بروكسل: حذر الغرب الاربعاء من قيام الانفصاليين المقربين من روسيا بتنظيم انتخابات في شرق اوكرانيا، التي قالت روسيا انها ستعترف بها، في حين تستأنف المحادثات لتسوية النزاع حول الغاز، الذي يهدد امدادات اوروبا في الشتاء.

ويعتزم الانفصاليون تنظيم الانتخابات الاحد في شرق اوكرانيا بعدما قاطعوا الانتخابات التشريعية الاوكرانية المبكرة، التي جرت في 26 تشرين الاول/اكتوبر، وفازت بها احزاب موالية للغرب. ويخشى ان يزيد تنظيم الانتخابات من تأزيم النزاع، الذي اوقع 3700 قتيل، وتسبب باخطر ازمة بين موسكو والغرب منذ نهاية الحرب الباردة.

يضاف الى ذلك النزاع حول الغاز بين روسيا واوكرانيا، والذي تدور مفاوضات بشأنه في بروكسل برعاية المفوضية الاوروبية. وقال مكتب مفوض الطاقة غونتر اويتنغر ان المفاوضات، التي بدأت بعد ظهر الاربعاء ستستمر حتى وقت متأخر من الليل. واعرب الاتحاد الاوروبي عن "اسفه"، كما فعلت واشنطن الثلاثاء، ازاء رغبة روسيا الاعتراف بالانتخابات التي ينظمها الانفصاليون.

بدوره قال الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ان هذه الانتخابات "ستوجه ضربة قوية إلى اتفاقات مينسك التي ينبغي تطبيقها كل بنودها وبسرعة". ميدانيا، تحدثت كييف عن تعرّض جنودها للقصف بالهاون وبالراجمات. وصرح احد قادة الانفصاليين في قرية لوكوفيه، شرق اوكرانيا، انه يتوقع ان تطول الحرب. وقال "لو ارادت كييف السلام، لانتهت الحرب من فترة طويلة".

واتهم "رئيس وزراء" جمهورية دونيتسك المعلنة من جانب واحد الكسندر زاخارتشينكو اوكرانيا بعدم احترام التزاماتها انشاء منطقة عازلة طولها 30 كيلومترا. وهو تصريح وصفته كييف بانه "استفزازي". وقال زاخارتشينكو في تصريح نقلته وكالة انباء انترفاكس "نحن نستعد للحرب"، معلنا ان خسائر قواته بلغت 384 قتيلا منذ بداية النزاع في نيسان/ابريل. وتحدثت بلدية دونيتسك الاربعاء عن مقتل مدني في اعمال قصف للاحياء القريبة من المطار احد القطاعات الساخنة في المنطقة في الساعات الـ24 الاخيرة.

وقال متحدثون عسكريون اوكرانيون ان القوات الاوكرانية تعرّضت لست هجمات في منطقة المطار ولقصف بمدفعية الهاون بالقرب من ماريوبول المرفأ الاستراتيجية الواقع على بحر آزوف، اسفرت عن سقوط ثلاثة جرحى. والثلاثاء، قدم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف دعما للمتمردين بتأكيده على ان روسيا "ستعترف بالتأكيد" بالانتخابات التي سينظمونها.

وقال لافروف ان الامر يتعلق بـ"تشريع السلطات" الانفصالية في اطار اتفاقات مينسك المبرمة في ايلول/سبتمبر الماضي بين كييف والمتمردين بمشاركة روسيا والتي سمحت بتهدئة في المعارك بدون ان تضع حدا نهائيا لها. ورد الرئيس الاوكراني بترو بوروشنكو بالقول ان "اي انتخابات في منطقتي دونيتسك ولوغانسك تنتهك القوانين الاوكرانية لن تعترف بها الاسرة الدولية وستهدد عملية السلام".

وموسكو التي تتهمها كييف والغربيون بدعم الانفصاليين الموالين لها عسكريا، لم تعترف رسميا في ايار/مايو الماضي باستفتاءين حول الاستقلال نظمهما المتمردون، خلافا لذلك الذي سمح قبل شهرين من ذلك بضم شبه جزيرة القرم الى روسيا. ودان وزير الخارجية الاميركي جون كيري بشدة تصريحات لافروف، وقال "ان ذلك يشكل انتهاكا واضحا للتعهدات التي قطعتها روسيا والانفصاليون اثناء اتفاقات مينسك".

