طالب الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتحاد، حاكم الشارقة، بالابتعاد عن الإثارة في عالم الصحافة في دولة الإمارات. وفي ندوة عقدت في معرض الشارقة للكتاب، رأى صحافيون أن الصحافة الورقية ستنقرض حتمًا في المستقبل القريب، ولكن الصحافة عمومًا ستزدهر وتنتشر الكترونيًا أكثر فأكثر.


أحمد قنديل من دبي: قال&الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الشارقة، إن الإثارة الصحافية "لن تزيد من الربح ولا من التوزيع، ولا بد من التواصل مع الجهة المسؤولة كي تحصل على المعلومة الدقيقة والمفيدة.. إن قانون النشر في دولة الإمارات صدر في وقت كانت الدولة تتعرّض فيه لتيارات غريبة، لا نقول إنها تدخلت في الصحافة، بل كانت في جميع الجمعيات الأهلية، واستولت عليها استيلاء تامًا.. نعد عندما تهدأ الأمور وتستقيم الساحة بأن نفتح الباب على مصراعيه".

أوضح أن استخدام الإثارة في الصحافة لا يؤدي إلا إلى التشويه، وتمنّى ألا نصل إلى المحاكم والمشاحنات.. ولفت سموه إلى تجربة الخط المباشر على إذاعة الشارقة ومدى أهميتها وشفافيتها ومستوى المصداقية العالي الذي تتميز به.

وأكد القاسمي أهمية أن يقوم رئيس التحرير بدوره بالكامل، ويقرأ كل ما يكتب قبل النشر، ويكون على دراية كاملة بكل شيء، وأن يجلس في مكتبه ويقرأ، فرئيس التحرير لديه ثماني ساعات عمل، لا بد أن يؤديها على أكمل وجه، وليجلس كل رئيس تحرير سويعات كي يقرأ، ويتأكد ما الذي سينشر في اليوم التالي.. وأسف لاستعمال الكلمات الأجنبية في الندوة من قبل أناس يعوّل عليهم بأن يساهموا في التأكيد على استخدام لغتنا العربية.

أضاف خلال مداخلة له في ندوة النشر الصحافي، التي أقيمت مساء أمس في معرض الشارقة الدولي للكتاب، بنسخته الثالثة والثلاثين، وناقشت ماضي وحاضر ومستقبل النشر الصحافي في الإمارات، أنه اعتاد منذ زمن بعيد أن يقرأ صحيفة "الخليج" قبل الفجر، ويجول في صفحاتها أكثر من ساعة ونصف ساعة، يطلع خلالها على ما يجري في عالم الثقافة والفن مبتعدًا قدر الإمكان عن عالم المعارك والتدمير، لأنه لا يريد أن يلوّث دماغه بهذه الأفكار. لافتًا إلى أنه من خلال صفحات "الخليج" وجد بعض التحليلات السياسية والكتابات تأتي من أناس لديهم خلفيات ومعاهد ومراكز ومدارس تمدّهم بأفكار ما، وقال: "مثل هذه الصفحات لا أتوقف عندها".

وكان قد شارك في الندوة حبيب الصايغ رئيس التحرير المسؤول في صحيفة "الخليج"، وظاعن شاهين المدير التنفيذي لقطاع النشر في مؤسسة دبي للإعلام رئيس تحرير صحيفة "البيان"، ومحمد الحمادي المدير التنفيذي لشركة أبوظبي للإعلام رئيس تحرير صحيفة "الاتحاد"، وسامي الريامي رئيس تحرير صحيفة "الإمارات اليوم". وأدار الندوة محمد يوسف رئيس جمعية الصحافيين.

انقراض ورقي
تساءل سامي الريامي رئيس تحرير صحيفة "الإمارات اليوم": كيف سيكون شكل الصحافة بعد خمس سنوات مثلًا في ظل التقدم المتواصل للتكنولوجيا واستخداماتها، وهل ستبقى الصحافة الورقية حاضرة أم لا، لافتًا إلى أنها في الغالب ستنقرض، لكن مهنة الصحافة لن تنقرض. مشيرًا إلى أن قراء الموقع الإلكتروني لصحيفة "الإمارات اليوم" مثلًا أكبر بثلاثة أضعاف من قراء النسخة الورقية.

وقال الريامي إن التقنيات الحديثة ساهمت في تطوير العمل الصحافي بنسبة تصل إلى ما هو أكثر من 90 في المائة، وعرض أول تجربة له عام 1996 لتغطية فعالية خارج الدولة والصعوبات التي واجهته كصحافي في الحصول على الصور وإرسالها، وكم تطلبت من الوقت، حيث استغرق موضوع إرسال صور للصحيفة في الإمارات أكثر من أربع ساعات، عدا عن التكلفة المالية والجهد، بينما اليوم لا يتطلب الأمر كل هذا العناء والوقت والجهد والتعب، وذلك بفضل التقدم التقني في عالم النشر الصحافي.

وأوضح أنه بسبب هذه التكنولوجيا المتقدمة أصبح لدينا الإعلامي الشامل والصحافي الشامل، بحيث تصل المادة الخبرية والصور إلى الموقع الإلكتروني ومختلف وسائل التواصل الاجتماعي بسرعة هائلة، وقبل النشر في اليوم التالي في الصحيفة الورقية، ما يؤشر إلى سرعة الإنجاز والنشر واختصار الوقت والجهد ودقة الإنجاز أيضًا.

