لندن: اكدت 59 دولة الخميس في ختام اجتماع لها في لندن دعمها للاصلاحات، التي اعلن الرئيس الافغاني اشرف غني عزمه اجراءها، كما جددت الالتزامات المالية التي كانت قطعتها في 2012 ازاء كابول.

وبعدما وجهت هذه الدول تحية الى "اول انتقال ديموقراطي للسلطة" في تاريخ البلاد عبر انتخابات ايلول/سبتمبر، اكدت هذه الدول المانحة ان مجمل الاصلاحات التي يعتزم غني اجراءها لتحقيق الاستقرار الامني والسياسي والاقتصادي وتعزيز حقوق الانسان هي اصلاحات "جديرة بالثقة". وقال وزير الخارجية الاميركي جون كيري في ختام المؤتمر ان غني ورئيس حكومته عبد الله عبد الله "قدما برنامجا طموحا جدا" ولا سيما في مجال مكافحة الفساد.

وكان غني قال امام المؤتمر "نحن مصممون على القيام بالاعمال بشكل مختلف"، متعهدا "اقران القول بالفعل" ومعربًا عن امله من جهة ثانية في الا تحتاج بلاده ابدا بعد اليوم تدخل قوات قتالية اجنبية لضمان امنها واستقرارها. وقال غني قبل اقل من شهر على نهاية المهمة القتالية للحلف الاطلسي في بلاده ان "الافغان وخلال تاريخهم الطويل، لم يحتاجوا دعم مسلح الا في خلال السنوات الثلاثين الماضية. نامل ان لا نعود ابدا بعد اليوم بحاجة إلى دعم مسلح مباشر".

واضاف ان "السلام هو اولويتنا"، في حين تتكثف الهجمات الدامية في البلاد، الامر الذي يدعو الى التشكيك بقدرة القوات الافغانية على مواجهة تهديد طالبان. وسعت الادارة الافغانية الجديدة الى فتح صفحة جديدة في العلاقات مع الغرب من خلال مؤتمر المانحين، الذي عقد في لندن الخميس، كما تحاول منذ فترة احلال السلام في الداخل مع دنو موعد رحيل قوات الحلف الاطلسي من افغانستان.

وذكر الرئيس الافغاني الذي انتخب في ايلول/سبتمبر، بنيته ونية رئيس حكومته عبد الله عبد الله تشكيل حكومة ائتلاف وطني. وهو وعد يتاخر تجسيده. ورد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون منسق المؤتمر بالقول "سنواصل احترام التعهد الذي قطعناه حيال السكان الاكثر فقرا في العالم". وتعهدت بريطانيا بدفع 178 مليون جنيه استرليني (225 مليون يورو) سنويا لافغانستان حتى 2017.

وشارك في المؤتمر مسؤولون دوليون كبار، من بينهم اضافة الى كيري وكاميرون رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف. واكد مسؤول بريطاني لوكالة فرانس برس ان "هذا ليس مؤتمرا لوعود (مالية) وبالتالي نحن لا نتوقع ارقاما كبيرة. المسالة تتعلق بمنح غني منصة لتوضيح" رؤيته لمستقبل البلاد.

وصرح دانيال فيلدمان الممثل الاميركي الخاص الى افغانستان وباكستان امام صحافيين في الاسبوع الماضي ان المؤتمر "يشكل فرصة للولايات المتحدة والشركاء الدوليين الاخرين للتاكيد على التزامها ازاء افغانستان، وربما الاهم انه فرصة لغني وعبد الله من اجل عرض سياستهما من اجل مستقبل افغانستان السياسي والاجتماعي والاقتصادي".

ومع ان الاسرة الدولية خصصت مليارات الدولارات لدعم افغانستان بعد اطاحة نظام طالبان في 2001، الا ان علاقاتها كانت متوترة مع الرئيس الافغاني السابق حميد كرزاي.
ويأمل العديد من الدبلوماسيين في ان تتحسن العلاقات مع الرئيس الجديد، الخبير السابق لدى البنك الدولي. ويفترض ان ترحل القوات القتالية للحلف الاطلسي بحلول 31 كانون الاول/ديسمبر على ان توكل الى المهمة الجديدة للحلف والتي اطلق عليها اسم "الدعم الحازم" امر المساعدة على تكوين الجيش الافغاني.

وسيبقى 12500 جندي تقريبا من بينهم 9800 اميركي بعد 31 كانون الاول/ديسمبر ومهمتهم مساعدة وتدريب الجيش الافغاني. ومع ان الرئيس الاميركي باراك اوباما تعهد انتهاء المهمة القتالية للقوات الاميركية في افغانستان بحلول نهاية العام، الا ان مسؤولين قالوا في الشهر الماضي ان القوات الاميركية سيظل بامكانها مساعدة الجيش والشرطة الافغانيين على محاربة طالبان في بعض الحالات.

وقال المسؤول البريطاني ردا على سؤال لوكالة فرانس برس "نبقى ملتزمين جدا حيال هذا الامر. اعتقد ان (الدول) الاخرى ستجدد تعهداتها لطمأنة غني". وكتبت كريستينا رورز من شبكة محللي افغانستان، ومقرها كابول، هذا الاسبوع انه "يبدو ان التعاطف الذي فقد في السنوات الماضية يعود ببطء الى الاسرة الدولية".

واضافت ان غني اذا تمكن من تشكيل حكومة واجراء اصلاحات فعلية بشكل سريع نسبيا فان "النوايا الحسنة يمكن ان تستمر". وقبل المؤتمر، حثت منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش الدول المانحة على التشديد على اهمية حقوق النساء وغيرها من قضايا حقوق الانسان. وقال براد ادامز مدير مكتب اسيا لهيومن رايتس ووتش ان "مؤتمر لندن لحظة حاسمة لتحديد ما اذا كانت حكومة افغانستان الجديدة ستتخذ اجراءات ملموسة لوضع حد لانتهاكات حقوق الانسان وما اذا كانت الدول المانحة تريد الاستمرار في الدفاع عن حقوق الافغان بعد 2014".

واضاف "من دون ضغوط دولية ومساعدات محددة من اجل وقف انتهاكات حقوق الانسان، فسيكون من السهل تبديد الكثير من المكاسب التي تم تحقيقها في غضون 13 عاما".
وترى صحيفة "ذي تايمز" انه "من دون استراتيجية شاملة للمساعدة، ومن دون حوكمة صلبة وتمويل آمن، فان البلد حيث قتل 453 جنديا بريطانيا و2210 جنود اميركيين، قد ينهار فعلا".
&