يبدو أن خبر زواج لبناني من شريكه المثلي الأميركي لن يمر مرور الكرام، في بلد يجد صعوبة في تقبّل كل من هو مختلف سياسيًا واجتماعيًا وجنسيًا وعقائديًا.
ريما زهار من بيروت: ليس من السهل أن يقبل كل اللبنانيين تشريع الزواج المثلي، إذ أثار خبر زواج اللبناني جورج مسعد، المهاجر إلى أميركا منذ 3 سنوات، من شريكه الأميركي، موجة ردود معارضة، طغت على بعض الأصوات الداعية لاحترام حق الإنسان في اختيار هويته الجنسية.
مادة قانونية مبهمة
في هذا الاطار، يقول الخبير القانوني رياض دياب لـ"إيلاف" إن المادة 534 من قانون العقوبات اللبناني تنص على أن كل مجامعة على خلاف الطبيعة يعاقب عليها بالحبس حتى سنة واحدة، وهذه المادة تُستخدم لتجريم المثلية في لبنان.
يضيف: "الإبقاء على هذه المادة في نصها المبهم يعزّز التعدّيات والأفعال السلبية الموجّهة ضد المثليين، كالتمييز ضد المثليين في العمل، وصرفهم تعسفيًا، أو حرمانهم من السكن أو الخدمات الصحية والاجتماعية، وصولًا في بعض الأحيان إلى الابتزاز السياسي والمالي، كما يُبقي موضوع المثلية الجنسية ضمن المسائل الممنوعة والمحرّمة، لأن ذلك ينسجم بالطبع مع رغبة الطبقة اللبنانية بمجمل أطيافها، سياسيًا ودينيًا والتي تفضل الإبقاء على المجتمع محافظًا".
يتابع قائلًا إن المثليين في لبنان يواجهون خيارًا صعبًا، "إما مغادرة البلاد او العيش حياة مزدوجة، وبما أن القانون اللبناني يجرِّم هذا الفعل، فزواج جورج مسعد الذي تم في أميركا لا يمكن أن يسجّل رسميًا في لبنان، ولا يمكن بالتالي الحديث عن مفاعيل الميراث والأطفال التي قد تنشأ عن هكذا زواج".
المجتمع لا يتقبّل
تقول الدكتورة غيدا عمّار، الباحثة في علم النفس، لـ"إيلاف": "منذ فترة، لاحظت أن موضوع المثليين في لبنان قد تطوّر من خلال تعبيرهم الجريء عن أنفسهم أكثر من السابق، فلهم في لبنان مراكزهم الخاصة، وبدأنا نلاحظ قبول الإختلاف في لبنان منذ فترة، حيث إن المثليين أصبحوا أكثر جرأة في الإعلان عن أنفسهم، ففي السابق كان يعتبر الأمر بمثابة "تابو" ولم يكن أحد يتجرأ على الإعلان عن نفسه، ولبنان برأيها لا يشبه بذلك الدول العربية، حيث لا يزال يعتبر هذا الموضوع من المحرّمات.
وتضيف عمار: "رغم ذلك، لا يزال القانون في لبنان يعاقب المثلي جنسيًا، فيُسجن. وليس من السهل الحصول على الأعداد المتواجدة للمثليين، نساءً أو رجالًا، والمجتمع منقسم بين من يقبلهم ومن لا يزال يرفضهم، ولم يعودوا، أي المثليين، يُحاربون ويُضطهدون كما كانوا في السابق، أما في أوروبا وأميركا فالأمر مختلف إذ إن الحرية سمحت لهم بالزواج من دون أن يثير ذلك أحدًا".
تأثير نفسي
وكمحللة نفسية، تولي عمّار الأهمية للدور الكبير الذي تلعبه العائلة في هذا المجال، أما كيف تنظر إلى الغرب الذي شرّع المثلية من خلال زواج المثليين فتقول إن الأمر قد يخلق مشكلة في المستقبل لدى تبني المثليين للأطفال، لأن ذلك يؤثر&في نفسية الطفل في أن يكون لديه والدتان أو والدان، الأمر يخلق بالطبع للطفل مشاكل نفسية، وقد يشهد المثليون أيضًا على أمراض جنسية من خلال علاقتهما غير السوية.
وتعتبر أن وجود المثليين إناثًا كانوا أو ذكورًا، هو أمر لن يقبله المجتمع اللبناني بسهولة، رغم أنه أصبح أكثر تساهلًا من السابق، غير أن الكثيرين خصوصًا الأجيال القديمة ترفضه رفضًا قاطعًا.
تصالح مع الذات
تقول ليلى ديراني، اخصائية علم اجتماع، لـ"إيلاف" إن نظرة المجتمع إلى المثليين، نساء أو ذكورا، لم تتبدل كثيرًا، رغم أننا نشهد زواج بعض المثليين كما حصل أخيرًا مع اللبناني الذي تزّوج شريكه الأميركي، وتعتبر أن القانون اللبناني لم يتغير في هذا الخصوص وهو لا يزال يسجن من كان مثليًا، لكن يبقى أن هناك جمعيات تختص بهذا الموضوع وهي تعالج كل الأمور المتعلقة بهم.
تضيف ديراني: "هناك رفض في لبنان لكل ما هو مختلف اجتماعيًا ونفسيًا وسياسيًا، ففي السياسة نشهد على الصراعات وإجتماعيًا أيضًا هناك صراعات دفينة من خلال عدم قبول من هو مختلف كالمثليين وكذلك عدم قبول الجنس المختلف أي النساء وتعنيفهن هذا أيضًا يدخل ضمن عدم قبول الآخر المختلف، والمجتمع اللبناني برأيها اليوم يحتاج أن يتصالح مع ذاته لقبول هذا الآخر المختلف.
التعليقات