نبه أمير الكويت ورئيسا مجلس الأمة والحكومة الكويتية مما يحدث في المنطقة، ودعوا إلى توحيد الصفوف لتجنيب الكويت تداعيات الأحداث الجارية.


الكويت: نبهت الكلمات التي ألقاها اليوم أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، ورئيس مجلس الأمة مرزوق علي الغانم، ورئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر مبارك الحمد الصباح في افتتاح دور الانعقاد العادي الثالث للفصل التشريعي الرابع عشر لمجلس الامة الكويتي، نبهت من الأحداث المأساوية التي تشهدها الدول القريبة من الكويت، ومن سفك دماء تمارسها تنظيمات متطرفة. ودعت الكلمات إلى الوحدة الوطنية لحفظ ما تتمتع به الكويت من أمن واستقرار.

العاقل من اتعظ

قال أمير الكويت إن العديد من أقطار العالم العربي تجتاحه أعاصير عاتية وزلازل مدمرة من الحروب الأهلية، وأعمال الإرهاب والانفلات الأمني، ومعاناة من ويلات الإرهاب وفقدان الأمن، ومن تشريد وتجويع وفوضى ودمار، ومن سفك للدماء تمارسها تنظيمات متطرفة ومليشيات مسلحة وجماعات متشددة تنشر الفوضى وتجر الدمار.

واضاف: "نرى في هذا المشهد المأساوي دولًا تتفكك، وحكومات تنهار، ومؤسسات تتلاشى، أدت إلى فوضى شاملة غاب فيها القانون وانعدم فيها النظام والأمن والأمان، وأصبحت أقدار الناس بأيدي مسلحين مجهولين أجبرتهم إلى التشرد داخل وخارج أوطانهم".

وتابع في كلمته: "إذا كان الألم يعتصر قلوبنا لذلك، فإننا في هذا البلد الآمن الأمين نحمد الله على نعمة الأمن والأمان والسلام والاستقرار التي تستوجب منا حفظ هذه النعم واستخلاص الدروس والعبر مما يجري حولنا، فالعاقل من اتعظ بغيره".

وشدد أمير الكويت على العمل "لتحصين وطننا ضد وباء الإرهاب العابر بالحدود، وحماية مجتمعنا من أسباب الفتن والنزاعات، بترسيخ وحدتنا الوطنية وتعزيز جبهتنا الداخلية بتلاحمنا ووقوفنا صفًا واحدًا متكاتفين متعاونين، شعارنا دائمًا مصلحة الكويت فوق أي مصلحة أخرى".

بناء الشباب

في التوجه الكويتي القوي لبناء الإنسان الكويتي، قال أمير الكويت إن التنمية البشرية هي أساس التنمية الشاملة وأداتها وهدفها، فالدول والمجتمعات ترتقي وتتقدم بصلاح الإنسان.

وأكد أن بناء الإنسان الكويتي "في طليعة أولوياتنا ليكون مؤهلًا علميًا وعمليًا، يملك الكفاءة والمقدرة والخبرة التي تتطلبها أسواق العمل، بناء الإنسان الكويتي المؤمن بدينه وبوطنه المتمسك بقيمه مبادئه وتراثه الذي يؤدي واجبه قبل أن يأخذ حقوقه".

وأكد الأمير أن لهؤلاء الشباب منا كل الدعم وكل التشجيع وكل الرعاية، "نحاورهم ونسمع منهم ونشركهم في الأمر، ونأخذ بأيديهم، ندربهم ونؤهلهم لحمل مسؤولية كويت المستقبل حين يتسلمون الراية ملبين نداء الوطن".

تراجع أسعار النفط

نبه أمير الكويت إلى ضرورة الاهتمام بتنمية الاقتصاد، التي سبق أن ناشد من هذا المنبر مرات عديدة للتركيز والاهتمام بالتنمية الاقتصادية. وطالب اليوم أيضًا بالعمل على تطوير وبناء نشاطات اقتصادية منتجة توفر فرصا للعمل للشباب، وتنوع مصادر دخل الدولة وتقلل اعتماد اقتصادنا الوطني على النفط.

واشار إلى ما يشهده سوق النفط من دورة انخفاض أخرى في أسعاره نتيجة لعوامل اقتصادية وسياسية تعصف بالاقتصاد العالمي، ما يلقي بظلال سلبية على اقتصاد الكويت الوطني.

ودعا الأمير الحكومة ومجلس الأمة إلى تحمل مسؤولياتهما الوطنية لإصدار التشريعات، واتخاذ القرارات اللازمة التي تحمي ثروات الكويت النفطية والمالية، قائلًا: "هي ليست ملكًا لنا فحسب، بل هي أيضًا حق للأجيال القادمة، علينا أن نستغلها الاستغلال الأمثل لضمان استمرار بناء الإنسان الكويتي ونمو اقتصادنا الوطني".

وشدد الأمير بقوله: "عليكم مسؤولية منع الهدر في الموارد، وترشيد الإنفاق، وتوجيه الدعم لمستحقيه دون المساس بالاحتياجات الأساسية للمواطن أو التأثير على مستوى معيشته".

