يدخل الاقتصاد العالمي حال عدم اليقين في العام 2015، يتمثل بركود في منطقة اليورو، وتباطؤ في الاقتصاد الصيني، مع ما ينطوي عليه ذلك من مخاطر انحدار عالمي.


أفشين مولافي من واشنطن: وفقًا لتقرير نشرته شركة عالمية كبرى للتحليلات والاستشارات، يمكن أن يؤدي الركود في منطقة اليورو، مقترنًا بهبوط كبير في نمو الاقتصاد الصيني، إلى ما يسمى "العاصفة الكاملة" من الإضرار بالاقتصاد العالمي، كما خلص التقرير.

سيل من التحذيرات

في هذه الأثناء، ستزيد الأزمات الجيوسياسية من أوكرانيا إلى سوريا والعراق، وإلى الجفاف الذي يضرب البرازيل، إلى أزمة إيبولا في غرب أفريقيا. وعدم اليقين هذا يدفع بالنمو هبوطًا، كما افادت شركة اوكسفورد اناليتيكا للتحليلات العالمية في تقريرها عن آفاق العام 2015.

وهكذا، سيواجه زعماء بلدان مجموعة العشرين، التي تضم أكبر اقتصادات العالم وأهمها، سيلًا من التحذيرات بشأن الاقتصاد العالمي الهش. والمملكة العربية السعودية هي البلد العربي الوحيد، والعضو الوحيد في منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك"، الذي ينتمي إلى مجموعة العشرين.

وستكون ممثلة في قمة المجموعة في بريسبان الأسترلية تمثيلًا عالي المستوى، إذ سيرأس الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، وفد المملكة إلى القمة.

إعادة نظر

طرحت اوكسفورد اناليتيكا، التي تعد تقارير لمدراء كبار الشركات والحكومات في انحاء العالم، سلسلة من التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي، منوهة بأن الأسواق العالمية تتعامل بشك مع توقعات صندوق النقد الدولي، التي ما زالت متفائلة بحدوث انتعاش في العام 2015.

ولاحظت اوكسفورد اناليتيكا أن الأسواق تنظر إلى اتجاهات عالمية مقلقة، وخيبات متكررة في التوقعات خلال السنوات الثلاث الماضية، بوصفها السبب الرئيسي لشك الأسواق في ارقام صندوق النقد الدولي.

وكان صندوق النقد الدولي نشر خلال الشهر الماضي تقريره عن آفاق الاقتصاد العالمي، متوقعًا حدوث انتعاش في العام 2015، بمعدل نمو عالمي نسبته 3,8 بالمئة، أو ما يزيد قليلاً على 3,3 بالمئة، الذي توقعه للعام 2014.

لكن اوكسفورد اناليتيكا تذكِّر المستثمرين بأن صندوق النقد الدولي كان يُجبر بانتظام على اعادة النظر في توقعاته لمعدلات النمو بخفضها في غمرة الهبوط العام للاقتصاد العالمي.

عاصفة كاملة

كتبت اوكسفورد اناليتيكا في تقريرها: "ما يزيد هبوط الاقتصاد العالمي هو تأثير عقوبات الاتحاد الاوروبي ضد روسيا، وما يرتبط بذلك من خسارة في التجارة والاستثمار، بل هذا كان عاملًا حاسمًا في خفض التوقعات بشأن نمو الاقتصاد الالماني، ودلالات هذا الخفض بالنسبة لأهم اقتصاد في منطقة اليورو يمكن أن تشتمل على امكانية فقدان الثقة بمنطقة اليورو ـ وقدرتها على إدامة النمو وبرامج الانقاذ للدول الأعضاء فيها".

واشارت اوكسفورد اناليتيكا في تقريرها إلى الولايات المتحدة، بوصفها بقعة مضيئة في الاقتصاد العالمي لم تتأثر نسبيًا بالظروف الخارجية المتردية. لكن الشركة لاحظت أن هذا يمكن أن يتغيّر مع ضعف شركاء تجاريين أساسيين وازدياد مخاطر الانكماش، "فإن آسيا، بما فيها الصين، متأثرة فعلًا بتباطؤ التجارة العالمية، الأمر الذي يرجح احتمال هبوب عاصفة كاملة على الاقتصاد العالمي".

تراجع آفاق النمو

ولاحظت اوكسفورد اناليتيكا أن توقعات صندوق النقد الدولي فاتها أن تشمل هبوط اسعار النفط. وفي حين أن هبوط اسعار النفط يمكن أن يقوي حظوظ بعض البلدان ذات الاقتصادات المتطورة التي تستورد النفط، فإنه سيضر بالبلدان الرئيسية المنتجة للسلع في أميركا اللاتينية وأفريقيا والشرق الأوسط وروسيا.

وخلص التقرير إلى انه: "في حين أن هبوط اسعار السلع ينبغي أن يعود بفوائد على البلدان التي تستوردها، فإن أي آثار إيجابية يمكن أن تكون طفيفة بالمقارنة مع الآثار السلبية المباشرة على البلدان المصدرة للطاقة، وأن هبوط الأسعار يزيد خطر الانكماش المتنامي، لا سيما في منطقة اليورو".

ولاحظ التقرير أن منطقة اليورو تعاني من تراجع آفاق النمو، وتواجه خطر الانتكاس مرة أخرى إلى الركود بالارتباط مع الضعف الذي اعترى التجارة العالمية، وفي وقت حتى المانيا عجزت عن تفادي الريح السلبية التي هبت عليها، الأمر الذي يزيد مشاعر القلق بشأن النمو في اوروبا.

بقعة اقتصادية مضيئة

أبدى تقرير اوكسفورد اناليتيكا قلقه من انكشاف المانيا إلى هزات خارجية وتهديدات جيوسياسية، لا سيما تكبدها اضرارًا ترتبط بعقوبات الاتحاد الاوروبي ضد روسيا. في هذه الأثناء، اعتبر التقرير أن بريطانيا هي البقعة الاقتصادية المضيئة في اوروبا، بمعدل نمو يقرب من 3 بالمئة في العام 2014.

وفي الصين، قال التقرير إن الحملة ضد الفساد تحدُّ من الاستثمار على المدى القريب، لأن صانعي القرارات الكبار سيحجمون عن توظيف استثمارات جديدة، "وإذ يمثل الاستثمار زهاء نصف اجمالي الناتج المحلي الصين، فإن مثل هذا التردد يمكن أن يهدد بدفع البلاد إلى تباطؤ أشد حدة من المتوقع، بعد تأثرها أصلًا بتصحيح القطاع العقاري".