منع حبس الصحافيين
وفي مجال التشريع المتعلق بالنشر الصحافي، أشار حبيب الصايغ، رئيس التحرير المسؤول في صحيفة "الخليج"، إلى أهمية الحرص على سد كل الثغرات في القانون الحالي، حيث هناك إشكالية منذ سنوات، ترتبط بقانون الأنشطة الإعلامية.. لافتًا إلى أن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي أمر بمنع حبس الصحافيين في القضايا التي تتصل بالنشر. واعتبر الصايغ أن القانون الحالي لم يعد ملائمًا، وأن الحاجة ماسّة إلى تشريع قانون جديد كليًا في الصحافة يتلاءم مع طموح دولة الإمارات.

وطالب بفتح باب الترخيص لصحف يومية للأفراد مع شروط مهمة، حيث إن المنع مطلقًا لا يستقيم.. ولفت إلى أن تجربة المتحدث الرسمي لم تحقق المطلوب، فالصحافي يسأل ويريد إجابات.

وبخصوص إشكالية الصحافة الورقية والصحافة الإلكترونية، أكد الصايغ أهمية طرحها بموضوعية، لافتًا إلى أن التيار العام يتجه نحو الصحافة الإلكترونية. وأشار إلى بعض القصور والعثرات في الصحافة الثقافية في الإمارات، فالتخصص نادر، مشيرًا إلى أن المثقف هو الأهم في عالم الصحافة الثقافية، وليس المسؤول أو الشخصية التي حضرت الحدث الثقافي.

تاريخ الصحافة في الإمارات
من جانبه، قال محمد الحمادي المدير التنفيذي لشركة أبو ظبي للإعلام رئيس تحرير صحيفة الاتحاد: "عشقنا القراءة من خلال معرض الشارقة الدولي للكتاب"، ولفت إلى أن تاريخ الصحافة في دولة الإمارات يستحق القراءة والبحث، وإلى أن الصحافة كانت موجودة بشكل ما في الإمارات في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي، وبدأت كصحافة احترافية مع صحيفة "الاتحاد" عام 1969.

ونوه بأهمية استخدام وتوظيف الوسائل والأدوات التقنية الحديثة في عالم الصحافة والنشر ودورها في تقدم وتطور الصحافة وأدائها.. موضحًا أن صحيفة "الاتحاد" هي أول صحيفة في الإمارات أطلقت موقعها الإلكتروني وذلك عام 1996، وهي من بين أوائل الصحف في المنطقة التي تسعى دائمًا إلى التطور التكنولوجي.

تناول الشكل الجديد للصحيفة، الذي أطلق قبل نحو أسبوعين، وأن أرقام التوزيع للنسخة الورقية من صحيفة "الاتحاد" ما زالت منذ خمس سنوات بالمستوى نفسه، حيث لا يزال القارئ المحلي ينتظر الصحيفة الورقية كل صباح، لكنه يتجه إلى الإلكترونية أيضًا. وأشار إلى أن هناك نحو ملياري شخص يقرأون صحفًا ورقية في العالم يوميًا، وهناك 2.5 مليار شخص يقرأون الصحف من خلال الإنترنت، ويوجد نحو ملياري شخص يمتلكون هواتف ذكية، وهو رقم قابل للزيادة، ليصل عام 2019 وفق التوقعات إلى 5.5 مليارات شخص.

وأكد أن مستقبل الصحافة في الإمارات يستدعي الاستمرار في مواكبة التطور التكنولوجي واستخدامه بما يساهم في تطوير العمل والأداء وتطوير قانون الصحافة في الدولة، بحيث يكون لدينا قانون للصحافة والمطبوعات يواكب العصر.

تاريخ النشر
وتناول ظاعن شاهين تاريخ النشر الصحافي في دولة الإمارات. مؤكدًا أن المطبعة هي الأساس الذي تدور حوله الصحافة.. لافتًا إلى أنه قبل عام 1973 لم تكن هناك مطابع صحافية في دولة الإمارات، وفي عام 1974 دخلت أول مطبعة صحافية إلى الإمارات، وتعود إلى محمد بن دسمان، وبدأت صحيفة "الاتحاد" تطبع من خلالها، ومن حينها بدأت حركة النشر الصحافي الحقيقية في دولة الإمارات.

عرج في حديثه على محطات أخرى من المطابع الصحافية والتقنيات الجديدة التي دخلت عالم النشر الصحافي من خلال "البيان" عام 1980، حيث تم إدخال تقنيات جديدة سهلت عمليات الطباعة التي كانت في السابق مضنية ومتعبة.

وقال: "لقد دخل الماكنتوش عام 1986 إلى عالم النشر الصحافي في دولة الإمارات، ما ساهم في المزيد من التسهيلات، وتبعه الناشر المكتبي، فالناشر الصحافي وصولًا إلى مستوى متقدم جدًا في الوسائل والأدوات التقنية التي دخلت عالم النشر الصحافي، وسهلت الأمور كثيرًا، حيث وجود صالة التحرير التي تتوافر فيها كل التقنيات الحديثة".

وأكد أن هذا التطور الكبير في عالم النشر الصحافي ما كان ليتحقق لولا توافر المناخ العام في الدولة، الذي يسعى باستمرار إلى استخدام أحدث الوسائل والأدوات التقنية في مختلف المجالات، ومن بينها بالتأكيد النشر الصحافي، مما ساهم في أن نقطع شوطًا كبيرًا ومتقدمًا فيه.

ولفت إلى أن هناك تحديات أساسية في النشر الصحافي في دولة الإمارات، من أهمها "المحتوى الجيد وكيفية خلق صحافي جيد في ظل تركيبة سكانية تتميز بعدم الإقبال على مهنة الصحافة، كما إن مخرجات التعليم لم تتح لنا أن نخرّج صحافيين جيدين".
&