بريزبين: غادر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الاحد، بريزبين شرق استراليا بعد قمة لمجموعة العشرين سادها التوتر بسبب الازمة الاوكرانية وتعرضت خلالها روسيا لانتقادات حادة، مؤكدًا انه بحاجة الى النوم. واقلعت الطائرة الرئاسية الروسية من بريزبين حوالى الساعة 14:15 (4:15 تغ) حتى قبل نشر البيان الختامي لمجموعة العشرين، كما ظهر في لقطات بثها منظمو القمة.
&
واوضح الرئيس الروسي انه غادر فعلاً قمة بريزبين قبل اعلان البيان الختامي بسبب حاجته الى النوم. وقال لصحافيين روس "لنصل الى فلاديفوستوك نحتاج الى تسع ساعات من الطيران ثم تسع ساعات اخرى لنصل الى موسكو". واضاف "بعد ذلك علينا العودة الى البيت لننام اربع أو خمس ساعات على الاقل".
&
وعند وصوله الى مدرج المطار، صافح الرئيس الروسي الذي كان مبتسماً ولم يبد انه كان متعبًا، اثنين من عناصر المواكبة على الدراجات النارية ووقف الى جانب افراد من رجال الامن لالتقاط صور معهم، ثم صعد الى الطائرة.
&
وساد قمة العشرين توتر كبير بين الدول الغربية وروسيا التي انتقدتها استراليا وبريطانيا وكندا بحدة بسبب دورها في الازمة الاوكرانية. وفي اجواء اشبه بالحرب الباردة، اتهم قادة الدول الانغلوساكسونية موسكو بانها تشكل "تهديدًا للعالم" وترغب في "اعادة الامجاد الضائعة لروسيا القيصرية والاتحاد السوفياتي".
واعتبر بوتين على هامش قمة مجموعة العشرين أن قرار أوكرانيا قطع التمويل عن شرقها الانفصالي الموالي لموسكو هو "خطأ كبير" لأنها تقطع بذلك هذا الشطر عن سائر انحاء البلاد.
&
وقال بوتين خلال مؤتمر صحافي نقله مباشرة على الهواء التلفزيون الروسي، "لقد علمت من وسائل الاعلام بالحظر الاقتصادي على منطقتي لوغانسك ودونيتسك. اعتقد ان هذا خطأ كبير لأنهم يقطعون من تلقاء انفسهم هذه المناطق (عن سائر انحاء البلاد). لماذا؟". واضاف "سنتباحث في هذا الامر مع بترو اليكسيفيتش (بوروشنكو)".
&
وعلى الرغم من الضغوط التي مارسها عليه القادة الغربيون بسبب الازمة الاوكرانية، أشاد الرئيس الروسي بـ "الأجواء البناءة" التي سادت القمة. وقال بوتين خلال مؤتمر صحافي نقله مباشرة على الهواء التلفزيون الروسي "بالفعل، بعض وجهات نظرنا لا تتلاقى ولكن الحوارات كانت كاملة وبناءة ومفيدة للغاية"، شاكرًا لرئيس الوزراء الاسترالي توني آبوت حسن الضيافة.
&
وفي وقت سابق، قال مصدر في الوفد الروسي لوكالة فرانس برس طالبًا عدم الكشف عن اسمه إن "برنامج اليوم الثاني &لقمة العشرين (الأحد) تغيّر. لقد تم اختصاره". من جهته، صرح المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف لاذاعة "كومرسانت" الروسية السبت أن "قمة مجموعة العشرين تنتهي غدا وبوتين مضطر الى المغادرة لكن فقط عند الانتهاء من مجمل الاعمال".
&
ونفى بيسكوف أن تكون ضغوط القادة الغربيين الذين هددوا بفرض عقوبات جديدة على روسيا اذا ازدادت حدة المعارك في اوكرانيا، السبب في تعديل برنامج الرئيس الروسي.&واضاف بيسكوف "انها حماقات. لقد تمت اثارة موضوع العقوبات بشكل واسع في كل اللقاءات الثنائية للقمة لكنّ احدًا لم يمارس ضغوطًا".
