عمدت جماعة بوكو حرام الإسلامية المسؤولة عن المجازر شبه اليومية في شمال نيجيريا إلى استخدام سلاح مرعب جديد يتمثل في الانتحاريات، اللواتي يخفين متفجرات تحت أثوابهن الطويلة. وترجح معطيات إلى أن معظمهن يافعات ويلجأن إلى العمليات مرغمات.


كانو: في أزار في ولاية بوشي شمال شرق البلاد، دخلت امرأة مساء الأحد أحد الأسواق، وفجرت نفسها وسط تجار وزبائنهم وقتلت عشرة أشخاص على الأقل.

وفي مدينة كوناتوغورا في ولاية النيجر، التي تبعد أكثر من 700 كلم غرب أزار، نفذت امرأة قبل أيام اعتداء انتحاريًا في مركز لتأهيل المعلمين. وفي تموز/يوليو، أدت موجة من الاعتداءات الانتحارية، التي نفذتها فتيات في كانو، كبرى مدن شمال نيجيريا، إلى انتشار الرعب والخوف.

شبهة مذمومة
ودفعت هذه المجموعة من الاعتداءات أعدادًا كبيرة من المسلمات إلى التخلي عن لباسهن التقليدي، وهو نوع من الحجاب الطويل، لحمل الناس على الكف عن اعتبارهن انتحاريات.

وقد فجّرت أولى الانتحاريات النيجيريات نفسها في حزيران/يونيو أمام قاعدة عسكرية في ولاية غومبي في الشمال الشرقي، وبعد فترة من الشهر نفسه، حامت الشبهات حول مشاركة امرأة في اعتداء مزدوج في مرفأ لاغوس.

وقالت الخبيرة في "نيجيريان سكوريتي نتورك" إليزابيث بيرسون "عادة يكون اللجوء إلى استخدام نساء انتحاريات مؤشرًا إلى مرحلة أفول" لدى جماعة متطرفة وإلى "مشاكل في التجنيد".

آخر الأساليب
أضافت لوكالة فرانس برس "غالبًا ما يتم استخدام النساء وسيلة أخيرة... لكن استخدامهن هنا يحصل في أفضل سنة لبوكو حرام على صعيد أعمال العنف وعدد الأشخاص الذين قتلوا". وهذه الاعتداءات الانتحارية، التي وقعت جميعًا خارج الولايات الثلاث في الشمال الشرقي، حيث تنشط جماعة بوكو حرام، تساهم في تأجيج المخاوف من استخدام الجماعة خلايا نائمة في كل أنحاء نيجيريا، كما تقول بيرسون.

وغالبًا ما ينفذ الرجال الاعتداء الانتحاري، الذي يعتمده تنظيم القاعدة، ويطبق في بلدان الخليج والشرق الأوسط. إلا ان انتحاريات شاركن في أنشطة نمور التاميل في سريلانكا وفي أنشطة الانفصاليين الأكراد لحزب العمال الكردستاني في تركيا، ولدى الشيشانيين.

ويقول عدد كبير من الباحثين، إن هؤلاء النساء غالبًا ما يرتكبن هذا النوع من الاعتداءات لأسباب شخصية جدًا، كالثأر لمقتل أزواجهن أو أخوتهن أو آبائهن في المعارك. وهذا ما ينطبق على "الأرامل السود"، اللواتي يشكلن ثلت الانتحاريات الشيشانيات، كما يقول الخبير سكوت التران.

وكان نمور التاميل في سريلانكا يستخدمون نساء، لأنهن أقل عرضة للشبهة، ويتمتعن بمزيد من السهولة للتسلل إلى الأماكن المستهدفة، كما أضاف التران، وطرح مثالًا على ذلك إقدام انتحارية على اغتيال رئيس الوزراء الهندي السابق راجيف غاندي في 1991.

بالإكراه غالبًا
لم تترك الانتحاريات في نيجيريا أي مؤشر يتيح القول ما إذا كن يتصرفن بدوافع أيديولوجية متشددة، لكن كثيرًا من المعطيات تحمل على الاعتقاد أن معظمهن نفذن تلك العمليات بالإكراه. ويقول مصدر قريب من التحقيق إن أعمار اللواتي نفذن الاعتداءات في كانو تراوحت بين 14 و16 عامًا، وأنهن عمدن بالتأكيد إلى تفجير العبوات عن بعد.

ويؤكد شهود أن رجلين كانا يرافقان الانتحارية في كانو، ثم حاولا الفرار عندما فجرت نفسها. واعتقال فتاة في العاشرة من عمرها تحمل حزامًا ناسفًا في ولاية كاتسينا (شمال) في تموز/يوليو، يحمل على الاعتقاد أن جماعة بوكو حرام تجند على السواء وبالقوة صبيانًا وفتيات صغيرات.

وفي تموز/يوليو، اعتقلت ثلاث "نساء كن يجندن" فتيات لحساب هذه الحركة الإسلامية، وفي آب/أغسطس اعتقل أيضًا رجل مشبوه بتدريب انتحاريات مع 16 مجندة في كانو.

وبسبب صغر سن الانتحاريات في كانو، تطرح في مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام تساؤلات هل هؤلاء الفتيات هن في عداد أكثر من مئتي تلميذة خطفتهن بوكو حرام في شيبول في ولاية بورنو في نيسان/إبريل الماضي. وأكد نيجيري يعمل لحساب منظمة خيرية، خلال جلسة في أيلول/سبتمبر لمجلس النواب في الولايات المتحدة، إن إحدى الرهائن شاركت في اعتداءات كانو. لكن شرطة كانو ونوابًا من شيبوك نفوا وجود أي صلة بين التلميذات والانتحاريات.