أسف ماجد فريمان عامل الإغاثة البريطاني الذي رافق هينينغ إلى سوريا لقتل زميله، مؤكدًا أن الإعدام غير منطقي مطلقًا، لكون آلن&كان مجرد عامل إغاثة تأثر بمعاناة المدنيين في ذلك البلد، متهمًا الحكومة البريطانية بعدم بذل جهود كافية للإفراج عنه. ومعتبرًا أن تصويتها على شن ضربات جوية مع التحالف قد يكون أدى بهينينغ إلى هذا المصير.


لندن: اتسمت ردود الفعل البريطانية على قتل آلن هينينغ بيد تنظيم الدولة الإسلامية السبت بـ"الصدمة"، بعدما كان يأمل كثيرون بأن يمتنع التنظيم المتطرف عن قتله إثر نداءات للإفراج عنه.

وقدم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون التعازي بمقتل هينينغ، سائق التاكسي البالغ 47 عامًا، والذي توجه إلى المنطقة ليعمل متطوعًا لتوزيع المساعدات، وأعلن التنظيم المسلح قتله في شريط فيديو نشر الجمعة. وقال كاميرون "إن قتل آلن هينينغ مقيت للغاية، ومحض جنون، ولا يغتفر على الإطلاق". وأضاف إن هينينغ، وهو أب لفتيين، "رجل يتمتع بالاحترام البالغ والطيبة والرحمة.. وقتله بهذه الطريقة يظهر هوية الجهة التي نتعامل معها".

وتعهد كاميرون في تصريحه الذي أعقب اجتماعًا مع مسؤولين في الاستخبارات والجيش والحكومة صباح السبت "ببذل كل ما في وسعنا لملاحقة المسؤولين عن هذا الأمر والعثور عليهم". وهينينغ، وهو من مانشستر في شمال غرب انكلترا، رابع رهينة غربي يقتل بأيدي مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية منذ آب/أغسطس، وثاني بريطاني يقتل بعد عامل الإغاثة ديفيد هاينز.

خيبة أمل
إلا أن العديد من أصدقائه وأقاربه كانوا يأملون في أن يكون مصيره مختلفًا، بعد توجيه نداء لإطلاق سراحه من جهات عدة على رأسها الجالية الإسلامية. ووجه عدد من الأئمة والشخصيات المؤثرة رسالة مفتوحة قالوا فيها إن "التهديدات المشينة ضد هينينغ لا يمكن أن تبررها أية آية من القرآن".

وكانت زوجته باربرا قالت إنها تلقت تطمينات إلى أن محكمة شرعية برأته من تهمة التجسس. وخاطبت خاطفيه الثلاثاء عبر شريط فيديو أكدت فيه أن زوجها رجل "مسالم ويحب الآخرين"، كاشفة أنها تلقت رسالة صوتية من زوجها. ودان مجلس مسلمي بريطانيا، أكبر منظمة تضم عدداً من الجمعيات الإسلامية في بريطانيا، مقتله، معتبرًا أنه "مشين ومسيء".

وصرح ماجد فريمان عامل الإغاثة في بلدة ليشيستر وسط انكلترا، والذي رافق هينينغ إلى سوريا، إن قتله "غير منطقي مطلقًا.. لقد قلنا بكل وضوح أنه مجرد عامل إغاثة، ولم يذهب إلى هناك لأسباب سياسية". وقال أصدقاء وأقارب هينينغ إنه توجه إلى سوريا بعد تأثره بمعاناة المدنيين في ذلك البلد، وانضم إلى مجموعة من أصدقاء المسلمين أسستها جمعية "روشديل إيد فور سيريا" الخيرية.

وقد خطف في كانون الأول/ديسمبر، بينما كان يقود شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية متوجهة إلى مخيم للاجئين السوريين. وقال بيتر نيومان أستاذ الدراسات الأمنية في جامعة كينغز كوليدج في لندن، إن عملية القتل دليل على أن تنظيم الدولة الإسلامية لا يأبه بأي آراء من الخارج. وأوضح أن قتل هينينغ "يظهر بوضوح أن التنظيم ليست لديه خطوط حمراء".