&
وفي بيان اوضح الكرملين ان بوتين اجرى "محادثات مطولة ومفصلة" مع كل من المستشارة الالمانية انغيلا ميركل ورئيس المفوضية الاوروبية جان-كلود يونكر.
&
من ناحيتها، قالت ميركل للصحافيين في بريزبين إن "هذه التوترات الجيوسياسية، بما في ذلك العلامة مع روسيا، هي حتما ليست مؤاتية للنمو (الاقتصادي). نحن نجهد جميعًا لفعل كل ما يمكن فعله دبلوماسيًا من اجل تحسين هذا الوضع".
&
وتصدر التوتر بين روسيا والغرب جدول اعمال اليوم الاول من قمة مجموعة العشرين، بعد ان اتهم الغربيون هذا الاسبوع روسيا بارسال تعزيزات من الاسلحة الثقيلة الى شرق اوكرانيا مما اثار مخاوف باندلاع حرب شاملة.
&
ومنذ الجمعة، هاجمت دول غربية عدة روسيا صراحة. وقال اوباما إن الولايات المتحدة "تعارض العدوان الروسي على اوكرانيا، والذي يشكل تهديداً للعالم".&واتهم رئيس الوزراء الاسترالي توني ابوت فلاديمير بوتين بأنه يريد استعادة "مجد القياصرة او الاتحاد السوفياتي"، فيما انتقد ديفيد كاميرون روسيا التي تعتدي برأيه على بلدان اصغر منها.
&
وذكرت الصحف الكندية ان رئيس الوزراء ستيفن هاربر هاجم بوتين مباشرة خلال اول لقاء بينهما صباح السبت، بقوله "اتخيل ان علي أن أصافحك، ولكن ليس لدي سوى شيء واحد أقوله لك: عليك أن تخرج من اوكرانيا".
&
وصورت صحيفة "كوريير ميل" الاسترالية الوضع بنشر صورة على صفحتها الاولى لدب يضع وسام الحرب الوطنية العظمى للاتحاد السوفياتي في وجه كنغر بقفازي ملاكم.&واكد حلف شمال الاطلسي خلال الاسبوع الماضي معلومات نشرتها كييف تتهم روسيا بنشر قوات ومعدات عسكرية في شرق اوكرانيا، رغم نفي موسكو ذلك بشدة.
&
واستمر التوتر في المنطقة مع مقتل خمسة مدنيين، بينهم طفلان، واصابة 12 في قصف مدفعي على مدينة غورليفكا التي يسيطر عليها الانفصاليون الموالون لموسكو في شرق اوكرانيا مساء الجمعة، كما اعلنت السلطات البلدية السبت. وقتل اكثر من اربعة الاف شخص في اوكرانيا منذ بداية النزاع منذ نيسان/ابريل.
&
ولم يصدر اي رد فعل بعد على قرار بوتين الذي شارك مع قادة مجموعة العشرين في عشاء عمل مساء السبت.&وكان بوتين عقد لقاءات ثنائية على هامش القمة مع كل من رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند.
&
وتصافح بوتين مع كاميرون امام الكاميرات، لكنهما فضلا الحديث خلال جلسة مغلقة، وهو ما قالت وسائل الاعلام الروسية انه دليل على حدة التوتر.&وقال المتحدث باسم الكرملين في ختام اللقاء إن الجانبين اعربا عن "اهتمامهما في اصلاح العلاقات (بين روسيا والغرب) وتبني تدابير فاعلة لتسوية الازمة الاوكرانية، ما من شأنه تسهيل التخلي عن المشاعر المتعارضة".
&
ونقلت وسائل الاعلام البريطانية عن مصدر مقرب من رئاسة الوزراء أن كاميرون كان "واضحًا"، فإما تطبيق اتفاق وقف اطلاق النار الذي تم التوصل اليه في مينسك، وهذا من شأنه تحسين العلاقات، وإما "تسير الأمور بطريقة مختلفة كثيرا في ما يتعلق بالعلاقات بين روسيا وبريطانيا واوروبا والولايات المتحدة".