حريصون على الأمانة

ودعا أمير الكويت المجلس والحكومة للتكاتف لمواجهة ظواهر سلبية بدأت تتفشى بين الشباب، والحد من انتشارها من خلال سن التشريعات اللازمة والحزم بتطبيق القانون على كل مخالفيه، وتفعيل دور المدرسة والمسجد والأسرة.

كذلك دعا الأمير مجلس الأمة للتعاون البناء مع الحكومة وبذات الوقت دعاهم لتفعيل الرقابة على أداء الأجهزة الحكومية. مؤكدًا: "إنني على يقين كامل بأنكم حريصون وقادرون على حمل الأمانة الغالية والآمال العريضة، التي يعلقها أهل الكويت عليكم وكويتنا الغالية".

تحية إكبار

أما مرزوق الغانم، رئيس مجلس الأمة، فقال في كلمته: "ما يشهده محيطنا القريب من حرب مفتوحة مختلفة في طبيعتها، خبيثة في أهدافها، متصاعدة في سعيرها، متوحشة بجرائمها وبشاعتها وتدميرها، ويتعذر استقراء نتائجها التي سيتقرر في ضوئها مستقبل أنظمة، ويعاد رسم خرائط دول، وتشكيل تحالفات قوىً وتوازنات مصالح".

أضاف: "إذا كان من حسن حظ الكويت أن يكون ربانها في بحر الظلمات هذا، هو أنتم بالذات يا صاحب السمو الأمير شيخ المصالحات العربية وعميد الدبلوماسية الدولية والقائد الإنساني، فإن من الإنصاف الثناء على حنكة واتزان الدبلوماسية الكويتية في مقاربتها السياسية لتداعيات هذا الإعصار، وتوجيه تحية إكبار للكويت، أميرًا وحكومةً وشعبًا لجهودهم الإنسانية في تخفيف ويلات الجوع والتشرد والدمار".

وتابع الغانم قائلًا: "الكويت - مثلها في ذلك مثل كل دول المنطقة - لا تستطيع أن تنأى بنفسها عن تداعيات هذه الفوضى وتطوراتها، وليس لنا حيال ذلك إلا أن نعتصم بسماحة عقيدتنا، ونتحصن بقوة وحدتنا، ونتمسك بمؤسساتنا الدستورية، خصوصًا بعد أن أصبح الإرهاب صناعة عابرة للقارات متكاملة الأركان وحشية الممارسة، وأول ضحاياه هم المتفرقون والضعفاء".

الخيار الصعب

وانتقل الغانم للقول: "إن المجلس الحالي لم يمض في العمل البرلماني والسياسي كما مضت عليه بعض المجالس السابقة التي كنت أنا شخصيًا جزءًا منها، يستخدم الخطاب عالي النبرة، مثير للغبار السياسي، الذي يسجل الموقف ويرفع الشعار، يشير إلى المشكلة ولا يدخل في خضمها".

وقال إن المجلس الحالي اختار الخيار الصعب، خيار العمل بصمت وهدوء، العمل في اللجان وقاعات البحث وورش العمل. وأن تقول للناس أن تلك المشكلة صعبة ومعقدة، وتحتاج إلى تضحيات وصبر، وأنها مرتبطة بأمور أخرى متراكمة ومتقادمة، وان الحل يحتاج إلى جهد وعمل ومثابرة ، "وهكذا ومن خلال هذا الطريق ومنطلقاته، وبفضل من الله أولًا، ودعم من سمو أمير البلاد ثانيًا، نجح مجلس الأمة في دور انعقاده الثاني بأن يتصدى لمشكلة الإسكان بكل أبعادها، والوصول إلى توزيع أكثر من 14 ألف وحدة سكنية سنويًا بعد أن كان معدل التوزيع في الخمسة عشر سنة الماضية لا يتجاوز الثلاثة آلاف وحدة سكنية ، وحقق المجلس إنجازًا شعبيًا غير مسبوق حين أقر قانون المحكمة الدستورية الذي مكن فيه المواطن من اللجوء إليها مباشرةً بعد أن كان هذا الحق معطلا لأكثر من أربعين عامًا".

إقرار قوانين

أضاف الغانم: "كما أقر قانون التأمين الصحي بشأن علاج المتقاعدين، وقانونًا في شأن مكافأة نهاية الخدمة للكل وبالمساواة، وقانونًا يتيح للأندية الرياضية تمويل نشاطاتها ذاتيًا. هذا فضلًا عن قوانين المعاملات الإلكترونية، والهيئة العامة للنقل، وهيئة تنظيم الاتصالات، وتعديل قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وإنشاء اللجنة الوطنية لحماية المستهلك، وقانون البيئة والعديد من القوانين الأخرى المهمة".

