تونس: لا يخفي الستّيني بشير اليحياوي فرحته بعدما شارك الأحد، ولأول مرة في حياته، في أول انتخابات رئاسية حرة وتعددية في تاريخ تونس التي أطاحت فيها الثورة مطلع 2011 بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.

وقال بشير الذي يقطن في "حي الخضراء" الشعبي وسط العاصمة "في السابق سواء ذهبنا للانتخاب أو لا، كانت النتيجة واحدة" في اشارة الى فوز بن علي بكل الانتخابات التي أجريت في عهده بنسب تفوق 90 بالمائة.

وأضاف بشير "هذه المرة، الانتخابات شفافة وحرّة، وبإمكانك التصويت لمن تشاء وفي حرية تامة ومن دون ضغوط أو رشوة".

وجرت الاحد في تونس أول انتخابات رئاسية حرة وتعددية في تاريخ البلاد التي حكمها منذ استقلالها عن فرنسا سنة 1956 وطوال أكثر من نصف قرن، رئيسان فقط هما الحبيب بورقيبة (1956- 1987) وبن علي (1987-2011).

ودعي للمشاركة في هذه الانتخابات نحو 5،3 ملايين ناخب.

وبعد مرور نحو 4 سنوات من تاريخ الاطاحة ببن علي، لا يزال التونسيون الذين كانوا يذهبون للاقتراع في عهد الرئيس المخلوع، يتذكرون بطاقات الاقتراع الملونة التي كانت تستخدم وتوضع في مغلفات شبه شفافة.

وقالت شابة تدعى نسرين ضاحكة "بتلك الطريقة كان الجميع يعرفون من لم يصوّت لبن علي".

وفي الشوارع والمقاهي والاسواق، لا حديث بين التونسيين إلا عن الانتخابات الرئاسية وعن المرشحين إليها.&

وقالت سيدة تونسية تعمل موظفة "يجب انتخاب رئيس حقيقي له خبرة سياسية، يعرف كيف يختار كلماته، وقادر على جمع التونسيين ويكون ايضا معتنيا بمظهره".

ولهذه الاعتبارات قالت هذه السيدة (34 عاما) انها صوّتت للسياسي المخضرم الباجي قائد السبسي (87 عاما) المرشح الاوفر حظا للفوز بالانتخابات الرئاسية والذي ركز حملته الدعائية على "اعادة هيبة الدولة".

ولهذه الاعتبارات ايضا ترى المتحدثة انه يجب "التصويت ضد" الرئيس المنتهية ولايته محمد المنصف المرزوقي الذي يتهمه عديدون بالاساءة الى منصب الرئيس وخصوصا بسبب قلة اناقته إذ يرفض ارتداء ربطة العنق.

لكن المرزوقي يحظى بشعبية في أوساط ترفض عودة "تقديس الرئيس" كما كان الحال في عهد بن علي أو خلفه بورقيبة اللذين كان مجرد انتقادهما يعرض صاحبه الى المتاعب.

&وقالت الموظفة المتقاعدة زهرة منصر "جئت من تلقاء نفسي واخترت بحرية وصوّت للمرزوقي".

وخلال الحملة الانتخابية، طرح المرزوقي نفسه كحصن منيع ضد عودة "النظام السابق" الذي يقول ان الباجي قائد السبسي يمثّله.

وكان السبسي تولى حقائب وزارية هامة كالداخلية والخارجية في عهد بورقيبة، كما تولى رئاسة البرلمان بين 1990 و1991 في عهد بن علي.

ومن بين المرشحين الى الانتخابات الرئاسية، وزراء عملوا مع بن علي مثل منذر الزنايدي آخر وزير للصحة في عهد الرئيس المخلوع، وكمال مرجان آخر وزير خارجية.

وترشح الى الانتخابات أيضا رجل الاعمال الثري سليم الرياحي الذي يرأس النادي الافريقي (التونسي) لكرة القدم، وحمة الهمامي زعيم الجبهة الشعبية (ائتلاف لأحزاب يسارية راديكالية).

وحل حزب سليم الرياحي "الاتحاد الوطني الحر" في المركز الثالث في الانتخابات التشريعية التي أجريت يوم 26 أكتوبر/تشرين الاول الماضي بـ16 مقعدا من إجمالي مقاعد البرلمان الـ217، فيما حلت الجبهة الشعبية في المركز الرابع بـ 15 مقعدا.

&ويقول انصار الرياحي إن "ثراءه الكبير لن يجعله يتورط في الفساد إن أصبح رئيسا" فيما يبرز انصار الهمامي نضال هذا المعارض ضد نظام بن علي.

&وسيحكم الرئيس الجديد تونس لولاية من خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة وفق الدستور التونسي الجديد الذي صادق عليه المجلس التأسيسي مطلع 2014.

ولا يمنح الدستور سوى صلاحيات محدودة لرئيس الدولة لكن الاقتراع العام يمنحه وزنا سياسيا كبيرا. كما يتمتع الرئيس بحق حل البرلمان اذا لم تحصل الحكومة التي تعرض عليه لمرتين متتاليتين على الثقة.