يرى البعض إمكانية نضوج الطبخة الرئاسية في لبنان مع استقبال الوفود الدولية، فأولا زار لبنان الوفد الروسي واليوم يستضيف الوفد الفرنسي، فهل نشهد رئيسًا للجمهورية اللبنانية قريبًا؟

بيروت: وجود الموفد الفرنسي في لبنان الممثل بمدير شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جان فرانسوا جيرو، هل يعني فعلاً أن مسألة انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية أصبحت على نار حامية؟ يقول النائب السابق فارس سعيد ( 14 آذار) لـ"إيلاف" إن الموفد الفرنسي يأتي اليوم بعد أن زار بيروت سابقًا الموفد الروسي، وتميزت زيارة الموفد الروسي بعلامتين فارقتين الأولى أنه تكلم عن إعلان بعبدا، أي انسحاب حزب الله من سوريا، وهذا يتناقض مع موقف الروس تجاه الأزمة السورية، والثانية أنه تكلم عن رئيس تسوية أي أنه استبعد بمكان ما مرشح حزب الله العماد ميشال عون.

ويضيف سعيد :" يأتي اليوم الموفد الفرنسي حتى يتكلم في السياق نفسه، أي بالتسوية حول إسم رئيس، وكأن هذه الزيارات الدبلوماسية المتتالية تأتي في سياق واضح بمسعى من قبل المجتمع الدولي من أجل إخراج موضوع رئاسة الجمهورية من المأزق الذي يعيشه، أما هل ستتكلل الجهود بنجاح؟ لا أحد يدري ولكن هناك حراك دولي حقيقي ترجمته الزيارات الروسية والفرنسية.

أما النائب السابق اسماعيل سكرية ( 8 آذار) فيقول لـ "إيلاف" إن وجود الموفد الفرنسي في لبنان سببه أن فرنسا تبحث عن دور لها في لبنان من خلال نافذة الرئاسة اللبنانية، ولكن لا وجود لأفق واضح لحل موضوع رئاسة الجمهورية في لبنان.

وجود رئيس للجمهورية

وردًا على سؤال كيف يمكن حلحلة موضوع رئيس الجمهورية في لبنان؟ يجيب سعيد :" يجب أن ينزع حزب الله الفيتو الذي وضعه حول موضوع انتخاب رئيس للجمهورية، فعندما يصر الحزب أن مرشحه هو ميشال عون فهذا يعني أن حزب الله لا يريد انتخابات رئاسية في لبنان.

ويضيف:"هو أي حزب الله، يختبىء وراء هذا الترشيح ويتخذ من هذا الإسم حجة من أجل تجميد موضوع اللعبة الديموقراطية، وإذا كان فعلاً يصر على عون كرئيس للجمهورية، فليسمح حزب الله للعبة الديموقراطية أن تأخذ مداها بمعنى أن يذهب بمرشحه إلى داخل مجلس النواب وتأخذ اللعبة الديموقراطية داخل مجلس النواب فإما أن ينجح في الصندوق بمرشحه عون وإما يسقط بمرشحه.

أما سكرية فيعتبر أنه عمليًا نحتاج إلى توافق خارجي إقليمي أقوى للحصول على رئيس للجمهورية في لبنان يتم تفعليه في الداخل.

الفراغ والأجواء الأمنية

ولدى سؤاله إلى أي مدى يسيء الفراغ الرئاسي بالأجواء الأمنية في لبنان يقول سعيد :"لا اعتقد بان هناك علاقة حقيقية بين الأجواء الأمنية وبين انتخاب رئيس للجمهورية، لأن انتخاب رئيس للجمهورية لا يقتصر فقط على انفراجات أمنية إنما هو رمز للدولة اللبنانية ولوحدة اللبنانيين، وهو الواجهة اللبنانية لدى العالم العربي والخارج من خلال نسج العلاقات اللبنانية الخارجية، كما أنه مؤتمن على الدستور اللبناني ويعطي إشارة واضحة إلى الخارج بمجرد انتخابه أن هذا البلد مستمر وكذلك بناء الدولة، والأمر مرتبط بالثقة بلبنان أكثر من أمنه.

يلفت سكرية إلى أن ربط موضوع رئاسة الجمهورية بالأمن اللبناني يتم تضخيمه ووجود رئيس جمهورية ضروري في لبنان من المنحى الدستوري الأدبي والمعنوي، كي تكون الدولة متكاملة.

قضية المخطوفين العسكريين

إلى أي مدى يمكن أن يساهم انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية بحلحلة قضية العسكريين المخطوفين؟ يجيب سعيد:" قضية العسكريين المخطوفين تخضع إلى معيارين ووزنتين وإلى نظرتين مختلفتين فحزب الله يحق له التفاوض والمقايضة من أجل انقاذ معتقليه لدى النصرة وداعش، أما الدولة اللبنانية فتحتاج إلى توافق كي تقايض، وهذا التوافق مرفوض مع وجود وزراء وعلى رأسهم وزراء حزب الله يمنعون المفاوضة والمقايضة.

ويلفت سعيد إلى أنه من الضروري اليوم لرئيس الحكومة تمام سلام أن يعلن بالإسم من يعرقل في الحكومة عملية التفاوض والمقايضة في قضية العسكريين المخطوفين.

ولا يرى سكرية علاقة بين وجود رئيس للجمهورية في لبنان وبين حلحلة قضية العسكريين المخطوفين لأن هذه الأخيرة هي في قلب الصراع الدائر في المنطقة ككل مع وجود "الإرهاب"، وهي ورقة أساسية بيد المسلحين ولا حل لها إلا بالقوة والتضحيات وتقديم الشهداء، وبضغوطات خارجية أيضًا.

قرار داخلي

وردًا على سؤال هل يمكن أن يصبح انتخاب رئيس الجمهورية في لبنان قرارًا داخليًا فقط؟ يقول سعيد " مع دخول المنطقة في حالة استقرار يمكن أن نشهد ذلك والأمر يتطلب وقتًا طويلاً. أما سكرية فيقول أنه قد نصل إلى ذلك مع وجود تركيبة لدولة لبنانية تحترم القوانين والدستور ومواطن يحاسب ويسائل.