تتبادل الولايات المتحدة وفرنسا المراقبة بحذر بشأن الملف النووي الإيراني في لعبة دبلوماسية تشتبه فيها واشنطن بأن باريس تتلكأ في ابرام اتفاق مع طهران، فيما يشعر الفرنسيون ضمنًا بالقلق من تسرع الاميركيين.


واشنطن: يشكل حل كل مشاكل البرنامج النووي الإيراني دفعة واحدة والتصالح مع الجمهورية الإيرانية اولوية لدى الرئيس الاميركي باراك اوباما. وتريد فرنسا أيضًا مخرجًا للازمة، لكنها تعد منذ سنوات الاكثر تشددًا بين دول مجموعة 5+1 التي تفاوض طهران، وتضم الولايات المتحدة والصين وروسيا وبريطانيا والمانيا.

قلق واستياء

رسميًا، تعلن واشنطن وباريس وحدة موقفهما للتوصل إلى حل مع طهران ينهي 12 عاما من التوتر. لكن مصادر دبلوماسية متطابقة تعترف بأنه في كواليس هذه المواجهة بين إيران والدول الكبرى، هناك خلاف بين باريس وواشنطن. وقد شهدت العلاقات بينهما تقلبات منذ الغزو الاميركي للعراق في 2003، وقد تكون الحلقة الضعيفة في مجموعة 5+1 في مواجهة طهران.

وفي الجلسات الخاصة، يعبر الدبلوماسيون عن القلق وحتى عن الاستياء من فرنسا التي تدعي بدون وجه حق برأيهم بأنها الاكثر تشددًا حيال طهران. وهم يتهمون نظراءهم الفرنسيين بالتحدث كثيرًا عن خبرتهم الحقيقية في النووي الإيراني، لكن من دون أن يقدموا شيئًا يذكر ومن دون أن يتحركوا. ويرفض الفرنسيون الرد على انتقادات الاميركيين.

الصبر والحزم

لكن في المفاوضات الاخيرة التي جرت في فيينا في نهاية تشرين الثاني (نوفمبر)، اطلق السفير الفرنسي في الولايات المتحدة جيرار ارو تغريدات كثيرة بالانكليزية، دعا فيها إلى "الصبر والحزم" في "لعبة البوكر هذه" مشيرا إلى انه "اذا كان اي اتفاق حاسمًا للاقتصاد الإيراني فهو ليس اكثر من مهم بالنسبة لنا".

وحذر دبلوماسي غربي وزير الخارجية الاميركي جون كيري، المعروف بنشاطه وتفاؤله، من انه "علينا الا نتسرع من اجل اتفاق والتسرع سيكون خطأ ترتكبه مجموعة 5+1". واضاف: "الضغط هو على إيران".

وتابع هذا الدبلوماسي: "نريد اتفاقًا متينًا وليس اتفاقًا من اجل الاتفاق".

وقال دبلوماسي آخر: "اذا كان الإيرانيون يريدون اتفاقًا فمن غير الاكيد انهم يستطيعون دفع ثمنه، خصوصًا بشأن عدد اجهزة الطرد المركزي والقدرة على التخصيب وهي نقطة تتعثر امامها المفاوضات".

نصف الكأس

ولم تسفر المفاوضات التي جرت في فيينا قبل ثلاثة اسابيع بين إيران والدول الست سوى عن تمديد المحادثات حتى تموز (يوليو) 2015. وستستأنف هذه المفاوضات في 17 كانون الاول (ديسمبر) في جنيف.

وقبل أن يتوجه إلى فيينان حرص كيري على التوقف في باريس ليتأكد من انه هو ونظيره الفرنسي لوران فابيوس على الموجة نفسها. وقال دبلوماسيون اميركيون أن كيري يخشى أن يكرر فابيوس ما فعله في تشرين الثاني (نوفمبر) 2013، عندما عارض في اللحظة الاخيرة صيغة اولى لاتفاق موقت مع إيران.

وتعترف كيلسي دافنبورت، من منظمة مراقبة الاسلحة في واشنطن، بأن لدى فرنسا والولايات المتحدة آراء مختلفة حول فرص التوصل إلى اتفاق. لكنها تضيف: "الكأس نصف الفارغة هي كأس نصف ملآنة ايضًا".

نجاح تاريخي!

ويشكل التوصل إلى تسوية للملف النووي الإيراني نجاحًا تاريخيًا لاوباما الذي مد يده لطهران. وقد اجرى اتصالًا هاتفيًا مع الرئيس الإيراني حسن روحاني في ايلول (سبتمبر) 2013 ثم وجه رسالة في تشرين الاول (اكتوبر) الماضي إلى مرشد الثورة الاسلامية آية الله علي خامنئي.

كما تفاوض الاميركيون سرا مع الإيرانيين في 2011 و2012 حول الملف النووي، لكن تبقى العلاقات الدبلوماسية بين واشنطن وطهران مقطوعة منذ العام 1980.

فرنسا لم تقطع علاقاتها مع إيران لكنها اعتمدت خطابًا بالغ الحزم بشأن الملف النووي، خصوصا في عهد الرئيس السابق نيكولا ساركوزي. وحققت باريس ايضا تقاربا كبيرا مع قوى خليجية وخصوصا السعودية المنافسة الكبرى لإيران.

وبينما تشهد العلاقات بين الولايات المتحدة واسرائيل فتورا في الاشهر الاخيرة، تتبنى فرنسا لهجة تصالحية مع الدولة العبرية التي تعد العدوة اللدودة لإيران.