&يسعى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إلى استعادة دور مصر على مستوى القارة الأفريقية، ويسعى إلى تسوية أزمة سد النهضة مع أثيوبيا.


صبري عبد الحفيظ من القاهرة: جاءت عودة مصر إلى الإتحاد الأفريقي لتنهي نحو عام من عزلتها أفريقياً، مما ساهم في تفاقم أزماتها مع محيطها، لاسيما دولة أثيوبيا، التي سارعت في وتيرة العمل في إنشاء سد النهضة، رغم معارضة مصر له.
&
مرحلة جديدة
وساهمت زيارة السيسي للجزائر، وحضوره القمة الأفريقية في دولة غينيا، وعقد لقاءات مع المسؤولين الأفارقة في تدشين مرحلة جديدة من العلاقات القوية لمصر في محيطها الأفريقي.
وكانت أهم لقاءات السيسي في أفريقيا، الاجتماع الذي عقده مع رئيس الوزراء الأثيوبي، هيليماريام ديسالين، حيث قررا تشكيل لجنة عليا تحت إشرافهما المباشر، لتطوير العلاقات الثنائية والإقليمية بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية.
&
وثيقة علاقات
ووضع السيسي ورئيس الوزراء الأثيوبي، ما يمكن وصفه بـ"وثيقة للعلاقات بين البلدين"، تتضمن سبعة بنود، هي: "احترام مبادئ الحوار والتعاون كأساس لتحقيق المكاسب المشتركة وتجنب الإضرار ببعضهم البعض. أولوية إقامة مشروعات إقليمية لتنمية الموارد المالية لسد الطلب المتزايد على المياه، ومواجهة نقص المياه.&
احترام مبادئ القانون الدولي. الاستئناف الفوري لعمل اللجنة الثلاثية حول سد النهضة بهدف تنفيذ توصيات لجنة الخبراء الدولية. واحترام نتائج الدراسات المزمع إجراؤها والتزام الحكومة الإثيوبية بتجنب أي ضرر محتمل من سد النهضة على استخدامات مصر من المياه. البدء الفوري في تنفيذ هذه الوثيقة بروح من التعاون والنوايا الصادقة. وأعلن وزير الخارجية المصري، سامح شكري، ونظيره الإثيوبي تواضروس أدهانوم، بيان مشترك صادر عن السيسي وديسالين، مدشنيين &فصلا جديدا للعلاقات الثنائية. وقال شكري إن الجانبين المصري والإثيوبي "اتفقا على البدء الفوري في الإعداد لانعقاد اللجنة الثنائية المشتركة خلال ثلاثة أشهر. وأضاف أن الطرفين أكدا على محورية نهر النيل كمورد أساسي لحياة الشعب المصري ووجوده، وإدراكهما لاحتياجات الشعب الإثيوبي التنموية. ولفت إلى أن السيسي وديسيالين قررا تشكيل لجنة عليا تحت إشرافهما المباشر لتناول كل جوانب العلاقات الثنائية والإقليمية في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية.
ويتولى السيسي شخصياً ملف أزمة سد النهضة مع أثيوبيا، ووجه رئيس الوزراء إبراهيم محلب وزير الري إلى ضرورة إشراكه شخصياً بجميع التفاصيل مهما كانت صغيرة أو كبيرة في هذا الملف. وطلب السيسي عقد لقاء مع رئيس الوزراء الأثيوبي، لبحث العلاقات الثنائية، لاسيما أن أثيوبيا بدت أكثر تفهماً وانفتاحا على مصر بعد إنتخابه، خاصة أنه أظهر الكثير من النوايا الحسنة تجاه أزمة سد النهضة.
&
استعادة الدور المصري
وقال السفير محمد يوسف، مساعد وزير الخارجية الأسبق، لـ"إيلاف" إن حضور السيسي القمة الأفريقية وعودة مصر إلى الإتحاد الأفريقي، واللقاءات التي عقدها مع الرؤساء والمسؤولين الأفارقة بمثابة تدشين مرحلة جديدة من العلاقات مع أفريقيا، وإستعادة للدور المصري الرائد في القارة السمراء. وأضاف أن اللقاءات الشخصية بين الرؤساء لها تأثير عميق على العلاقات بين الدول، مشيراً إلى أن مصر غابت عن أفريقيا في التسعينيات، عندما تعرض مبارك لمحاولة اغتيال أثناء حضوره القمة الأفريقية في أديس أبابا، وأدار ظهره لأفريقيا وولّى وجهه شطر أوروبا وأميركا، ما أدى إلى تدهور العلاقات ووقوع العديد من الأزمات لمصر على المستوى الأفريقي، وفقدان نفوذها القوي، الذي أسسه محمد علي باشا، ثم جمال عبد الناصر.
وتوقع يوسف أن تساهم لقاءات السيسي الأفريقية في عودة مصر لدورها الريادي، وحل الأزمة مع أثيوبيا بطريقة ودية، بما لا يضر بمصالح البلدين.
وقال السفير جمال عبد العزيز، مساعد وزير الخارجية السابق، لـ"إيلاف" إن عودة مصر للإتحاد الأفريقي يمثّل مرحلة جديدة في العلاقات مع أفريقيا، مشيراً إلى أن اللقاءات التي عقدها السيسي مع المسؤولين الأفارقة، سوف تؤتي ثمارها خلال الأيام المقبلة، وسوف تظهر نتائجها على ملف أزمة سد النهضة. ولفت إلى أن الإهتمام بأفريقيا سوف يجلب الكثير من المصالح لمصر، على جميع الأصعدة، لاسيما الصعيد الأقتصادي. وأوضح أن دول أفريقيا غنية بالمواد الخام، وتعتبر سوقا واسعا لجميع المنتجات، مشدداً على ضرورة أن تعمل الحكومة المصرية على إقامة مشروعات لها في الدول الأفريقية، معتبراً أن الدعم الأفريقي لمصر في المحافل الدولية مهم جداً. وضرب مثالاً بموقف حدث أثناء انعقاد قمة دول عدم الأنحياز في الهند، مشيراً إلى أن بعض الدول أرادت تجميد عضوية مصر، وبينما كانت عملية التصويت تجري، فجأة جاء صوت أفريقي قوي، قائلاً: "دونت تاتش إيجيبت"، ولفت إلى أنه لولا دعم الدول الأفريقية لصدر قرار سلبي ضد مصر في هذه القمة.
&
تاريخ
وحسب وجهة نظر أبو العز الحريري، المرشح الرئاسي السابق، فإن مصر ودول أفريقيا بينهم تاريخ طويل وعميق، لا يمكن أن تمحوه السنوات. وأضاف لـ"إيلاف" أن مصر عليها مسؤوليات تاريخية تجاه دول أفريقيا بعد عودتها للإتحاد الأفريقي رسمياً، رغم أنها لم تنقطع عنه أبداً. ولفت إلى ضرورة أن تعمل مصر على دعم السوق الأفريقية المشتركة، وخلق علاقات تعاون صناعية وزراعية، لاسيما أن دول أفريقيا تمتلك مساحات شاسعة من أجود الأراضي الزراعية، إضافة إلى الأيدي العاملة، وطالب الحكومة المصرية ببناء المدارس والجامعات والمصانع في مختلف دول أفريقيا، ودعمها سياسياً في المحافل الدولية. وشدد على أهمية التواجد المصري في أفريقيا، حتى لا تتحول إلى ساحة للدول التي تريد الإضرار بمصالح مصر.
&

&