&
وهددت لندن موسكو الجمعة بفرض عقوبات جديدة.&وحذر بوتين من أن أي عقوبات جديدة على موسكو ستكون لها تداعيات جسيمة على اقتصاد اوكرانيا المرتبط بالاقتصاد الروسي، وذلك في مقابلة مع قناة التلفزيون الالمانية (ا ر د) بثت السبت.
&
في المقابل، بدأ بوتين وهولاند الحوار امام الصحافيين بالدعوة الى التهدئة، في حين تختلف باريس وموسكو حول تسليم سفينة ميسترال الذي أخرته فرنسا.&وقال بوتين في بداية محادثته مع هولاند "علينا أن نبذل كل ما هو ممكن لتقليل المخاطر والتبعات السلبية على علاقاتنا الثنائية".
&
وقال مصدر فرنسي إن الرجلين تجنبا التطرق الى صفقة ميسترال.&ولدى استقباله نظراءه صباح السبت سعى ابوت الى التخفيف ولو قليلاً من المناخ المشحون لهذه القمة التي تستمر حتى الاحد في هذه المدينة الواقعة شرق استراليا والتي تحول وسطها على ضفاف نهر بريزبين الى حصن منيع تحلق فوقه المروحيات.
&
وقال "سيكون امرًا مستحبًا لو استطعنا (التحدث في ما بيننا) باستخدام اسمائنا الاولى، لانني اعتقد أن ذلك سيساعد على الاقل بأن يسود جو ودي بيننا مهما كانت الخلافات". وطغت المبادلات الدبلوماسية بين الرؤساء على ملفات النمو والمناخ وايبولا المهمة لليوم الاول للقمة التي تظاهر ضدها نحو الف شخص بهدوء.
&
وفي ما يتعلق بالمناخ، حاول الرئيس الاميركي باراك اوباما وضع التغيّر المناخي في صلب مناقشات مجموعة العشرين.&واستراليا التي تستضيف حتى الاحد قمة رؤساء الدول والحكومات الاكثر قوة في العالم، لم تدرج موضوع البيئة في اولويات هذا الاجتماع.
&
لكن باراك اوباما الذي يكثف الحديث عن المسائل المناخية منذ الاعلان عن اتفاق غير مسبوق مع الصين الاربعاء لخفض انبعاثات الغازات السامة المسببة للاحتباس الحراري، قرر امرًا آخر.
&
وقال اوباما في خطاب القاه في جامعة بريزبين على هامش قمة العشرين "اذا تمكنت الصين والولايات المتحدة من الاتفاق في هذا الخصوص، فبامكان العالم ايضا ان يتوصل الى اتفاق". واعلن في الخطاب ذاته مساهمة بقيمة ثلاثة مليارات دولار الى الصندوق الاخضر التابع للامم المتحدة من اجل المناخ.
&
وقد صفق الحضور بقوة لاوباما الذي كسب التأييد بتصريحاته الملفتة.&اما استراليا فكانت ترغب في التركيز على النمو "في عالم يواجه الكثير من الصعوبات"، كما قال ابوت "لكن الرسالة التي علينا أن نوجهها خلال هذين اليومين هي رسالة امل وتفاؤل: نعم يمكن لعالمنا تحقيق النمو".
&
ويفترض أن تصادق دول المجموعة -التي تمثل 85% من الثروة العالمية- على خطة ترمي الى تسريع نمو اجمالي ناتجها الداخلي في وقت يتباطأ فيه الاقتصاد العالمي بينما الولايات المتحدة هي المنطقة الوحيدة التي يتقدم اقتصادها بقوة.
&
وقال اوباما في هذا الصدد: "لا يمكن انتظار أن تحمل الولايات المتحدة الاقتصاد العالمي على ظهرها"، مضيفًا "هنا في بريزبين تتحمل مجموعة العشرين مسؤولية التحرك وتحفيز الطلب والاستثمار بشكل اكبر في البنى التحتية وخلق وظائف للناس في جميع بلداننا".
&
وقد يشير البيان النهائي للقمة الى المخاطر التي يتسبب بها انتشار ايبولا وتنظيم داعش.