حذر أحد كبار الخبراء الطبيين في منظمة الامم المتحدة لشؤون اللاجئين من أن العاملين الانسانيين يجدون أنفسهم مضطرين أمام نقص التمويل إلى رفض تقديم العناية الضرورية لمرضى السرطان من اللاجئين السوريين.
بيروت: مع فرار ملايين السوريين من النزاع المستمر في بلادهم منذ ثلاث سنوات، بالاضافة إلى أعداد كبيرة من الفارين من العنف في العراق، فإن مؤسسات الرعاية الصحية في المنطقة غير قادرة على تلبية حاجات كل هؤلاء.
كلفة باهظة
قال بول شبيغل، رئيس الفريق الطبي لدى منظمة الامم المتحدة لشؤون اللاجئين: "يمكننا أن نعالج كل المصابين بالحصبة، لكن ليس كل المصابين بالسرطان". ويضطر الاطباء إلى اتخاذ قرارات صعبة حول من يحصل على علاج للسرطان من دون غيره.
واضاف شبيغل: "نحن مضطرون إلى رفض مرضى لا أمل كبير لهم لأن كلفة العناية بهم باهظة جدا، وبعد أن يفقدوا كل شيء في بلدهم، تصبح معاناة مرضى السرطان اصعب بكثير في الخارج وتنعكس في الغالب كلفة مالية ونفسية باهظة للغاية على اسرهم".
وفي دراسة جديدة نشرتها "ذي لانست" البريطانية، قام شبيغل بتوثيق حالات مئات اللاجئين في الاردن وسوريا، الذين حرموا من العناية الطبية للسرطان بسبب نقص التمويل، ودعا إلى اتخاذ خطوات عاجلة من أجل مرضى السرطان في الازمات الانسانية.
سرطان الثدي الأكثر إنتشارًا
واستعرضت الدراسة لاجئين في الاردن وسوريا بين 2009 و2012 أي شملت الفارين من الحرب في سوريا التي بدأت في العام 2011، والهاربين من نزاعات أخرى اقدم مثل العراق. ويعتبر سرطان الثدي الاكثر انتشارا ويشكل ربع الحالات تقريبا في الاردن التي تقدم إلى "لجنة العناية الاستثنائية" التابعة لمنظمة الامم المتحدة لشؤون اللاجئين التي تقرر حول تمويل علاجات باهظة.
وفي الاردن، وافقت اللجنة على 246 طلبا فقط من اصل 511 تقدم بها لاجئون مصابون بالسرطان بين 2010 و2012. وسبب الرفض الاساسي هو عدم توفر امل بالشفاء مما يحمل اللجنة على تخصيص المبالغ المحدودة المتوفرة لمرضى اخرين. الا أن اللجنة تضطر إلى رفض مرضى لديهم امل بالشفاء لان علاجهم مكلف جدًا.
واشارت الدراسة إلى حالة عراقية ام لولدين مصابة بحالة نادرة من سرطان الثدي، توقفت عن العلاج في العراق بسبب انعدام الوضع الامني، الا أن علاجها مكلف جدا في سوريا وبالتالي غير ممكن.
إختيار صعب
ويمكن أن تصل كلفة علاج السرطان إلى 21 الف دولار. وقال ادم موسى خليفة، الطبيب لدى منظمة الامم المتحدة لشؤون اللاجئين: "نحن مضطرون للاختيار الصعب بين من يحق له تلقي الرعاية، وبعض المرضى حالاتهم ليست خطيرة إلا أن كلفة علاجهم باهظة والامر يؤثر على الجميع نفسيًا".
وتجد الدول التي تستضيف لاجئين نفسها ملزمة امام التكاليف الباهظة لعلاج السرطان وغيره من الامراض المزمنة. وجاء في الدراسة أن الدول في الشرق الاوسط استضافت الملايين من اللاجئين، عراقيون في البدء ثم سوريون. وشكل تدفق هذا العدد الهائل ضغطًا كبيرًا على الانظمة الصحية في كل هذه الدول على جميع الاصعدة.
برامج جديدة
وفر قرابة ثلاثة ملايين لاجئ من سوريا غالبيتهم إلى الاردن ولبنان وتركيا والعراق بالاضافة إلى مصر، مع ما يرافق ذلك من ضغوط على الانظمة الصحية والتعليم والاسكان والعمل مما يشكل توترا متزايدا مع السكان المحليين لتلك الدول. وداخل سوريا، نزح ملايين اخرون من بيوتهم وبلداتهم. والمساعدات من المنظمات الدولية والجهات الواهبة ليست كافية.
وتابعت الدراسة أن رد الاسرة الدولية على الازمات الانسانية يستند في غالبيته إلى التجربة في مخيمات اللاجئين في افريقيا جنوب الصحراء، حيث الامراض المعدية وسوء التغذية هما مصدرا القلق الاساسي. لكن في الدول ذات الدخل المتوسط مثل سوريا، فإن نسب الامراض المزمنة مثل السرطان اكبر واكثر كلفة للعلاج للفرد الواحد.
ودعا شبيغل إلى برامج تمويل حديثة، "يمكن أن تتراوح بين صناديق يتبرع فيها الافراد او المنظمات او تامين طبي او برامج اجتماعية موجودة للسكان المحليين في البلد المضيف".
التعليقات