وتطرق الغانم إلى قضية ما زالت في أروقة المحاكم، تتعلق باتهامات استيلاء على المال العام وتحويلات مليارية، فقال إن المجلس أوصى بتسليم كل ما طرح إلى الجهاز القضائي ليباشر اختصاصه.
&
بيئة إنجاز

ثم توجه رئيس مجلس الأمة بالشكر والعرفان للنواب على ما بذلوه في دور الانعقاد الماضي من فكر وجهد ووقت لجعله من أفضل الأدوار أداء وإنتاجًا، وما تحلوا به من جرأة وشجاعة في الوقوف أمام بعض الممارسات التي أساءت استخدام الأدوات الرقابية وتعسفت بها، "الأمر الذي ساهم في إصلاح هذا الاعوجاج الدستوري وأعاد الاعتبار لتلك الحقوق والرخص الدستورية التي شرعها المؤسسون الأوائل كوسائل إصلاح ، لا أدوات للابتزاز والضغط السياسي".

اضاف: "ونحن على قناعة لا يعتريها أي شك بأن كوننا ممثلين للشعب لا يحصننا أبدًا من الخطأ، ولا يعفينا من النقد، طالما أنه نقد تقويمي يوجهه من يعرف تمامًا أن رأيه – مثل رأينا- يحتمل الخطأ والصواب".
وأعرب المرزوق لرئيس مجلس الوزراء وحكومته عن صادق التقدير لما أبدوه من تعاون وحسن نوايا في معالجة الكثير من القضايا، وفي الاستجابة للعديد من مطالب المجلس وتوصياته. وأكد أن تعاون مجلس الأمة مع الحكومة من دون تعسف في التشريع، أو تطرف في الرقابة، أو تهاون في المساءلة، يعتبر شرطًا أساسيًا لتكوين بيئة قادرة على الانجاز.

تحصين المجتمع

بدوره قال رئيس الوزراء الشيخ جابر مبارك الحمد الصباح في كلمته إن الكويت ليست بعيدة عن شرر وآثار تلك الأحداث، "الأمر الذي يتطلب منا جميعًا المزيد من اليقظة والحكمة والوعي في الرؤية وفي الممارسة المسؤولة في هذه المرحلة الدقيقة، لنعبر بسفينة بلدنا إلى بر الأمان بما يفرض علينا التمسك بعقيدتنا السمحاء، وبثوابتنا الوطنية وقيمنا الراسخة، وتحصين مجتمعنا من المفاهيم الدخيلة والأفكار الهدامة، ونبذ العنف والإرهاب وتعزيز روح التسامح، وقبول الآخر بما يجسد وحدتنا الوطنية وصلابتها في مواجهة مختلف التحديات".

واكد الشيخ جابر مبارك الحمد الصباح أن التعاون الايجابي المثمر بين السلطتين التشريعية والتنفيذية أصبح خيارًا لا مناص منه للحفاظ على مكتسبات الوطن وتحقيق التغيير والإصلاح المنشود ودفع مسيرتنا التنموية إلى الأمام.

وقال: "الحكومة تؤكد على حتمية إحداث نقلة نوعية في العمل الإيجابي المثمر لنتجاوز المثالب والمعوقات في تحديد أولوياتنا، وترسيخ دولة القانون والمؤسسات، وأنها أحالت إلى مجلس الأمة مشروع قانون بشأن الخطة الإنمائية للسنوات 2015/2016 ـ 2019/2020 تحت شعار (الانطلاق لتنمية الإنسان واستدامة الاقتصاد) مستفيدة في ذلك من نتائج أداء الخطة الإنمائية الأولى".

القطاع الخاص شريك

أضاف رئيس مجلس الوزراء: "من الإنصاف الإشارة إلى العديد من الانجازات الطيبة المشهودة التي تحققت في مختلف المجالات، وقد كانت بلا شك ثمرة جهود مخلصة وتعاون بناء بين المجلس والحكومة".

وذكر أن الخطة تستهدف معالجة تحديات التنمية الاقتصادية، وإصلاح ما يشوب الوضع الاقتصادي من تشوهات ومعوقات، في ظل ما تشهده أسعار النفط من تراجع مقلق، ما يتطلب مراجعة جادة للتعامل مع النتائج والآثار المترتبة على هذا التراجع، واتخاذ التدابير المناسبة لمواجهة مظاهر الهدر والإسراف وترشيد الإنفاق.

وأكد رئيس مجلس الوزراء على أهمية دور القطاع الخاص الحيوي كشريك فاعل في عملية التنمية كما تستهدف الخطة أيضًا معالجة تحديات التنمية البشرية والمجتمعية، وبناء الإنسان الكويتي بما تشمله من قضايا الرعاية الإسكانية، وتحسين كفاءة خدمات التعليم، وإعادة النظر في مناهجه وأساليبه، وتطوير الخدمات الصحية، ومعالجة الخلل في التركيبة السكانية، وتمكين الشباب وتفعيل مشاركتهم الايجابية في قضايا المجتمع وتعزيز دورهم في بناء وطنهم عبر آليات فعالة وغير ذلك من القضايا التي تهم المواطنين.

وختم: "إن مسؤولياتنا كثيرة وأمانتنا كبيرة وليس أمامنا إلا أن ندرك أبعادها ونتحملها كاملة. والحكومة على يقين من تجاوب المجلس بروح المسؤولية والرغبة الصادقة في التعاون وإشاعة أجواء التفاؤل والأمل بالعمل الجاد البناء من أجل الكويت الغالية وأهلها الأوفياء".