افتتح في الشارقة بحضور حاكمها الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، مؤتمر "الاستثمار في المستقبل - حماية الأطفال اللاجئين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، بحضور شخصيات عربية وعالمية، للتحدث عن اللاجئين الهاربين من الصراعات الدموية في المنطقة.


أحمد قنديل من دبي:&أكد الشيخ سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى للاتحاد، في دولة الإمارات حاكم الشارقة، أن الاهتمام بإقامة وعقد المؤتمرات المعنية بحماية ورعاية الأطفال واليافعين ليس بالأمر الجديد، ولا المستحدث، بل هو ذو علاقة مباشرة بالفطرة والمبادئ الإنسانية السامية التي تعتنقها جميع شعوب العالم مهما اختلفت حضاراتها وهوياتها، وقد نتج من تلك المؤتمرات العديد من المواثيق الدولية والتشريعات والقوانين المحلية، التي تبرز حقوق الأطفال واليافعين في الحماية من الاعتداء بكل أنواعه ومصادره، والرعاية الشاملة وخاصة الثقافية والصحية والتعليمية لينمو الأطفال واليافعون آمنين وليشاركوا في صنع مستقبل ورخاء مجتمعاتهم أينما كانوا.&
&
المؤتمر
جاء ذلك خلال افتتاحه فعاليات مؤتمر "الاستثمار في المستقبل - حماية الأطفال اللاجئين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، الذي حضرته "إيلاف" اليوم الأربعاء، والذي ينظم للمرة الأولى في المنطقة، تلبية لدعوة من قرينته الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، المناصرة البارزة للأطفال اللاجئين في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وبحضورها إلى جانب حضور الملكة رانيا العبدالله، عقيلة ملك الأردن. والدكتور نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية، وأنطونيو غوتيريس المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، مستشار الأمن الوطني لدولة الإمارات، نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي والشيخة بدور بنت سلطان بن محمد القاسمي، رئيس هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير "شروق".
وأضاف الشيخ سلطان قائلا "للأسف الشديد ونظراً للظروف المختلفة والمتغيّرة التي تحيط بالعديد من بلاد العالم، وخاصة منطقتنا في السنوات الأخيرة، نجد أمامنا الآن ملايين الأطفال واليافعين والنساء... في حالة مأسوية قاسية نزحوا من ديارهم هاربين من أهوال الصراعات والنزاعات المسلّحة التي تدمر من دون تمييز كل ما هو أمامها من بشر وممتلكات ويتجاهل منفذوها ما تنادي به الأديان السماوية كلها، وكل ما تحتويه التشريعات والقوانين المحلية والمواثيق الدولية من الحقوق الأساسية ".
&
جهود كثيرة
وأشاد حاكم الشارقة بالجهود التي بذلتها دول جوار مناطق الصراع وبعض الدول الاخرى والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، والمنظمات المعنية في جامعة الدول العربية وبعض مؤسسات المجتمع المدني كل في مجاله، بإقامة المخيمات الموقتة لإيواء اللاجئين والنازحين وتقديم المساعدات المادية والعينية والتنسيقية، والعمل على توفير بعض الخدمات الاساسية في المخيمات.
وأردف قائلا "لقد تبين جلياً من خلال الممارسات الفعلية في أماكن تجمع اللاجئين والنازحين الحاجة الملحة لزيادة ودعم التعاون بين جميع المشاركين في تقديم الحماية والرعاية الشاملة وخاصة في مجالي الصحة والتعليم داخل وخارج المخيمات لتعظيم الاستفادة من الجهود المبذولة ولتأهيل الاطفال واليافعين لمستقبل أفضل باذن الله لهم ولمجتمعاتهم ونحن نتوق لمعرفة خلاصة خبراتكم وتوصيات مؤتمركم في هذا الشأن".