شريكة في الدم
وأكد كاميرون أن خطف هينينغ وقتله فيما كان يحاول مساعدة الآخرين "يثبت أن ليست هناك حدود لانحراف إرهابيي الدولة الإسلامية"، وقال "سنبذل ما في وسعنا لملاحقة هؤلاء القتلة وإحالتهم أمام القضاء". إلا أن فريمان اتهم الحكومة البريطانية بعدم بذل جهود كافية لضمان الإفراج عن هينينغ. وقال "الحكومة لم تفعل أي شيء مطلقًا للمساعدة في هذه القضية. بل إنها صوّتت لشن ضربات جوية في قرار قد يكون أدى بهينينغ إلى هذا المصير".

وفي الأسبوع الماضي صوّت البرلمان البريطاني لمصلحة الانضمام إلى الضربات الجوية ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا. وفي شريط مسجل لإعدامه، قال التنظيم إن دماء آلن هينينغ هي "على أيدي البرلمان البريطاني". من ناحيتها، قالت إحدى النائبات من حزب العمال المعارض، والتي اعترضت على شن تلك الغارات، إنها تتمنى لو صوّتت على القرار.

وقالت في رسالة على تويتر إن "عمليات القتل الشريرة التي ينفذها تنظيم الدولة الإسلامية يجعلني أتمنى لو أنني أيّدت قصفه في العراق في الأسبوع الماضي. أريد أن أنتقم لمقتل آلن هينينغ". من جانبه، دان مجلس الأمن الدولي بقوة قتل هينينغ، ووصفه بجريمة القتل "البشعة والجبانة". وفي بيان تبناه بإجماع أعضائه ليلة الجمعة السبت، قال المجلس إن& "الأعمال الوحشية المستمرة التي يرتكبها تنظيم الدولة الإسلامية لن تخيفنا، بل إنها ستقوي عزمنا" التصدي للجهاديين.

المئات يتظاهرون في لندن ضد ضربات العراق
في سياق متصل، سار بضع مئات المتظاهرين تحت المطر السبت في لندن احتجاجًا على الضربات الجوية البريطانية في العراق متوجهين الى مقر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون. وغداة نشر تنظيم الدولة الاسلامية فيديو يظهر عملية قتل الرهينة البريطاني الثاني آلان هينينغ، انطلقت التظاهرة من وسط العاصمة البريطانية في اتجاه داونينغ ستريت رافعة لافتات كتب عليها "لا للعراق 3"، و"اوقفوا قصف العراق".

وأعرب فرانسيس أونيل (36 عامًا) الذي قدم من أوكسفورد عن "تعاطفه الكامل" مع عائلة هينينغ، لكنه اعتبر أن الضربات الجوية ليست الحل. وقال "لا فرق إن رأيت أحدًا يقطع رأسه أو يصاب بضربة طائرة بدون طيار"، معتبرًا أن بريطانيا تظهر "الوحشية نفسها" مثل تنظيم الدولة الإسلامية. وقال متظاهر آخر يدعى كارل باكلاند (55 عامًا) معلقًا على العمليات الجوية "إنها تزيد الوضع سوءًا. من الجنون أن ننفق المليارات لتدمير الأسلحة التي أعطيناها بأنفسنا للجيش العراقي".

وقال رياض إبراهيم (28 عامًا) "هذا أمر غير أخلاقي على الإطلاق. هذا البلد ساهم في ولادة هذه الحرب، وكل ما تفعله الضربات أنها تعزز الجهاديين". وأعلن كاميرون الجمعة نشر طائرتين إضافيتين، ما يزيد إلى ثمانٍ عدد طائرات تورنيدو المشاركة في العملية انطلاقًا من قاعدة بريطانية في قبرص.
&