في خطوة جديدة تشير إلى إمكانية عودة الدفء إلى العلاقات بين البلدين، اتصل الأمير تميم بن حمد آل ثاني، هاتفياً بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، للتهنئة بالعيد الأضحى، ما اعتبره مراقبون مؤشرا على وجود تحسن في العلاقات المتوترة بين البلدين منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي.
صبري عبد الحفيظ من القاهرة: بعد مصافحته الرئيس عبد الفتاح السيسي أثناء اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، وفي مؤشر على تحسن العلاقات بين بلديهما، اتصل الأمير تميم بن حمد آل ثاني، بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي هاتفياً، للتهنئة بعيد الأضحى.
ووفقاً لوكالة الأنباء القطرية فإن "أمير البلاد، تبادل التهاني بحلول عيد الأضحى المبارك، في اتصالات هاتفية، مع عدد من إخوانه قادة الدول العربية والإسلامية الشقيقة"، مشيرة إلى أن "من بين هؤلاء القادة، الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي".
وأضافت أن "الشيخ تميم أجرى أيضاً اتصالات هاتفية مع كل من العاهل السعودي، الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، ورئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وكذلك العاهل البحريني، الملك حمد بن عيسى آل خليفة".
ومن جانبه، أكد المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، السفير علاء يوسف، تلقى السيسي اتصالاً هاتفياً من أمير قطر، وقال في تصريح له، إن الهدف من الاتصال تقديم التهنئة بالعيد فقط، نافياً أن يكون الأمير والرئيس تطرقا إلى أية موضوعات أخرى.
&
علاقات متوترة
وتشهد العلاقات بين مصر وقطر توتراً شديداً في أعقاب تدخل الجيش بقيادة عبد الفتاح السيسي، في 3 (يوليو) تموز 2013، وعزل الرئيس السابق محمد مرسي، بعد تظاهرات مليونية دامت ثلاثة أيام. واعتبرت الدوحة أن عملية عزل مرسي، "إنقلاب عسكري"، وتعززت وجهة نظرها بسبب الإجراءات الأمنية اللاحقة عليه، والتي شملت اعتقال مرسي، ومحاكمته بتهم عدة من بينها التخابر مع قطر، إضافة إلى اعتقال عشرات الآلاف من قيادات وأنصار جماعة الإخوان، على رأسهم المرشد العام محمد بديع، بالإضافة إلى محاكمة مجموعة من الصحافيين العاملين في قناة الجزيرة، بتهمة التعاون مع جماعة إرهابية، والتحريض على العنف.
وبلغت العلاقة المتوترة بين البلدين ذروتها عندما أقدمت مصر على سحب سفيرها من الدوحة، وهو الإجراء الذي اتخدته أيضاً ثلاث دول خليجية، هي المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين.
ووفقاً لمراقبين، فإن الإتصال الذي أجراه الأمير القطري بالرئيس المصري، مؤشر على تقدم ملحوظ وسريع بين البلدين، وقال الدكتور محمد رفاعي، الخبير في الشؤون الخليجية، لـ"إيلاف" إن هناك مجموعة من المؤشرات على تحسن العلاقات المصرية القطرية، موضحاً أن من أهمها، إبعاد سبعة من قيادات جماعة الإخوان من قطر، ومصافحة الأمير تميم للسيسي أثناء إجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، ثم اتصاله هاتفياً بالرئيس المصري لتقديم التهنئة بالعيد. وأضاف أن هذه المؤشرات تأتي من أعلى المستويات السياسية في قطر، ما يؤكد أن هناك رغبة قطرية في تحسين علاقاتها مع مصر، بشكل متدرج وسريع أيضاً، واستغلال مختلف المناسبات في تحقيق هذا الهدف. على حد قوله.
ويرجع رفاعي التحول في الموقف السياسي القطري إلى عدة أسباب، منها: الضغوط الخليجية، ولاسيما السعودية، مشيراً إلى أن الدبلوماسية السعودية تلعب دوراً مهماً في محاولة التقريب بين مصر وقطر، وإعادة الحيوية إلى العلاقات بين البلدين، إنطلاقاً من أهمية تكوين محور عربي في مواجهة الإرهاب ومخططات تفتيت الدول العربية، وإعادة ترسيم المنطقة.