وأعرب في ختام كلمته عن أمله في أن تؤدي الحوارات والمناقشات إلى الخروج بتوصيات عملية مبتكرة تتلاءم مع أوضاع منطقتنا لدفع الجهود المبذولة لحماية وتوفير الرعاية الشاملة للأطفال واليافعين النازحين من ديارهم في ظروف قهرية قاسية، داخل وخارج بلادهم.
&
الملكة رانيا: كارثة اللاجئين من أعظم الكوارث الإنسانية
من جهتها أكدت الملكة رانيا العبدالله في كلمتها خلال الافتتاح، أن كارثة اللاجئين تعتبر من أعظم الكوارث الإنسانية، التي يدرك الجميع حجمها وقوة صفعتها على وجه إنسانيتنا. وقالت "نعلم أن الجميع يحاولون مساعدة اللاجئين والوقوف إلى جانبهم في محنتهم. لكن الكوارث الإنسانية تحتاج إلى جهود كل الناس، فالاقتلاع من الوطن.. يخلق واقعاً جديداً، فالدنيا صغيرة عندما ننظر إليها ونحن آمنون، لكنها موحشة وكبيرة وغريبة لمن لا يعيش في أمان، حين يخرج الإنسان من وطنه قسراً، ينتقل من كونه ملكاً في بيته، إلى كونه رقماً. بالرقم يأكل؛ وبالرقم يسكن؛ وبالرقم يعيش".
وأضافت "في الأردن كثافة اللجوء السوري تشكل تحدياً كبيراً لنا، خاصة في المجتمعات المحلية المستضيفة. هناك أكثر من مليون سوري في الأردن، منهم 613 ألفا فقط مسجلون في الوثائق والسجلات. الأردن صغير بحجمه؛ إلا أنه كبير في انتمائه القومي والإنساني.. والبركة المطروحة في أرضه، والشهامة الأردنية لا تقبل الذل والمعاناة والتشرد لأي عربي". مضيفة أن "العالم منذ عقود يعرف جيّداً أن بإمكانه الاعتماد على الأردن في المواقف الإنسانية الصعبة، وعلى العالم دور كبير في مساندة جميع الدول الحاضنة والمستضيفة للاجئين، لأن في هذا استقرارا لمنطقتنا".
وفي حديثها عما يقدم للاجئين قالت "هناك عجز واضح في العطاء الإنساني فالاحتياجات لتخفيف المصائب والمحن تفوق ما يقدم بكثير. تقديرات الأمم المتحدة لحاجة الدول المستضيفة للاجئين السوريين تتجاوز ثلاثة مليارات دولار لتغطية نفقات احتضان اللاجئين في عام 2014! ولم يتبق من عامنا هذا سوى شهرين، ولم يتم تأمين سوى 50 بالمائة من هذا الرقم.. هذه الأرقام تغطي نفقات اللاجئين المسجلين وليس كلفة استضافة النازحين ككل. فالعائلة النازحة والعائلة المواطنة التي تشاركت معها في مواردها الشحيحة من مياه؛ وطاقة؛ وكهرباء، والطفل الذي ترك مدرسته وبيته ووطنه والطفل الذي اكتظ صفه وتقاسم عطاء معلمه ووقت حصته الدراسية، كلهم بحاجة للدعم لئلا يشعر أي منهم بالقهر".
وتساءلت "أية طفولة وأي مستقبل ينتظر الأطفال في أوطاننا العربية الممزقة؟ وهل سنرضى لهؤلاء الأطفال.. للملايين من هذا الجيل أن يكبروا وهم يعتقدون أننا رأينا حالهم والفراغ في مستقبلهم، ولم نفعل شيئا؟" وقالت "هناك مئات الآلاف من الأطفال العرب خارج المدارس بسبب النزاعات.. وأثمن ما قد نقدمه لهؤلاء الأطفال هو تعليم يقيهم ذل الضياع، حتى لا تقعدهم دوامة اللجوء عن بناء حياة ملكهم".
