ما زالت تداعيات زيارة أستاذ الفلسفة الفرنسي برنار هنري ليفي إلى تونس وعقده لقاءات مع سياسيين ليبيين، تثير الجدل. وحضّت تونس الليبيين المتواجدين على أراضيها على تجنّب ممارسة النشاط السياسي أو عقد لقاءات دون إعلام مسبق.


إسماعيل دبارة من تونس: دعت وزارة الخارجية التونسية الثلاثاء، الليبيين المقيمين في تونس إلى "ضرورة الامتناع عن ممارسة أي نشاط سياسي أو تنظيم أية اجتماعات دون إعلام مسبق للسلطات التونسية المختصة".

وقالت وزارة الخارجية في بيان اطلعت "إيلاف" على نسخة منه: "في إطار الحفاظ على استقرار تونس وأمنها الوطني وحرصا على عدم الزجّ بها في الشأن الداخلي الليبي، تدعو وزارة الشؤون الخارجية مجدّدا جميع الأطراف الليبية الموجودة في تونس إلى ضرورة الامتناع عن ممارسة أي نشاط سياسي أو تنظيم أية اجتماعات دون إعلام مسبق للسلطات التونسية المختصة".

ويبدو أن بيان وزارة الخارجية في تونس يأتي ردا على الجدل المحتدم الذي أعقب زيارة أستاذ الفلسفة والكاتب الفرنسي برنار هنري ليفي والتي اعقبتها احتجاجات في مطار تونس قرطاج.

وبرنار هنري ليفي، شخصية مثيرة للجدل في العالم العربي، خاصة وأن التقارير تشير إلى دور بارز له في اقناع السلطات الفرنسية في العام 2011، على ضرب نظام معمر القذافي ومناصرة الثوار الليبيين حينئذ.

وينظر كثيرون إلى هذا الرجل على أنه "معاد للعرب والمسلمين"، ويدين بالولاء لإسرائيل، ويؤكدون أن مساعيه عادة ما تقود إلى "حروب ونزاعات وانقسامات".

وشددت وزارة الخارجية التونسية "على ضرورة التقيّد بالقوانين الجاري بها العمل في هذا الشأن"، مؤكدة أنّ "كلّ المخالفات قد تعرّض مرتكبيها إلى اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة والتي تصل إلى حدّ الطرد النهائي والترحيل الفوري من التراب التونسي".

ويغمز بيان وزارة الخارجية حسب متابعين إلى لقاء قيادات ليبية تقيم في تونس، وبعضها مرتبط بنظام معمر القذافي، مع الكاتب برنار هنري ليفي في أحد&فنادق العاصمة تونس يوم السبت الماضي.

وجددت تونس التأكيد على "وقوفها على نفس المسافة من جميع الأطراف الليبية وحثهم على الحوار والتوافق لإيجاد تسوية سياسية للأزمة الراهنة"، بحسب بيان وزارة الخارجية.

وكان عشرات التونسيين تظاهروا مساء الجمعة في مطار تونس قرطاج الدولي، في محاولة لطرد الكاتب الفرنسي برنار هنري ليفي، ورددوا عبارات من قبيل& "ديغاج" وتعني "إرحل" ، و"لا للمصالح الصهيونية في تونس".

وتبادل سياسيون تونسيون الاتهامات حيال زيارة ليفي ومن وجّه له الدعوة، واتُهم رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي بدعوة ليفي إلى تونس، لكن رئاسة الجمهورية وحزب الرئيس (المؤتمر) نفيا ذلك قطعا.

وأظهرت صور نشرت على فايسبوك، ولم تتمكن "إيلاف" من معرفة مدى مصداقيتها، الفرنسي ليفي برفقة عدد من الليبيين المقيمين في تونس، يُعتقد أنهم من الزعامات المؤثرة في الصراع الجاري حاليا في ليبيا.

وسارع آخرون إلى اتهام حزب "نداء تونس" وحركة "النهضة" بدعوة ليفي إلى تونس، غير ان الحزبين أصدرا بدورهما بلاغين ينفيان أي علاقة لهما بزيارة الكاتب الفرنسي، مؤكدين ان ما تم نشره "لا يتعدى الإشاعات المغرضة ومحاولة تشويه صورة الحزبين".

من جانبه، علق برنار ليفي خلال استضافته في حوار مع قناة (فرانس 24) على الجدل الذي أثارته زيارته إلى تونس.

واستغرب "ردة فعل التونسيين، وقال: "إنها ردة فعل غريبة، ذهبت إلى تونس بهدف لقاء عدد من الليبيين".

ونفى ليفي ما راج بخصوص ترحيله من تونس، مؤكدا أنه لم يتلق أي اتصال من السلطات التونسية ولم يطلب منه مغادرة تونس، مضيفا أنه غادرها إثر انتهاء لقائه مع "أصدقائه الليبيين".

وقال ليفي "اللقاء كان سينظم في ليبيا، لكن أصدقائي طلبوا مني تنظيمه في باريس ونظرا لمشكل الحصول على تأشيرة اتفقنا على تنظيمه في وسط الطريق في بلد صديق، تونس التي كانت رائعة مع الليبيين واحتضنتهم ورحبت بهم بكرم".

وتستضيف تونس منذ بداية النزاع في ليبيا في 2011، مئات الآلاف من الليبيين، في حين هرب اليها بعض المحسوبين على نظام القذافي، كما يزورها بشكل دوري قياديون اسلاميون كبار وزعماء ميليشيات تتصارع حاليا على النفوذ في البلد& الذي يحدّ تونس من جهة الشرق.

وتنأى تونس بنفسها عن نصرة هذا الطرف أو ذاك في ليبيا، لكن الحكومة تؤكد ان سلاحا ليبيًا يدخل إلى أراضيها، وتشير إلى تواجد تونسيين متطرفين في ليبيا للتدريب والتخطيط على شن اعتداءات.