في أجواء الإنفتاح التي يعيشها العراق حاليًا عقب تشكيل حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي بدأ مسؤولون عراقيون سابقون بالعودة إلى بلدهم لمواجهة إتهامات كيدية سيقت ضدّهم في عهد رئيس الحكومة السابق نوري المالكي لمعارضتهم سياساته أو رفضهم الانصياع لطلباته غير القانونية.
لندن: أعلنت السلطة القضائية الاتحادية العراقية اليوم عن&اطلاق سراح بعض المسؤولين السابقين المحكوم عليهم قضائيًا غيابيًا.. وقال القاضي عبد الستار بيرقدار المتحدث باسم السلطة إن "بعض المدانين الذين سلموا انفسهم وكانت قد صدرت بحقهم أحكام قضائية غيابية قد طعنوا بهذه الاحكام الصادرة ضدهم وقرر القضاء اطلاق سراحهم لان التهم المنسوبة اليهم تقبل ذلك بكفالة".
وأشار إلى أنّ هذا القرار جاء لإفساح المجال لهؤلاء "المدانين" في تقديم ما يثبت براءتهم من التهم المسندة إليهم.
وعلمت "إيلاف" أن محافظ البنك المركزي السابق الدكتور سنان الشبيبي ووزير الاتصالات السابق الدكتور محمد علاوي قد عادا إلى بغداد من الخارج حيث كانا تركاه تجنبا لاعتقالهما بسبب الاتهامات التي أثيرت ضدهما في عهد رئيس الحكومة السابق نائب رئيس الجمهورية الحالي نوري المالكي بسبب رفضهما طلبات تقدم بها إلى الشبيبي مثلا لسحب اموال ضخمة من البنك من دون موافقة مجلس النواب في اطار دعمه الاقتصادي لإيران لانقاذها من وضعها الاقتصادي وتجنب انهيار عملتها الرسمية الريال (التومان) من الإنهيار وكذلك تقديم قروض إلى النظام السوري في محاولة لرفع قيمة الليرة السورية وانقاذها ايضا من الانهيار.. كما أن محمد علاوي وهو من اقارب اياد علاوي نائب رئيس الجمهورية الحالي زعيم ائتلاف الوطنية العراقي قد اثيرت ضده تهم كيدية بالتلاعب بالمال العام نتيجة وقوفه مع علاوي ضد المالكي.
وقد مثل الشبيبي وعلاوي أمام المحكمة في بغداد خلال اليومين الماضيين بعد ان عادا إلى العراق وسلما نفسيهما إلى القضاء فقام القاضي المختص بإطلاق سراحهما بكفالة مع وعود لهما بمحاكمة عادلة بعيدة عن التسييس محددا لهما يوم 22 من الشهر المقبل لمحاكمتهما.
ووصل الاثنان إلى مطار بغداد الدولي ومنه مباشرة إلى المحكمة وأدليا بإفادتهما بوجود محامي الدفاع وعلى الفور قرر القضاء الغاء قرار الاعتقال السابق الصادر بحق سنان الشبيبي اضافة إلى الغاء قرار منع السفر الصادر بحق محمد علاوي.&&
وجاء هذا التطور بعد ايام من اعادة العبادي الاعتبار إلى مظهر محمد صالح الذي كان نائب رئيس البنك المركزي العراقي وجرى اعتقاله ايضا لرفضه تدخلات المالكي في شؤون البنك ومحاولته وضعه تحت وصايته بالرغم من ان الدستور العراقي ينص على ان البنك هيئة مستقلة لا تخضع الا إلى رقابة مجلس النواب.. وقد اعتقله المالكي وزج به في السجن من دون محاكمة لكن العبادي قرر اخيرا اعادة الاعتبار اليه وتعيينه مستشارا خاصا له للشؤون الاقتصادية.
ولمعالجة قضايا بقية المتهمين من الشخصيات العراقية ومعظمها موجود خارج البلاد حاليا فقد شكل مجلس القضاء الاعلى لجنة تضم سبعة قضاة وبدأ بإعادة النظر بالقضايا المرفوعة ضدها. وقد قوبلت هذه الخطوات بارتياح عام حيث اعتبر العراقيون عودة الشبيبي وعلاوي إلى العراق& جزءا من المناخ السياسي الجديد الذي يأمل كثيرون بنجاحه في تصحيح اخطاء الفترة الماضية.
ويوجد هناك الآن الكثير من الشخصيات السياسية والاخرى في مختلف الاختصاصات وهي ملاحقة بمذكرات اعتقال صدرت على اساس انتقادهم سياسات المالكي او رفض الانصياع لأوامره التي اعتبرتها هذه الشخصيات مخالفة للدستور.
وكان القضاء العراقي اصدر في تشرين الاول (اكتوبر) عام 2012 مذكرة اعتقال ضد محافظ البنك المركزي سنان الشبيبي و15 من موظفي البنك المركزي بتهمة إرتكابهم جرائم مالية بحسب ادعاء الناطق باسم مجلس القضاء الاعلى آنذاك حيث تزامن ذلك مع صدور مذكرة اعتقال ضد وزير الاتصالات محمد علاوي وعدد من موظفي وزارته ايضا.
وتأتي اجراءات اعادة الاعتبار هذه لمختلف الشخصيات العراقية في وقت كشف مجلس القضاء الاعلى هذا الاسبوع عن وجود 498 مخبرًا سريًا& كاذبًا في بغداد واحالتهم إلى المحاكم بعد تبليغهم معلومات كيدية إلى السلطات.& وقال رئيس المجلس القاضي مدحت المحمود في تصريح صحافي إن هناك 498 مخبرًا سريًا كاذبًا في بغداد وحدها من دون الكشف عن عددهم في جميع محافظات العراق.
لكن مصدرا قضائيا أكد لـ"إيلاف" وجود 8 آلاف مخبر سري في العراق يحميهم القانون ويتم الأخذ بابلاغاتهم إلى السلطات بمعلومات عن اشخاص بتهمة وقوفهم ضد الحكومة او لهم علاقة بمنظمات ارهابية او غيرها من التهم ويتلقون عن ذلك مبالغ مالية من السلطات.
وأشار إلى أنّ معظم اخبارات& هؤلاء المخبرين كيدية لكن المؤسف ان آلاف العراقيين قد زجوا في السجون بناء على هذه الاخبارات الكاذبة التي قدمها المخبرون السريون بكيدية.. حيث يحمي القانون المخبرين ويسمح بعدم الكشف عن شخصياتهم حتى في المحاكمات التي تجرى لمتهمين اعتقلوا بناء على اخباريات المخبر السري.
وكان مجلس النواب قد قرّر مؤخرا الغاء قانون المخبر السري وانهاء المشاكل الكبيرة التي كان يسببها للمواطنين بعد ان ظل بمثابة سيف مصلت على رقابهم منذ سقوط النظام السابق عام 2003.
التعليقات