وأضافت الملكة رانيا "واجبنا هو أن نؤمن لهم تعليما يرون من خلاله مستقبلهم... تعليما يخرج بخيالهم وطموحهم من الشتات إلى عالم لهم فيه دور. فحين ينقشع غبار الحرب سيبدأ أطفال وشباب اليوم بالعودة لأوطانهم، ولكي يبنوا وطناً ينعمون فيه بالأمن والإستقرار... يجب أن نعلمهم اليوم. التعليم هو أداتهم لإعادة بناء أنفسهم وإعادة إعمار أوطانهم. وأكدت جلالتها أن إغاثتهم وتمكينهم من العيش مسؤولية كل شخص خارج تلك الدوامة، لا عطفاً بل واجباً إنسانياً".&

نبيل العربي: شلالات الدم تعبر عن نقص في وسائل التدخل الإنساني
من جانبه أعرب الدكتور نبيل العربي في كلمته عن ألمه لمناقشة قضية تتعلق بمستقبل المنطقة العربية بأسرها، وهي قضية حماية الأطفال أثناء النزاعات المسلحة وأثناء اللجوء، موضحا أنه "من واجبنا اليوم أن نتضامن جميعا وباسم الضمير الإنساني من أجل حماية الأطفال من كل أشكال العنف... إن شلالات الدم التي نشهدها على الأرض العربية في مناطق مختلفة، من بينها سوريا، أصبحت تعبر عن نقص واضح في وسائل وآليات التدخل الإنساني للتعامل مع الأزمات الدولية الكبرى، التي لا تهدد مستقبل المنطقة فحسب، وإنما تمثل أيضاً تهديداً خطيراً للأمن والسلم الدوليين، ويؤكد مشهد موت وإصابة الأطفال في المنطقة العربية، الفجوة الكبيرة بين التشريعات والقرارات الدولية من جهة، وإمكانية تطبيقها من جهة أخرى."&
&
أنطونيو غوتيريس: الصراعات والاضطهاد تسبب بتهجير الملايين
وذكر أنطونيو غوتيريس، المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في كلمته "بلغ معدل النزوح القسري في العالم مستوى غير مسبوق منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، فقد تسببت الصراعات والاضطهاد بتهجير أكثر من 51 مليون شخص حول العالم. وفي العام الماضي، اضطر أكثر من 32.000 شخص إلى النزوح يوميا &أي بما يفوق معدّل النزوح اليومي المسجل قبل عامين فقط، بأكثر من الضعف.
وأضاف "قد كانت هذه المنطقة الأكثر تضررا فقد استضافت بلدان عديدة، بدءاً من موريتانيا وصولاً إلى اليمن، أعداداً كبيرة من اللاجئين. إلا أنّ أزمة النزوح التي تطرح أهم التحديات في العالم اليوم، هي بالطبع تلك التي تسبب بها الصراع في سوريا وامتداده الهائل إلى العراق.
&
3 ملايين و200 ألف لاجئ
وأشار إلى أن المفوضية سجلت أكثر من 3 ملايين و200 ألف لاجئٍ سوريٍ في لبنان والأردن وتركيا والعراق ومصر، وهو أكبر عدد من اللاجئين تحت ولايتنا في الوقت الراهن. وأضاف "إن لهذا التدفق أكبر الأثر على اقتصادات البلدان المُستقبلة ومجتمعاتها وعلى حياة المواطنين العاديين في المجتمعات المضيفة؛ فالبنى التحتية العامة والمدارس والمستشفيات في جميع أنحاء المنطقة مكتظة، كما أنّ ارتفاع معدّلات البطالة وتقلص قيم الرواتب وارتفاع الأسعار، كلها عوامل تتسبب بالمعاناة للكثيرين من أفراد المجتمعات المضيفة الذين يصارعون من أجل تلبية احتياجاتهم. وفي الوقت عينه، يزداد اللاجئون السوريون ضعفاً، نظراً لنفاد مدخراتهم منذ وقتٍ طويل ولأن الكثيرين من بينهم على وشك إمضاء فصل الشتاء في المنفى للعام الثالث أو الرابع".