ولفت إلى أن التحول في الموقف الأميركي تجاه مصر، ساهم أيضاً في التحول القطري، لاسيما أن قطر تتبع السياسة الأميركية في المنطقة، منوهاً بأن التحولات الأميركية القطرية تجاه مصر، فرضتها الحرب الدولية على تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، لاسيما أن مصر تمثل محوراً مهماً في تلك الحرب.
وتوقع أن تستمر قطر في التحول التدريجي نحو بث الدفء في أوصال العلاقات مع مصر، وأن ترفع الغطاء السياسي والإعلامي بشكل كامل عن جماعة الإخوان المسلمين.
&
الجزيرة
وتدعم قطر جماعة الإخوان المسلمين منذ عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي، في 3 (يوليو) تموز 2013، وتوفر لقياداتها الهاربين ملاذات آمنة، وتمنح الدوحة للجماعة دعماً إعلامياً غير محدود، لاسيما من قبل قناة الجزيرة، وتخصص للشأن المصري قناة "الجزيرة مباشر مصر"، وتتابع القناة الشأن المصري، وتركز بالأساس على فعاليات جماعة الإخوان الإحتجاجية، وتحل قياداتها والرافضين للتغيير السياسي الذي حصل في 3 يوليو، ضيوفاً دائمين على القناة. وتتبع سياسة إعلامية مناهضة للرئيس عبد الفتاح السيسي، وتصفه بـ"قائد الإنقلاب".
وتمثل الجزيرة صداعاً في رأس النظام المصري، وصل إلى حد منع بثها المباشر في مصر، ومحاكمة مجموعة من صحافيي القناة التي تبث باللغة الإنكليزية بتهمة التحريض على العنف، ودعم جماعة إرهابية. ووصل الأمر إلى حد محاكمة الرئيس السابق محمد مرسي نفسه، بتهمة تسريب وثائق تضر بالأمن القومي للقناة، والتخابر مع قطر.
وقال الدكتور نبيل زكي، القيادي في حزب التجمع، لـ"إيلاف" إن الإتصال الهاتفي من الأمير تميم، ومن قبله المصافحة مع السيسي في الأمم المتحدة، مؤشرات على وجود نوايا طيبة لدى القيادة القطرية في عقد مصالحة مع مصر. وأضاف أن ما حدث تصرفات بروتوكولية، لكن لها مدلولات سياسية، مشيراً إلى أن الخطوة الأهم التي يجب أن تتخذها قطر، هي رفع الدعم السياسي عن قناة الجزيرة، وإيقافها عند حدودها، وأن تتوقف عن بث روح الفوضى والعنف بين المصريين، والتوقف عن دعم الجماعات الإرهابية. ونبّه إلى أن وضع الدوحة حداً لتجاوزات قناة الجزيرة، سوف يمثل مؤشراً حقيقياً على وجود تحول جذري في علاقاتها في مصر.
&
قطر ومصر
رغم المصافحة يداً بيد، بين تميم والسيسي في مقر الأمم المتحدة، ثم الإتصال الهاتفي، إلا أن الأمير القطري يرى أن عزل مرسي، وتولي السيسي الرئاسة "إنقلاب عسكري"، وقال في مقابلة تلفزيونية مع شبكة "سي إن إن" الأميركية أثناء وجوده في نيويورك: "العديد من الإخوان رحلوا من مصر بعد ما حدث منذ عام مضى، وبعد الانقلاب الذي حدث في مصر". وأضاف أن "قطر قدمت المساعدة للحكومة المصرية قبل وصول الإخوان المسلمين للحكم، وأثناء حكومة المجلس العسكري بعد الإطاحة بحسني مبارك"، مشيراً إلى أن قطر تدعم الحكومات المصرية منذ ثورة 25 يناير، وليس الإخوان، وقال: "كان يقول الناس إننا ندعم الإخوان المسلمين، نحن دعمنا حكومات طنطاوي، وعصام شرف، ومحمد مرسي، وعدلي منصور، ولا نزال ندعم الحكومة المصرية".
وقال إن قطر توفر الملاذ الآمن للإخوان، شريطة عدم ممارسة العمل السياسي، وقال: "رحلوا من مصر وجاؤوا إلى قطر لأنهم كانوا مهددين وخائفين، وكانوا آمنين في قطر طالما لم يمارسوا أية سياسة"، مشيراً إلى أن "بعضهم لا يزال في قطر، وبعضهم يرحل لأنهم يعتقدون أنه آن الأوان لممارسة العمل السياسي، ولكن بحسب قوانين دولة قطر فلا يمكنك ممارسة السياسة ضد أي دولة عربية أخرى".
&
التعليقات