Verizon في الولايات المتحدة.
- Cognimates ما زالت في طور التجربة، لكن نماذجها التعليمية تجد طريقها إلى بعض المدارس حول العالم.
الطفولة تعود، ليس إلى الماضي، بل إلى مستقبل أكثر حميمية… مستقبل يُحكي فيه للأطفال بلا شاشة، وتُسمع فيه ضحكاتهم بصدق.















التعليقات