أثار مشروع قانون يستهدف انشاء مجلس أعلى لشؤون العشائر، ردود أفعال سلبية بين اوساط المجتمع العراقي، كونه سيؤدي الى الدفع بالبلد الى هاوية جديدة وتخلف لا مجال من التخلص منه، وسيمزق نسيج المجتمع.


عبد الجبار العتابي من بغداد: أعرب العديد من العراقيين عن رفضهم لتشريع قانون المجلس الأعلى لشؤون العشائر لأنه يمزق نسيج المجتمع، مؤكدين أنه بمثابة السير الى الخلف، حيث أن العراق يجب أن يتقدم ويسير بخطى كبيرة وواثقة نحو المستقبل بقوانين مدنية تؤكد وجود الدولة العراقية الحقيقية لا الاعتماد على العشائرية التي من شأنها أن تدفع البلاد الى الهاوية.

وأشار عراقيون إلى أنه "لا أمل أبداً بطبقة سياسية تصرّ على السير بالاتجاه الخاطئ".

وكان رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري قد "بشّر" شيوخ العشائر قبل أيام بـ"قرب تقديم مشروع المجلس الاعلى لشؤون العشائر كقانون يتم تشريعه بعد أن يكتسب ثقة البرلمان ليؤطر عمل عشائرنا بإطار مؤسسي يضمن حضورًا فاعلاً ومؤثرًا في مجريات الأمور ويجعل العشيرة في مصاف مؤسسات الدولة".

رجوع الى الخلف

يستغرب المدرس جواد محي حسين من تشريع مثل هذا القانون، وقال: "في الوقت الذي يسير فيه العالم الى توطيد الحياة المدنية وتوسيع سلطة الدولة ترانا نعود راكضين الى الوراء لنتخلف عن الركب ونظل ندور في دوائر الجهل".

أضاف: "كيف يمكن للحكومة أن تسير بشكل طبيعي وهي ترتكز في عملها على جيوب بعيدة كل البعد عن التقدم والمدنية، هل هذا معناه اننا سنلجأ الى العشائر لتحل مشاكلنا أم اننا سنكون سواسية أمام القانون؟"

وتابع: "انا لا اعرف هل الحكومة تريد بناء دولة أم انها تخاف العشائر؟ الجواب الذي عندي أن الحكومة تحتمي بالعشائر ومن هنا يمكن القول إن العشائر القوية ستكون سلطتها اقوى من سلطة الدولة".

قانون محاكم العشائر

ويشير المهندس سمير عبد المنعم إلى أن الوقت حاليًا للقيم العشائرية ومن ليست له عشيرة لا تحميه الدولة.

يقول: "يبدو ان كلام رئيس مجلس النواب سليم الجبوري الذي قال فيه إن مشروع قانون المجلس الاعلى للعشائر سيجعل عمل العشائر في مصاف عمل مؤسسات الدولة، يؤكد سيادة قانون العشائر على قانون الدولة وان لا مجال لحل أية مشكلة الا باللجوء الى شيخ العشيرة، هذا ما فهمته انا من القانون".

ويضيف: "اذا ما تم تشريع هذا القانون فأنه سيعدّ بمثابة نكسة، وكلنا يعرف أن أهم القوانين التي صدرت بعد ثورة 14 تموز / يوليو عام 1958 هو قانون إلغاء قانون محاكم العشائر، وها نحن بعد نحو 60 عامًا نعود الى الوراء كثيرًا، اعتقد ان مثل هذا القانون يعيدني الى ما قاله ( ماركس): (في الوقت الذي كان الشعب يتمنى أن يسير نحو المستقبل... يجد نفسه فجأة يرجع القهقرى)، ونحن الان هكذا".

يقزم سلطة الدولة

لا يرى الاعلامي احمد دويغر في هذا القانون خيرًا "لانه يقزم سلطة الدولة".

ويقول: "ما قاله رئيس البرلمان هو تنشيط لما قاله رئيس الوزراء السابق نوري المالكي ودعوته عام 2011 إلى تشكيل مجلس وطني أعلى للعشائر العراقية، واراده أن يقوم بتنظيم هيكلية أداء جميع العشائر على أسس وطنية دستورية حتى يكون لها الدور المساند لمؤسسات الدولة، وحسب رأيه من اجل ان تتحول العشائر إلى وحدة بناء متماسكة، ونحن كعراقيين نعرف كيف تعمل عشائرنا الكريمة في ظل ظروف صعبة حيث المشاكل بينها كثيرة وكبيرة لأن كل عشيرة تعتز بانتماء ابنائها له وتقف مع المذنب قلبا وقالبا".

يضيف: "لا ارى في هذا القانون خيرًا لانه يقزم سلطة الدولة ولا يدع للقوانين احترامًا بقدر ما سيقول كل فرد "هذه عشيرتي" وكل مشكلة بين شخصين ولو على امر تافه ستخلق احتقانًا دائمًا، أنا لست مع هذا القانون جملة وتفصيلاً لانه سيعيدنا الى ازمنة غابرة يعشش فيها التخلف والجهل واتمنى أن لا يصوت عليه البرلمانيون وليعرفوا اننا نعيش في القرن الواحد والعشرين".

عودة الى "الاقطاع"

من جهته، سخر الكاتب علي حسين، نائب رئيس تحرير جريدة المدى، من المشروع.

وقال: "أنا اعتقد أن العودة الى مجالس للعشائر اشبه بالعودة الى نظام الاقطاع الذي من المفترض انه انتهى بعد ولادة الجمهورية لكن للاسف لايزال الكثير من الساسة يؤمنون بأن العشيرة والطائفة اهم وابقى من الوطن ومؤسساته".

واضاف: "هذا القانون هو اكثر من خطوة الى الوراء في عالم ينبذ القبلية، وهو بالتأكيد محاولة لايجاد وظائف لبعض الساسة أسوة بالكثير من المجالس التي لا تهش ولا تنش".

يعزز التماسك الاجتماعي

أثنى النائب عن ائتلاف دولة القانون، عبود العيساوي، على أهمية قانون المجلس الأعلى للعشائر، مشيرًا الى أنه سيعزز التماسك الاجتماعي.

وقال: "القانون موجود في اللجنة القانونية في مجلس النواب، من اجل دراسته، ورؤية الجوانب القانونية فيه، حتى لا يتعارض مع القانون والدستور العراقيين، وانا أرى أنه مهم لأنه سيعزز التماسك الاجتماعي، الكتل السياسية تبدو غير جادة في تشريع هذا القانون، لانها لا تريد أن يكون للمجتمع دور في صنع القرار في البلاد"، على حد تعبيره.