واختتم قائلا"إن التواني عن الاستثمار في اللاجئين الشباب هو إضاعة لفرصة كبرى وينبغي علينا القيام بما في وسعنا للحؤول دون تحول هؤلاء الأطفال إلى جيلٍ ضائع؛ فإن لم نؤمّن لهم الحماية اللازمة من الاستغلال والإيذاء ولم نوفر لهم التعليم وفرص اكتساب المهارات، فإن ذلك سيؤخر تعافي بلدانهم ونموها لسنوات. ومن الواضح أنّ السبيل الأساسي لحماية الأطفال هو إيجاد حلول للصراعات التي أجبرتهم على الفرار، ومن الواضح أيضاً أنّ هذه الحلول لا بد أن تكون سياسية. ولكن إلى حين العثور عليها، يتعين علينا القيام بكلّ ما يلزم من أجل حماية هذا الجيل من الأطفال اللاجئين ورعايته؛ فهؤلاء هم الركن الذي يقوم عليه مستقبل بلدانهم وهم الطريق إلى السلام والازدهار في المنطقة برمتها"
&
رسالة مصورة
وقال غوردون براون، رئيس وزراء المملكة المتحدة سابقا، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للتعليم العالمي، في رسالة عبر الفيديو إلى المشاركين في المؤتمر، "أود أن أقدم دعمي الكامل لهذا المؤتمر المهم، ولهذه المبادرات التي تم اتخاذها. وأنا على علم تام ومنذ بداية الأزمة ومن خلال تواصلي وأحاديثي مع الناس في لبنان ومناطق الجوار السوري، بأن المساعدات المقدمة للاجئين السوريين تأتي بفضل العمل الذي يقوم به كل من قائدي هذا المؤتمر، وبفضل جهود العديد من المنظمات التي يتواجد ممثلوها في هذا المؤتمر. إنها واحدة من أصعب التحديات التي نواجهها منذ العام 1945، فدعونا نواجهها معاً. وأنا أعي بأن هذا المؤتمر قادر على إحداث فارق كبير".
&
أنجلينا جولي والطفلة هلا
وتابع الحضور فيلماً قصيراً مؤثراً قدمته النجمة العالمية أنجلينا جولي، المبعوثة الخاصة للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وأعربت خلاله عن دعمها للمبادرات التي تم اتخاذها لحل أزمة اللاجئين السوريين، وذلك بمساهمتها بهذا الفيلم الذي يسلّط الضوء على التحديات اليومية التي يواجهها الأطفال اللاجئون.&
ويروي الفيلم قصة هلا، الطفلة التي تبلغ من العمر 11 عاما، تعيش وأخوتها حياة اللجوء في لبنان. وتناول الفيلم من منظور عاطفي هذه المحنة المأسوية والمعاناة الإنسانية الأليمة التي فرضت على أعداد كبيرة من السوريين، حيث نرى حالات كثيرة من الأطفال اللاجئين الذين فقدوا منازلهم وفي كثير من الأحيان فقدوا الدعم الكامل الذي يحتاجه الأطفال اللاجئون.&
وقالت جولي في الرسالة التي سبقت عرض الفيلم: "من المروع أن نرى من بين كل إثنين من اللاجئين في الشرق الأوسط طفلاً لاجئاً. آمل بأن يمنحكم هذا الفيلم القصير، الذي يعرض قصة فتاة صغيرة تدعى هلا، رؤية حول التحديات التي تواجه الأطفال اللاجئين. وآمل بأن تمثل قدرتها على التأقلم وقوتها مصدر إلهام لكم لتقوموا بكل ما تستطيعون القيام به، فردياً وجماعياً، لدعم هؤلاء الأطفال في وقت الحاجة وللمساعدة على إعادة السلام إلى سوريا".&
&