أثار حكم تبرئة الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك وأركان نظامه غضبًا عارمًا وسط مؤيّدي ثورة 25 يناير الذين اعتبروه غير عادل، وأيّدهم في الرأي قراء "إيلاف" بنسبة 65% في استفتائها الأسبوعي.


صبري عبد الحفيظ من القاهرة:&صدم قرار حكم البراءة بحق الرئيس الأسبق حسني مبارك ورموز نظام حكمه، في قضايا قتل المتظاهرين والفساد المالي، غالبية المصريين، لا سيما أن الأكثرية على يقين أن مبارك ارتكب هذه الجرائم، وأدخل البلاد في دوامة واسعة من الفساد المالي والسياسي، لثلاثين عاما حكم فيها، وسعى في السنوات&العشرالأخيرة إلى تهيئة الأجواء لتوريث الحكم لنجله الأصغر جمال.
وأثار الحكم غضب نشطاء ومؤيدي ثورة 25 يناير التي أطاحت بنظام حكم مبارك، واتهمت نظام حكم الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، بأنه امتداد أو إعادة إنتاج لنظام مبارك، ودعوا إلى إنشاء محاكم ثورية لمحاكمة الرئيس الأسبق بتهم الفساد السياسي والمالي، وتدمير مؤسسات الدولة وتزوير الإنتخابات. واعتبر مراقبون وخبراء قانون ونشطاء حقوقيون وسياسيون أن الحكم قانوني، لكنه غير عادل.
واتفقت غالبية قراء "إيلاف" مع توجهات أكثرية المصريين ممن اعتبروا الحكم بتبرئة مبارك لا يتفق وصحيح العدالة، وذلك في سياق الإجابة على سؤال الإستفتاء الإسبوعي الذي طرحته الجريدة عليهم، وجاء نصه كالتالي: "هل تعتقد أن القضاء المصري كان عادلاً بتبرئة مبارك وأركانه؟ نعم ـ لا".
الحكم اغضب الكثيرين
شارك 4030 قارئاً في الإستفتاء، ورأت الغالبية منهم وتقدر بـ2211 قارئاً، بنسبة 65 بالمائة، أن حكم البراءة لم يحقق العدالة للمصريين، بينما يعتقد باقي المشاركين وعددهم 1819 قارئاً، بنسبة 45 بالمائة، أن القضاء منح مبارك وأركان نظامه الحكم العادل.
وأغضب الحكم مؤيدي ثورة 25 يناير، التي أطاحت بنظام حكم مبارك وقضت على أحلام نجله جمال في خلافة والده، بعد 18 يوماً من التظاهرات المليونية في ميدان التحرير ومختلف ميادين الجمهورية.
&
أحكام غير عادلة
وقال محمود عفيفي، أحد قادة ثورة يناير، لـ"إيلاف" إن الأحكام التي حصل عليها مبارك ووزير داخليته وقياداته الأمنية وجميع رموز نظام حكمه، لا تتفق مع مبادئ العدالة، مشيراً إلى أنها لم تحقق الحد الأدني من العدل. وأضاف أن مبارك أفسد مصر على مدار ثلاثين عاماً، ونشر الفساد في جميع مؤسسات الدولة، وأفسد الحياة السياسية وزور الإنتخابات، وقتل وعذب المصريين في السجون. ولفت إلى أن ثورة يناير أندلعت ضد التعذيب والقمع الذي مارسته وزارة الداخلية ضد المصريين، ورغم ذلك ما زالت سياسته وممارسته القمعية مستمرة، وكأن نظامه ما زال يحكم ولم يسقط. على حد قوله.
