للوهلة الأولى يبدو للقارىء أن موقفاً أردنياً رسمياً ضد الرئيس الفلسطيني أوحى لصحيفة (الرأي) نشر مقال ناري ضده، ولكن حين العودة لمحرك البحث (غوغل) فإن المقال منشور أساساً في صحيفة (يديعوت) الإسرائيلية.


على موقعها الالكتروني على شبكة الانترنت، نشرت صحيفة (الرأي) الأردنية مقالاً تحت زاوية (أحدث الأخبار)، فيه هجوم غير مسبوق على الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

والمقال الهجومي، كتبه المحلل السياسي الإسرائيلي غي بخور لصحيفة (يديعوت احرونوت)، ولكن صحيفة (الرأي) الأردنية التي تعتبر لسان حال الأردن نقلت المقال كاملاً في شكل يوحي للقارىء أنها هي صاحبته أو أنها تتبناه، خصوصاً وأنها لم تشر إلى اسم كاتبه أو مصدره.

وفي المقال الذي حمل عنوان (أبو مازن... رئيس انتهت صلاحيته) يطعن الكاتب الإسرائيلي غي بخور بشرعية الرئيس الفلسطيني على خلفية توقيعه الأسبوع الماضي وثائق الانضمام لعدة مؤسسات وهيئات دولية ردًا على التعنت الإسرائيلي أمام بعض المطالب الفلسطينية لتوفير أفضل السبل وتهيئة الأجواء المناسبة لإنجاح جهود وزير الخارجية الأميركي جون كيري لإنجاز الاتفاق ndash; الإطار لتسوية الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي.

كما يطالب المقال الأمم المتحدة برفض توقيع عباس كونه رئيساً انتهت صلاحياته، ولذلك فإن توقيعه غير قانوني.

وهنا يشار الى ان صحيفة (القدس العربي) اللندنية، كانت سبقت (الرأي) الأردنية بنشر المقال المذكور في عددها يوم الخميس الموافق 10 فبراير/ شباط، بينما الصحيفة الأردنية نشرته يوم الجمعة الموافق 11 شباط (فبراير).

نص المقال

وإلى نص مقال غي بخور في (يديعوت احرونوت) الإسرائيلية:

أبو مازنhellip; رئيس انتهت صلاحيته

بدون حملة انتخابات والحصول على شرعية متجددة، لا توجد أي صلاحية لأي صاحب منصب في السلطة الفلسطينية، وعليه فمن ناحية قانونية حكم كل وثيقة توقع هذه عليها هو أن تكون مرفوضة
مثلما في جمهورية موز نموذجية، عقد ابو مازن اجتماعًا لمجموعة غير واضحة من الاشخاص، اجلسوا حوله وكأنهم حكومة ما، وقع أمامهم على وثائق الانضمام الى مؤسسات الامم المتحدة وأجرى تصويتًا، حصل بالطبع على اقرار بالاجماع، مع تصفيق للناس حوله. quot;التلفزيون الفلسطينيquot;، بوق جمهورية الموز، بث ذلك بالطبع في بث حي ومباشر و quot;تاريخيquot;.

حتى هنا المسرحية. ولكن هل يوجد على الاطلاق مفعول قانوني لتوقيعه؟ أبو مازن، اليوم ابن 80، عيّن رئيسًا للسلطة الفلسطينية في كانون الثاني 2005، برعاية اسرائيل. وقد أنهى ولايته في كانون الثاني 2010. quot;البرلمانquot; الفلسطيني انتخب في كانون الثاني 2006، برعاية اسرائيل ايضًا، وهو الآخر أنهى ولايته في كانون الثاني 2010.

وللاشارة فقط بأن أبو مازن هو الذي حلّ البرلمان بسرعة لأن حماس فازت فيه. وهكذا تحول أبو مازن بالسرقة من quot;رئيس منظمةquot; الى quot;رئيسquot; و quot;السلطةquot; تحاول أن تتحول بالسرقة الى quot;دولةquot;. بالمناسبة، لا يشار في أي وثيقة في اوسلو الى quot;سلطة فلسطينيةquot;، وحتى هذا تم بالسرقة، على أيدي سلف ابو مازن، ياسر عرفات.

زعيم غير قانوني

بتعبير آخر، كل واحد من القرّاء هنا هو quot;رئيس فلسطينquot; بالضبط مثل ابو مازن، الذي هو اليوم انسان خاص، دون أي صلاحيات خاصة. الولايات المتحدة، التي كانت يقظة لهذه المناورة، قضت بأن تكون المفاوضات بين اسرائيل وبين م.ت.ف، وليس السلطة الفلسطينية، الجسم الذي عملياً لا يوجد على الاطلاق. ليس له زعيم قانوني، ليس له برلمان، ليست فيه أحزاب مسجلة، ليست فيه انتخابات، وليست فيه حكومة لان الحكومة كان ينبغي أن تحصل على اقرار البرلمان، ولكن كما يذكر هذا ليس موجودًا، كونه قد حل.

وحتى أنظمة الطغيان مثلما في سوريا، تحتاج كل بضع سنوات الى حملة انتخابات زائفة كي تخلق مظهراً من القانونية، اما في السلطة الفلسطينية فحتى هذا ليس ممكناً. ففي كل حملة انتخابات ستنتصر حماس. والمنظمات الجهادية ستصعد، وفتح المتحفية ستتحطم، كل واحد يفهم هذا. وعليه، فإن هذا هو شرك للعرب الذين يسكنون في شرق اسرائيل: اذا توجهوا الى الانتخابات ستصعد حماس؛ واذا لم يتوجهوا اليها فليست لهم شرعية.

عمر الشيخوخة

والان نحن ايضًا نفهم لماذا تصل هذه المجموعة اياها من العشرين شخصاً، التي تسيطر على السلطة وأموالها منذ عقدين من الزمن، الى عمر الشيخوخة الموغل إذ ليست لها أية امكانية لأن تتجدد، وهي عالقة في معضلتها. واضح أن حماس أيضاً لن تسمح بانتخابات كهذه في غزة، وكما يذكر، فإن هذه السلطة منقسمة على نفسها الى كيانين يعادي الواحد الآخر، غزة والضفة. شيخوخة الزعامة هذه هي دليل على انعدام القانونية المستمر.

يمكن للامم المتحدة أن تتجاهل انعدام الصلاحية القانونية لابو مازن، وانما عليها واجب قانوني لأن تفحص التوقيع وواجب الاعلان بأن ليس له مفعول وصلاحية. واذا لم تتطوّع الامم المتحدة لأن تفحص هذا، فعلى اسرائيل أن تذكرها بذلك، بدعوى قضائية. هذه الخدمة الفلسطينية، المستمرة منذ عقدين، يجب أن تصل الى منتهاها ومن يدعي نيل الحقوق حسب quot;القانون الدوليquot; لا يمكنه أن يتجاهله عندما لا يكون الامر مريحًا له. ماذا يشبه هذا الامر؟ أن يوقع جورج بوش الآن على مراسيم رسمية لحكومة الولايات المتحدة، او ربما جيمي كارتر، أو حسني مبارك بالنسبة للحكومة المصرية.

بدون حملة انتخابات والحصول على شرعية متجددة، لا توجد أي صلاحية لأي صاحب منصب في السلطة الفلسطينية، وعليه فمن ناحية قانونية حكم كل وثيقة توقع هذه عليها هو أن تكون مرفوضة.