بتوجيه من الجنرال الإيراني قاسم سليماني، تجنّد عصائب أهل الحق المقاتلين الشيعة في العراق في الميليشيات التي تقاتل إلى جانب بشار الأسد، وقد خسرت أكثر من 500 عنصر حتى اليوم.


بيروت: تحولت الثورة في سوريا بعد ثلاث سنوات إلى حروب على جبهات عدة، يتداخل فيها الكثير من الأيدي الخارجية، في حين أثبتت البلاد نفسها كساحة قتال للكثير من الأجندات والمخططات.

من هذه الأيدي الخارجية جماعة quot;عصائب أهل الحقquot; العراقية، التي ترسل المسلحين إلى سوريا للقتال إلى جانب القوات الحكومية في مواجهة المعارضة المسلحة. وحصلت هذه الجماعة على نفوذ متزايد منذ رحيل القوات الأميركية عن العراق في كانون الأول (ديسمبر) 2011، لتصبح أحد أبرز اللاعبين في الحياة السياسية في العراق.

شرعية سياسية

لكن وفقًا لصحيفة غارديان البريطانية، فإن عصائب أهل الحق توسّع نشاطاتها إلى سوريا المجاورة عن طريق المشاركة في الحرب إلى جانب الأسد وتحويل ميزان القوة إلى صالح النظام.

نشأت عصائب أهل الحق برعاية قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري، الجنرال قاسم سليماني. وترتبط هذه الجماعة ارتباطًا وثيقًا بحزب الله في لبنان، إضافة إلى ارتباطها الايديولوجي بالمرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي.

ويعتقد مسؤولون استخباراتيون عراقيون أن الحركة تتلقى ما بين 1.5 إلى 2 مليون دولار شهريًا من إيران، وفقًا لغارديان التي أشارت إلى أن صعود الحركة يربك الكثير من القادة السياسيين في العراق ويثير قلقهم.

وقال أحد الوزراء العراقيين: quot;قبل 7 سنوات، كانت هذه الحركة مجرد تابع لإيران من أجل مهاجمة الأميركيين، والآن لديها شرعية سياسية وتصل أيديها إلى كافة الأجهزة الأمنية، وبعضنا لم ينتبه لهذا إلا بعد فوات الأوانquot;.

استثمار مكلف

تكثف عصائب أهل الحق دعمها لحكومة الأسد، ومن أبرز تجليات هذا الدعم الأعداد الهائلة من القتلى في الحرب المستعرة في سوريا، إذ تشير الصحيفة إلى أن مقبرة وادي السلام في النجف تستقبل أعدادًا كبيرة من القتلى، وأن quot;معظم هؤلاء لم يموتوا في العراق، بل قتلوا في سوريا خلال دفاعهم عن الأسدquot;.

واشترت جماعة عصائب أهل الحق قطعة أرض تتجاوز مساحتها 2500 متر مربع وحولتها إلى مدفن كبير لمقاتليها الذين يسقطون في سوريا.

ويقول قيس الخزعلي، مسؤول الجماعة، في كل خطاباته ومقابلاته على مدى العامين الماضيين إن قتال ميليشياته في سوريا يهدف إلى إلحاق الهزيمة العسكرية بالولايات المتحدة. وحصلت تصريحاته على تأييد الآلاف من الشيعة العراقيين الذين تطوعوا للقتال من أجل نظام الأسد في سوريا، كما أثارت قلق العديد من المجتمعات المحلية في مناطق الشيعة في البلاد، الذين يرون مشاركة أفرادهم في معارك سوريا بمثابة استثمار مكلف في صراع طائفي عابر للحدود.

خمس جثث يوميًا

في مقبرة النجف، التي تعتبر الأكبر تقريبًا في العالم والتي تحتضن نحو 5 ملايين قبر، يقول حفارو القبور إنهم بالكاد يميزون بين نهاية حرب وبداية أخرى، فما إن غادرت أميركا حتى انفجرت سوريا. وقال أحدهم إن الجثث القادمة من سوريا بلغت أعدادًا غير مسبوقة، وهناك 500 منها على الأقل حتى الآن، مضيفًا: quot;وصلت ثلاث جثث كل يوم خلال الشهر الماضي وحده عبر الحدود مع إيران، لمقاتلين يموتون في سوريا ويدفنون هناquot;.

مهمة عصائب أهل الحق، إلى جانب الحرس الثوري الإيراني، تحويل دفة الحرب لصالح الأسد الذي كاد يفقد السيطرة أواخر العام 2012. quot;لكن قرارًا استراتيجيًا صدر عن الجماعات الشيعية للدفاع عن الأسد مهما كلف الثمنquot;، كما قال سفير إحدى الدول الذي كان مقيمًا في العاصمة السورية في ذلك الوقت.

وتشير التقارير إلى تورط أعداد كبيرة من العراقيين في الحرب السورية. ويقول مسؤول عراقي رفيع المستوى على صلة بالاستخبارات: quot;لقد قدمت لهم الحكومة تغطية لأنشطتهم السياسية والأمنية، والمالكي يخاف منهم لكن ليس بيده فعل شيء، وهذا أمر معتاد، فعندما لا يستطيع المالكي التعامل مع مسألة ما، يدير ظهره لهاquot;.

أضاف: quot;حاول المالكي تشكيل خلية لمراقبة عصائب أهل الحق أواخر العام 2010، لكنهم اكتشفوا أمرها ما أثار إحراجًا كبيرًا له، ثم دفع لهم المال معتذرًا وبالتالي فقد احترامهم لهquot;.