موسكو: طالبت اوروبا الاثنين روسيا باحترام سيادة اوكرانيا بعدما اعترفت موسكو بالانتخابات المثيرة للجدل التي جرت في شرق البلاد الانفصالي، فيما تتواصل المعارك بين القوات الحكومية والمتمردين. والانتخابات التي جرت الاحد في المناطق الانفصالية الموالية لروسيا في شرق اوكرانيا زادت من حدة التوتر الدولي على خلفية هذه الازمة واثارت مخاوف من انهيار الهدنة الهشة المعلنة منذ شهرين.

ووصف المتحدث باسم المستشارة الالمانية انغيلا ميركل اعتراف موسكو بنتائج الانتخابات بانه "لا يمكن فهمه"، وحذر من ان ذلك يمكن ان "يؤدي الى تفاقم الازمة". وقال وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير في وقت سابق ان الانتخابات تخالف "نص وروح" اتفاق للسلام تم التوصل اليه بدعم دولي في ايلول/سبتمبر الماضي بهدف انهاء الحرب في شرق اوكرانيا. وحث شتاينماير روسيا على احترام "وحدة اوكرانيا". وقال شتاينماير في تغريدتين هما رد الفعل الاول على الانتخابات "سنحكم على روسيا على اساس تصريحاتها بان وحدة اوكرانيا لن تمس".

كما اصدرت& فيدريكا موغريني وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي بيانا وصفت فيه الانتخابات لتثبيت القادة الانفصاليين في مناصبهم بانها "عائق جديد امام السلام في اوكرانيا". والموقف الاوروبي الغاضب الذي قد يتردد في واشنطن، يفاقم الخلاف بين الغرب وروسيا بسبب دعمها للانفصاليين الذين انتزعوا منطقة في قلب اوكرانيا الصناعي كانت خاضعة لسيطرة الحكومة الموالية للغرب.

وروسيا التي تواجه خطر عقوبات جديدة اوروبية واميركية، تجاهلت نداءات الغرب قبيل الانتخابات وقدمت دعمها الكامل للانتخابات التي وصفتها الحكومة الاوكرانية بـ"المهزلة" غير القانونية. ودعت روسيا الاثنين اوكرانيا الى وقف عمليتها العسكرية في الشرق، وقالت ان قادة الانفصاليين لديهم "السلطة" اللازمة لاجراء محادثات مع كييف.
وقال نائب وزير الخارجية غريغوري كراسين لوكالة تاس الرسمية للانباء ان القادة الانفصاليين "لديهم السلطة اللازمة لاقامة حوار واسع مستدام مع سلطات كييف".

ورفض كراسين التهديدات بعقوبات جديدة وقال "ان لغة العقوبات وسيلة غير بناءة اطلاقا لحل الخلافات"، حسب ما نقلت عنه وكالة انترفاكس. وقال "ان التاريخ اثبت ذلك".
واكد استعداد موسكو لمساعدة كييف والانفصاليين في شرق اوكرانيا على التوصل الى حل. ونقل عنه قوله "من المهم الان اتخاذ تدابير فاعلة كي يبدأ حوار مستدام بين ممثلي كييف ودونباس ونحن مستعدون لتسهيل ذلك بكل امكانياتنا".

وكانت وزارة الخارجية الروسية اعلنت في بيان "نحن نحترم التعبير عن ارادة اهالي جنوب شرق (اوكرانيا)". واضافت "الاشخاص الذين تم انتخابهم لديهم تفويض لحل المسائل العملية المتعلقة باعادة الحياة الطبيعية الى المنطقة". ووصف قادة الانفصاليين في شرق اوكرانيا الانتخابات بانها خطوة نحو اضفاء الطابع الشرعي على استقلالهم بحكم الامر الواقع عن اوكرانيا بعد سبعة اشهر من المعارك، التي قتل فيها بحسب الامم المتحدة اكثر من 4 آلاف شخص.

وقد تكون روسيا الوحيدة التي تعترف بهذه الانتخابات التي جرت وسط وجود مسلح وقاطعها المراقبون الدوليون. وتسود مخاوف حاليا في اوكرانيا من ان تؤدي الانتخابات الى انهاء العمل بوقف اطلاق النار المعلن في ايلول/سبتمبر. واشار مراسل وكالة فرانس برس في معقل المتمردين دونيتسك الى تبادل قصف عنيف بين القوات الحكومية والمتمردين.

وقالت كييف الاحد انها رصدت حركة "مكثفة" للجنود والاسلحة عبر الحدود، مما اثار مخاوف من ان الانفصاليين ربما يستعدون لتنفيذ تهديداتهم بالسيطرة على مدينة ساحلية مهمة ومرفأ. وقال مراقبون من منظمة الامن والتعاون في اوروبا التي كلفت مراقبة وقف اطلاق النار ان طائرة بدون طيار استخدمت ضمن مهامهم تعرّضت للنيران من مناطق تواجد المتمردين الاحد، لكن بدون اصابتها.

وبدأت الحركة الانفصالية في منطقة من اوكرانيا تميل منذ وقت طويل الى روسيا، بعد وقت قصير على قيام الجيش الروسي بغزو وضم شبه جزيرة القرم في جنوب اوكرانيا، في آذار/مارس الماضي. وبررت روسيا استيلاءها على اراضي جارتها بالحاجة الى حماية السكان الناطقين بالروسية من صعود القوميين الاوكرانيين خلال الثورة الموالية للغرب قبل شهر في كييف. وتقول روسيا انها لا تقدم للانفصاليين في الشرق سوى الدعم السياسي والانساني رغم تقارير عن ارسالها اسلحة، بل حتى جيشها لدعم الانفصاليين.

وبالمقارنة مع الجنود الاوكرانيين تبدو بعض وحدات قوات الانفصاليين مدججة بالسلاح ومنظمة كجيش نظامي كامل التجهيز، كما شوهدت قوافل طويلة من الاليات العسكرية في المنطقة الحدودية الروسية-الاوكرانية بشكل متكرر. وبموجب هدنة ايلول/سبتمبر الماضي التي كانت روسيا من الموقعين عليها، يتعين على الطرفين وقف اطلاق النار في مستهل عملية تؤدي الى حكم ذاتي تام للمناطق الموالية لروسيا. غير ان قادة الانفصاليين المحوا الى وجود احتمالات قليلة لاجراء مفاوضات بعد انتخابات الاحد.

وقال الكسندر زخارشنكو الرئيس المنتخب لجمهورية دونيتسك الشعبية المعلنة من جانب واحد للصحافيين "اوكرانيا لا تريد السلام كما تزعم. واضح انها تلعب لعبة مزدوجة".
وزخارشنكو الزعيم الانفصالي المسلم به في دونيتسك، نال 75% من نحو مليون صوت انتخابي، بحسب النتائج النهائية، التي اعلنها مسؤولو الانتخابات الانفصاليون. والكهربائي السابق البالغ من العمر 38 عاما، يستعد ليتولى رسميا الثلاثاء مهام الجمهورية الانفصالية.

وفي منطقة لوغانسك المجاورة، نال زعيم الانفصاليين الحالي ايغو بلوتنيتسكي، الضابط السابق في الجيش السوفياتي نحو 64% من الاصوات، بحسب وسائل الاعلام الروسية.
وندد الرئيس الاوكراني بترو بوروشنكو بالانتخابات ووصفها بـ"المهزلة التي تجري تحت تهديد الدبابات والبنادق".
&