يهيمن الشرق الأوسط وهموم الاقتصاد العالمي على النقاشات المتوقعة في قمة مجموعة العشرين، بحسب خبيرين دوليين، رسما لـ"إيلاف" خريطة طريق القمة.

خاص إيلاف: يشهد العالم اليوم مستجدات جيو-سياسية عديدة، تبدأ بظهور التطرف متمثلًا في بروز تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش)، ولا تنتهي بالنزاع في أوكرانيا.

هذه المستجدات ستلقي بظلالها، لا بد، على قمة مجموعة العشرين، التي ستنعقد في بريسبان الأسترالية يومي 15 و16 تشرين الثاني (نوفمبر)، بحسب ما يتوقعه خبيران دوليان.

شبه إجماع

حاورت "إيلاف" دوغلاس ريديكر، الممثل السابق للولايات المتحدة في صندوق النقد الدولي والباحث في معهد الاقتصاد الدولي، وأيان بيرمير، مؤسس ورئيس مجموعة أورازيا، في المستجدات الدولية، وما يمكن أن يكون اثرها في النقاشات التي ستدور في قمة مجموعة العشرين.

وصنف الكاتب إيان بريمر مشكلات إيبولا وداعش والاقتصاد العالمي بين الأكثر إلحاحًا للمعالجة في القمة. وقال: "على زعماء مجموعة العشرين المجتمعين قريبًا في أستراليا أن يضعوا في رأس سلم أولوياتهم مجابهة الأخطار الناجمة عن هذه المسائل الثلاث، وأن يصلوا إلى شبه إجماع عليها، كي يتمكنوا من تسريع الحلول، علمًا أن هناك ما يكفي من التوافق في الرأي، لتحقيق بعض التقدم".

أضاف لـ"إيلاف": "لا تشبه هذه المسائل مشكلة التغيّر المناخي، التي لا يتوافق الجميع عليها بالرغم من الأخطار التي تكتنفها، بسبب تضارب مصالح الدول، ما يمنع حصول إجماع دولي على سبل المعالجة".

قضايا عامة

من ناحيته، يرى ريديكر أن الشرق الأوسط سيهيمن على قمة مجموعة العشرين، وأن المناقشات ستبدأ مغلقة، ثم تفتح للعامة.

وقال ريديكر لـ"إيلاف": "هذه قمة زعماء وليست اجتماعًا لوزراء مالية، لذا سيكون التركيز منصبًا على مسائل عامة، أكثر من تناوله مسائل إقتصادية محددة"، مذكرًا بأن مجموعة العشرين تشترط حصول الاجماع التوافقي على ما تقرره في بيانها الختامي، "لذا سيناقش زعماء دول المجموعة قضايا خلافية، لكنها لن تظهر أبدًا في بيانهم الختامي".

أضاف: "مناقشة الحاجة إلى تعزيز أداء الاقتصاد العالمي لن تكون الطبق الرئيس على المائدة في بريسبان، بينما ستتصدر مسائل الاستقرار العالمي، والحوكمة، والقيادة، جدول الأعمال، في ضوء التوتر الحاصل بين روسيا وأوكرانيا، وفي الشرق الأوسط، وأراهن أن البيان الختامي سيركز على الحاجة إلى التعاون ليكون تعزيز النمو الاقتصادي العالمي هو الهم الأول".

عامل استقرار

يرى بريمر أن الصوت السعودي ضعيف في القمة، لكنه ينادي دائمًا بالاستقرار في منطقة تتسم لحال مستمرة من عدم الاستقرار. قال: "يعرف السعوديون حجمهم، ويعرفون ايضًا أنهم ممثلون أساسيون للهموم العربية والاسلامية، فبالرغم من أن إندونيسيا وتركيا دولتان مسلمتان، إلا أنهما لا تعرفان بنفسيهما بالطريقة التي تتبعها المملكة العربية السعودية في التعريف عن نفسها".

أضاف بريمر: "تقدّر السعودية مكانتها في مجموعة العشرين، لأنها ليست عضوًا في مجموعات دولية أخرى، مثل بريكس أو مجموعة السبع أو منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، شأن الدول الأخرى المشاركة في القمة".

المأزق الأوروبي

قال بريمر لـ"إيلاف" إن منطقة اليورو تواجه مأزقًا لا تحسد عليه، مع رفع صندوق النقد الدولي نسبة توقعه حصول كساد إقتصادي فيها إلى عتبة 40 بالمئة. أضاف: "لا تواجه أوروبا مشكلة كبيرة، ولهذا السبب لن ترقى استجابة أوروبا السياسية إلى مستوى المسألة، ما يؤدي في نهاية المطاف إلى سوئها أكثر فأكثر".

أما ريديكر فغير متفائل في تحقيق منطقة اليورو أي نمو. قال لـ"إيلاف": "من وجهة نظر إقتصادية صرفة، منطقة اليورو مساهم اساس في الاقتصاد العالمي، ولتراجعها عن النمو تداعيات سلبية على النمو العالمي. لكن ضعف النمو في هذه المنطقة متراكم منذ زمن، ولهذا تراجعت مساهمتها في النمو العالمي، بل ساهمت في تراجعه".

أضاف: "إن اقتنع المستثمرون بأن اوروبا متجهة لتكون "يابان" ثانية في الركود، لزمن قد يطول أمده، فامتناعهم عن الاستثمار في منطقة اليورو سيزيد من مشاكلها، لذا على دول أوروبية عدة أن تقر إصلاحات جذرية، كما أن العجز الذي يتسم به أداء المصرف المركزي الأوروبي لا يدعو إلى التفاؤل".

رابحون وخاسرون

قال ريديكر: "ليس الاقتصاد العالمي ممثلًا وحيدًا، لذا لا بد من رابحين وخاسرين، فبالنسبة إلى دول مستهلكة للنفط، تدني أسعاره مسألة إيجابية من دون شك، وإن استفاد المستهلكون والصناعيون في هذه الدول من تدني أسعار النفط للاستثمار والانفاق، يكون العوائد حينها أكثر استدامة".

أضاف: "بالنسبة إلى دول تعتمد إقتصاديًا على صادراتها النفطية كرافعة لإقتصاداتها الوطنية، ينعكس تدني أسعار النفط في تراجع في عوائدها، لكن ثمة نقطة سعرية، إن علت اسعار النفط فوقها زادت من جاذبية مصادر الطاقة التنافسية، وإن تدنت تحتها أبطلت السمة التنافسية عن هذه المصادر".

وتابع ريديكر قائلًا لـ"إيلاف": "في هذه الحالة، نقطة سعرية متدنية بما يكفي لإبقاء الضغط قائمًا على تنافسية مصدري الطاقة، ونقطة سعرية&مضافة بما يكفي لزيادة العوائد هو الحل الأمثل".