ومن دون ان يربط ذلك بالازمة في اوكرانيا، قال الحلف الاطلسي الاربعاء انه تدخل مرارا خلال اليومين الماضيين بعد ان لاحظ نشاطا كثيفا للطيران الحربي الروسي في الفضاء الاوروبي. وقرر الاتحاد الاوروبي الثلاثاء الابقاء على العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا، والتي اثرت سلبا على اقتصادها الذي بات على شفير الركود، وخاصة على الروبل.

وفي هذه الظروف غير المؤاتية، يسعى الاوكرانيون والروس برعاية الاتحاد الاوروبي الى التوصل الى تسوية في النزاع حول الغاز لاستئناف الامدادات الروسية الى اوكرانيا والمتوقفة منذ حزيران/يونيو. وقدر المفوض الاوروبي لشؤون الطاقة غانتر اويتنغر بخمسين بالمئة فرص التوصل الى اتفاق.

وقال في مقابلة مع شبكة "زد دي اف" الالمانية العامة "نحن بحاجة إلى اتمام" تزويد اوكرانيا للشتاء "عبر شراء الغاز من روسيا. ولهذا السبب، يتعين علينا اولا دفع الفواتير السابقة" مثل فاتورتي تشرين الثاني/نوفمبر وكانون الاول/ديسمبر من العام الماضي او فواتير نيسان/ابريل وايار/مايو وحزيران/يونيو من هذه السنة. وفي الاجمال، فان المطلوب 4,6 مليارات دولار، كما قال.

لكن "اوكرانيا تواجه مشاكل ضخمة في التسديد، وهي مفلسة عمليا"، كما اعلن اويتنغر معربا عن اسفه لهذا الواقع. وقال "لقد حصلت حتى الان على مساعدة بالمليارات" من صندوق النقد الدولي والاتحاد الاوروبي "ويتعين عليها استخدام جزء منها" لشراء الغاز. وفي الوقت نفسه، يجب ان تتحمل كييف مسؤوليتها حيال نفقات اخرى مثل "اعادة شق الطرق" او "شراء اسلحة"، كما اضاف اويتنغر.

وقال "هدفنا هو التوصل الى اتفاق مؤقت لتوفير كمية للشتاء، يقضي بان تضمن اوكرانيا امن مرور الغاز الروسي الذي يشتريه الاتحاد الاوروبي حتى نهاية شهر اذار/مارس 2015". الا ان اويتنغر اشار الى انه يتعين ازالة الكثير من العقبات، وخصوصا تسديد اوكرانيا لفواتيرها غير المدفوعة والدفع المسبق لمشترياتها.

واوقفت المجموعة الروسية غازبروم في حزيران/يونيو شحنات الغاز الى كييف التي ترفض زيادة السعر الذي قررته موسكو بعد وصول الموالين لاوروبا الى السلطة في اوكرانيا في شباط/فبراير. ولم يشأ اويتنغر كشف مضمون محادثاته مع الاوكرانيين صباحا.

واتفقت كييف وموسكو على سعر موقت للغاز، لكن تسديد ديون الغاز الاوكراني يبقى عالقا. ولاعادة تحريك الشحنات، تطالب روسيا بـ1,45 مليار دولار من المتاخرات ثم 1,6 مليار دولار على اساس الدفع المسبق لشحنات تشرين الثاني/نوفمبر وكانون الاول/ديسمبر، لان الجانب الروسي يرفض ارسال اي شحنة قبل الدفع المسبق. وتدرس المفوضية الاوروبية من جهتها طلب كييف الحصول على قرض اضافي بقيمة ملياري يورو، فيما تنتظر روسيا ضمانات مالية لاستئناف شحناتها.

وفضلا عن الاضطرابات بالنسبة إلى الاوروبيين الذين يمر 15% من الغاز الذي يستهلكونه عبر اوكرانيا، فان النزاع قد يزيد من تفاقم الازمة الاقتصادية والمالية العميقة التي تمر بها اوكرانيا. ومع استمرار المفاوضات حتى وقت متاخر من الليل، قال اويتنغر انه "في حال التوصل الى اتفاق سيعقد مؤتمر صحافي" صباح الخميس (07,30 ت غ).

&