وأضاف أنه "برغم الصدمة التي لحقت بالملايين من الشعب المصري بعد أحكام البراءة التي منحت لمبارك ولسدة نظامه، إلا أن الصدمة الأكبر كانت من نصيب رجال مبارك داخل النظام الحالي وخارجه عندما شاهدوا الشباب ينتفض مرة أخرى ليستعيد ثورته، بعد سلسلة من الإحباطات المتوالية آخرها الحكم ببراءة من رأيناهم بأعيننا يقتلون رفاقنا في ميادين مصر في يناير 2011".&
ونبه إلى أنه "كالعادة فإن الشباب مستعد لدفع الثمن، خاصة أن أحكام البراءة أعطت الضوء الأخضر للآلة القمعية للفتك بالمعارضين دون خوف من حساب أو مساءلة، لنرى ذلك القمع يطبق فعلياً على تجمع الشباب السلمي في ميدان عبد المنعم رياض وسقوط شهيدين وعشرات المصابين، ولكن شباب مصر في الجامعات يثبت أن كل هذا لن يثنيه عن المضي قدماً في طريق الحرية وهم على أتم الاستعداد لتقديم المزيد من التضحيات حتى يتحقق ما مات من أجله رفاقنا، فنحن لسنا أقل منهم حباً لهذا الوطن".&
&
محاكمات هزلية
ودعا عفيفي النظام الحالي إلى ضرورة الإفراج عن المعتقلين من الشباب وتعديل قانون التظاهر وإقرار قانون للعدالة الإنتقالية يتضمن إعادة محاكمة مبارك ورموز نظامه ضمن معايير جديدة يحددها القانون".
وأشار إلى أن شباب ثورة يناير صار لديهم يقين أن المحاكمات الخاصة بضباط الشرطة وقيادات حكم مبارك ونظامه كله، لم تكن إلا محاكمات هزلية، الهدف منها امتصاص غضب الشعب الغاضب، بعد اسقاط نظام حكمه، منبهاً إلى أن خلال السنوات التي تلت ثورة يناير، بدأت الآلة الإعلامية ودوائر سياسية بشن حملات تشويه متعمدة وبشكل مكثف ضدها، وإظهارها على أنها مؤامرة خارجية، وأن شبابها مأجورون. ونبه إلى أن الهدف هو تبييض وجه مبارك وتهيئة الرأي العام لحصوله على البراءة في النهاية.
وقال إن الشباب سوف يعيد تنظيم صفوفه، ولن يسمح لنظام مبارك بالعودة مرة اخرى، كما أنه لم يسمح للإخوان باستغلال أو سرقة الثورة من جديد. على حد تعبيره.&
&
رد فعل سياسي
وشن حمدين صباحي، المرشح الرئاسي السابق، وأحد رموز ثورة 25 يناير، هجوما شرسًا على أحكام تبرئة مبارك ورموز نظام حكمه، ودعا السيسي إلى ضرورة إظهار موقفه من الثورة، والتبرؤ من نظام مبارك، وأعلن أن شباب ثورة 25 يناير قد ينسحبون من تحالف ثورة 30 يونيو، إذا لم يحترم ثورتهم.
ودشن التيار الديمقراطي، والذي يضم أحزاب: الكرامة، الدستور، التحالف الشعبي الاشتراكي، التيار الشعبي (تحت التأسيس)، مصر الحرية، المصري الديمقراطي، العدل، حملة لإعادة محاكمة مبارك ورموز نظامه باسم "حاكموهم"، تهدف إلى محاكمة الرئيس المخلوع حسنى مبارك، وكافة المسؤولين من نظامه عن قتل الشهداء، ونهب موارد وثروات البلاد، وإفساد الحياة السياسية وتزوير الانتخابات.&
ووفقاً للمستشار محمد الرفاعي، رئيس محكمة جنايات سابق، فإن القاضي يحكم وفقاً للقانون، وليس بالعدل، وأوضح لـ"إيلاف" أن الرسول صلى الله عليه وسلم، حذر من ذلك بقوله في حديث شريف "إنما أنا بشر ولعلّ بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فمن قطعت له من حق أخيه قطعة فإنما أقطع له قطعة من النار‏".
ولفت إلى أن القاضي يحكم وفقاً للأوراق والمستندات والأدلة والبراهين المقدمة إليه، وليس وفقاً لقناعته الشخصية، ونبّه إلى أن القاضي محمود الرشيدي قال إنه حكم وفقاً للقوانين، وأوضح في أسباب حكمه أن تلك القوانين غلّت يديه عن إنزال الحكم العادل بمبارك ونجليه ورجل الأعمال حسين سالم في قضايا الفساد، ودعا المشرع إلى تعديلها.
وأفاد بأن الرئيس عبد الفتاح السيسي استجاب لتوصيات القاضي الرشيدي ووجّه لجنة الإصلاح التشريعي إلى ضرورة تعديل المواد التي أشار إليها القاضي، وساهمت في إفلات مبارك من العقوبة في جرائم الفساد.
&