كييف: يجري الرئيس الاوكراني بترو بوروشنكو الاثنين مشاورات مع خصومه الموالين للغرب بهدف تشكيل ائتلاف بعد الانتخابات التشريعية المبكرة التي لقيت ترحيبا في الولايات المتحدة واوروبا، وقابلها تجدد المعارك في الشرق الانفصالي الموالي لروسيا.

وهذه العملية الانتخابية التي يبدو ان الاوكرانيين اداروا خلالها ظهرهم لماضيهم السوفياتي وهم في اوج الازمة مع روسيا، اعتبرها المراقبون الدوليون مطابقة للقواعد الديموقراطية مع بعض "الحوادث المعزولة" وخصوصا عمليات تخويف وتهديدات. وفي الجانب الروسي، ندد وزير الخارجية سيرغي لافروف بـ"عدد كبير من الانتهاكات"، مشيرا في الوقت نفسه الى ان موسكو "تعترف" بنتائج العملية الانتخابية.

وهنأ الرئيس الاميركي باراك اوباما الاوكرانيين الاثنين على "نجاح" الانتخابات التشريعية، التي جرت في بلادهم الاحد، مشيدًا بالتعبئة التي جرت لملايين الناخبين في هدوء على الرغم من صعوبة الاجواء في عدد من مناطق البلاد.

وقال اوباما ان هذه الانتخابات تشكل "مرحلة جديدة مهمة في التطور الديموقراطي" لأوكرانيا، معربا في الوقت نفسه عن الاسف لان "السلطات الروسية التي تحتل القرم والانفصاليين، الذين يدعمهم الروس في بعض مناطق شرق اوكرانيا" منعوا عددا كبيرا من المواطنين من ممارسة حقوقهم الديموقراطية. وفي الشرق الانفصالي، معقل الموالين لروسيا، استيقظت دونيتسك على دوي قاذفات الصواريخ غراد، لتنتهي بذلك هدنة استمرت نهاية الاسبوع، في المعارك التي حصدت بالاجمال 3700 قتيل منذ نيسان/ابريل، وتذكر بهشاشة الحوار الجاري.

وتحدثت القوات الاوكرانية من جانبها عن اطلاق صواريخ على مواقعها القريبة من مدينة ماريوبول الساحلية التي تسيطر عليها اصابت مساكن عدة. واعلن متحدث عسكري اوكراني الاثنين ان جنديين اوكرانيين قتلا في معارك مع الانفصاليين الموالين لروسيا الاحد في منطقة لوغانسك بعد اسبوع من دون قتلى في صفوف الجيش. واعتبر الرئيس بترو بوروشنكو ان الفوز الذي حققته القوى الموالية للغرب في انتخابات الاحد، هو تصويت على الثقة في خطته للسلام.

الا ان التوصل الى وقف اطلاق النار في الخامس من ايلول/سبتمبر، تم التفاوض في شأنه بمشاركة روسيا، لم يؤد الى الوقف الشامل للمعارك وانتقده البعض، معتبرين اياه استسلاما امام المتمردين المدعومين عسكريا من موسكو، بحسب كييف وحلف شمال الاطلسي. وتؤكد النتائج الجزئية التي شملت 68.48 بالمئة من بطاقات الاقتراع النتيجة غير المسبوقة منذ الاستقلال في 1991 (حوالى 70% من الاصوات) التي حصلت عليها اللوائح الخمس الاساسية المؤيدة للتقارب مع الاتحاد الاوروبي.

لكنها تعني ايضا ان رئيس البلاد الذي انتخب في ايار/مايو في الدورة الاولى، لن يتمكن من حكم البلاد بمفرده. وبحسب المتحدث باسمه، فان "رئيس الدولة اجرى مشاورات الاثنين مع رئيس الوزراء ارسيني ياتسينيوك" ومع رئيس بلدية لفيف اندري سادوفييو اللذين حصلت تشيكلاتهما على نتائج تتجاوز كل التوقعات "لتشكيل ائتلاف ديموقراطي قوي".

وتكتل بترو بوروشنكو (21,41 بالمئة) سبقته بشكل طفيف الجبهة الشعبية& (21,73 بالمئة) بزعامة ارسيني ياتسينيوك الذي يرى تعزيز فرصه للتمديد له على راس الحكومة. ثم يليه ساموبوميتش (11 بالمئة) التشكيل المؤلف من ناشطين شبان ومقاتلين عائدين من الجبهة.

ووصف الاتحاد الاوروبي نتئاج الانتخابات التشريعية الاوكرانية بانها "انتصار للديموقراطية ولبرنامج الاصلاحات الاوروبية" ولقيت الترحيب ايضا من دول الكتلة السوفياتية سابقا. وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قال وزير الخارجية الليتواني ليناس لينكيفيسيوس "لا الحرب المستمرة ولا محاولات اغراق الشعب بالاكاذيب، تستطيع تغيير مجرى التاريخ. فالخيار الذي قام به الشعب يؤكد استعداد اوكرانيا لتقول وداعا للماضي والاستمرار الثابت لعملية الانضمام الى اوروبا".

والوقت يدهم الحكم الاوكراني الذي سيصوت على اصلاحات اساسية لاخراج البلاد من كساد عميق ومكافحة الفساد المزمن وتقريبها من الاتحاد الاوروبي. ومع وصول الشتاء، يتعين عليها ايضا ان تسوي الخلاف الذي يحرمها من الغاز الروسي منذ حزيران/يونيو.

واثرت الازمة تأثيرا مباشرا على الانتخابات. فحوالى خمسة ملايين ناخب من 36 مليونا بالاجمال، لم يتمكنوا من التصويت في القرم التي ضمتها روسيا في اذار/مارس ولا في المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون في الشرق. وسيبقى هناك 27 مقعدا شاغرا من مقاعد البرلمان الـ450.