إذا كانت باريس مدينة الحب فان لندن أصبحت عاصمة العالم في الطلاق، يتوافد عليها أصحاب الثروات الطائلة من الزوجات والأزواج الذين لم يعودوا يطيقون بعضهم البعض.


إعداد عبد الاله مجيد: يتوافد أثرياء العالم من الزوجات والأزواج الذين يريدون الطلاق على لندن باعتبارها عاصمة العالم في الطلاق. فالقوانين البريطانية منحازة أو منصفة، حسب منظور كل طرف في عملية الطلاق، إلى الشريك الذي لا يكون معيلا للأسرة، وهو تقليديًا الزوجة وإن تكن أحيانا هي المعيل.

وبصرف النظر عمن حقق ثروة العائلة فان القضاء الانكليزي يحكم عمومًا بتقسيمها مناصفة بين الزوجين مع نفقة مدى الحياة للزوجة. ولا يبدي القضاء البريطاني أي تساهل مع الأزواج الذين يحاولون التستر وعدم الكشف عن ثروتهم بالكامل.

سابقة قانونية

وتعمل القوانين البريطانية الخاصة بالطلاق على هذه القاعدة منذ سنوات وبالتحديد منذ عام 2000 عندما أوجد مزارع وزوجته سابقة قانونية لمعاملة المعيل وربة البيت معاملة متساوية.

ولكن الفارق الذي ظهر خلال هذه السنوات يتمثل في الثروات الهائلة التي يتعين على القضاء تقسيمها بين الزوجين بعد ان اصبحت لندن الملاذ المفضل للاوليغارشيين الروس وحيتان المال الصينيين ومعهم جمع من الأثرياء العرب أيضا.

ويشكل الأثرياء البريطانيون جزءا من الظاهرة. إذ قضت محكمة في تشرين الثاني (نوفمبر) بأن يدفع مدير صندوق استثمار تحوطي بريطاني 530 مليون دولار الى زوجته المولودة في الولايات المتحدة. ويُقال إن هذه أكبر تسوية في تاريخ القضاء الانكليزي.

وقال تيموثي سكوت المحامي المختص بقضايا الطلاق إن الأثرياء اليوم أكثر عالمية وأممية مما كانوا في السابق وثرواتهم أكبر بكثير. وأضاف سكوت أن هناك أعدادًا أكبر من الأثرياء الذين يرون أن ما يمكن أن يخسروه أو يكسبوه من الطلاق يستحق النزاع بشأنه امام القضاء.

استراتيجيات ماكرة

ولكن الأمر لا يقتصر على اللجوء الى القضاء لتحديد حصة كل شريك من الثروة بل يتضمن أيضا رسم استراتيجيات ماكرة بين أزواج وزوجات تتيح لهم ثرواتهم امكانية العيش في قارات مختلفة.

وقال المحامي سكوت لصحيفة واشنطن بوست إنه نصح زوجات يفكرن في الطلاق بشراء عقار في إنكلترا. وأضاف "ان كل ما مطلوب هو سنة اقامة" تكون الزوجة بعدها مشمولة بالقوانين البريطانية التي تضمن لها نصف ثروة زوجها عند الطلاق.
&
ويجري تخطيط الاستراتيجيات باتجاهين. وقالت المحامية عائشة فارداغ التي سمتها الصحافة البريطانية نجمة قضايا الطلاق، ان لديها نصيحة بسيطة لمعيل الأسرة الذي يخشى انهيار حياته الزوجية ولديه خيار اللجوء الى القضاء، هي ان يغادر انكلترا في أول قطار عبر بحر المانش الى فرنسا "حيث القوانين تختلف اختلافا كبيرا".

حقوق متساوية

وأوضحت فارداغ ان قوانين الطلاق الانكليزية لا تميز بين المعيل وغير المعيل من الزوجين بل هما "شريكان متساويان في الزواج ولهما حق متساو في تقاسم ثمار هذا الزواج".
&
ومن الطبيعي ان معاملة انكلترا الودية للشريك غير المعيل بمنحه نصف الثروة التي حققها المعيل لا تحظى بشعبية بين المعيلين الذين يشعرون بالاجحاف حين يأمرهم القضاء الانكليزي بالتنازل عن نصف ثروتهم الى الشريك الذي لم يكن له دور في تكوين هذه الثروة، أو الاستمرار في دفع نفقة للزوجة مدى الحياة. وتعين على اثرياء في انكلترا ان يبيعوا اصولا كبيرة ليتمكنوا من الاستمرار في دفع النفقة الشهرية لزوجاتهم السابقات.

ودعا البعض الى تغيير القوانين لكي لا تبقى انكلترا متميزة عن البلدان الأخرى بما في ذلك تحديد النفقة مدى الحياة ولا سيما أن دولا اوروبية عديدة بينها اسكتلندا التي لها نظامها القانوني المنفصل، تحدد النفقة الشهرية ببضع سنوات.

تغيير طفيف

وقالت المحامية المختصة بقضايا الطلاق كاميلا بولدون ان النفقة مدى الحياة لا تشجع الأم المطلقة على العودة الى العمل.

ولاحظ مراقبون ان تغيرا طفيفاً حدث في موقف القضاء الانكليزي لصالح الشريك غير المعيل. ففي طلاق مدير صندوق التحوط البريطاني كريس هون وزوجته المولودة في الولايات المتحدة جيمي كوبر هون بتسوية قيمتها 530 مليون دولار لم تحصل الزوجة إلا على ثلث ثروة العائلة بعد ان اقنع الزوج المحكمة بأنه قدم "مساهمة خاصة" في الزواج.