تقترب أجهزة الأمن المغربية من كشف مخطط لتنظيم (داعش) الارهابي يريد بموجبه نقل العمليات إلى المغرب. وذلك بالاستناد إلى فوج من الجهاديين المغاربة يقصد سوريا والعراق للخضوع لتدريبات عسكرية وإتقان تفخيخ السيارات وحرب العصابات.


أيمن بن التهامي من الرباط: خلقت الأحداث التي يعرفها العراق حالة تعبئة في صفوف أجهزة الأمن المغربية، بعد توصلها الى معلومات تفيد أن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) أعاد إحياء "مسار جهادي" قديم، أبطاله فوج جديد من المقاتلين المغاربة الذين يتخذون من سوريا محطة عبور في طريقهم إلى العراق.

وتشير المعلومات إلى أن هذا الفوج يقصد سوريا للخضوع لتدريبات عسكرية وإتقان تفخيخ السيارات وحرب العصابات، قبل التوجه إلى العراق للالتحاق بالجماعات المسلحة التابعة لـ "داعش".

"مسار قديم"

فطنت الأجهزة الأمنية المغربية للتغيير الذي أدخل على مخططات خلايا تجنيد المقاتلين، التي حولت سوريا إلى معسكر للتدريب على المواجهة المسلحة وصنع المتفجرات، قبل التوجه إلى العراق للالتحاق بساحات المعارك ضد الجيش.

وكان هذا "المسار" متبعاً قبل حوالي 14 سنة، قبل أن يجري "موقتًا" إغلاق معابره بعد اندلاع الثورة في سوريا، حيث كانت الجماعات المسلحة تكثف عملياتها لإسقاط نظام بشار الأسد.

وفي محاولة لقطع الطريق على المرشحين للالتحاق بساحات المعارك في العراق، قامت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، بالتنسيق مع المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (الاستخبارات الداخلية)، بتفكيك خلية إرهابية تتكون من ستة أشخاص، من بينهم معتقل سابق بمقتضى قانون الإرهاب، تنشط بمدينة فاس، ومتخصصة في تجنيد وإرسال متطوعين مغاربة للقتال ضمن صفوف الجماعات الإرهابية بسوريا والعراق.

وأكد بلاغ لوزارة الداخلية أن التحريات أكدت أن هذه الخلية قامت، بتنسيق مع قياديي التنظيمات الإرهابية التي تنشط بهذين البلدين، باستقطاب وإرسال العديد من المقاتلين إلى هذه البؤر، حيث يستفيدون من تدريبات عسكرية حول استعمال الأسلحة وتقنيات صناعة المتفجرات، في أفق تعبئة البعض منهم من أجل تنفيذ عمليات انتحارية بكل من العراق وسوريا.

فوارق جوهرية

قال منتصر حمادة، الكاتب والباحث في شؤون الحركات الإسلامية، إن "هناك فوارق جوهرية بين الجهاديين المغاربة المشاركين في المستنقع العراقي بعيد إسقاط نظام صدام حسين، أي المشاركين برفقة أبي مصعب الزرقاوي وأمثاله، وبين الجهاديين المشاركين اليوم في الساحة العراقية والسورية مع صعود نجم تنظيم الدولة الإسلامية المعروف اختصارًا بتنظيم (داعش)".

وأضاف منتصر حمادة في تصريح لـ"إيلاف": "يجب الانتباه هنا إلى أن تنظيم (داعش) يتبنى أطروحات إسلامية جهادية وتكفيرية في آن، إلى درجة أنه يُصنف في خانة (الردة) كل من لا يؤمن بمشروعه الجهادي التكفيري، ولم يقتصر الأمر على نظام بشار الأسد أو أعضاء الجيش السوري الحر (المعارض للنظام الأسدي)، وإنما امتد حتى إلى باقي الفصائل (الجهادية)، وفي مقدمتها جبهة (النصرة)، ومن باب تحصيل حاصل، تورط أعضاء (داعش) في اعتداءات دموية ضد (جهاديين) آخرين في الساحة السورية. هناك لائحة عريضة من الأشرطة والشهادات والوثائق في هذا الصدد، ولا علاقة لها باختراقات أمنية أو فبركات إعلامية أو مؤامرات غربية، أو شيء من هذه الطينة، قد تكون هذه المواقف تخدم موقف الكيان الأسدي أو إسرائيل أو تساهم في تشويه صورة الإسلام، ولكن الأمر هنا مجرد تفصيل ثانوي في المواقف الصريحة والصادمة لأعضاء (داعش)".

خطورة هذا النموذج

حملت العديد من البيانات الأخيرة للجماعات المسلحة التابعة لـ"داعش"، تلميحات برغبة بعض المقاتلين المغاربة في العودة للمغرب.

واستنفرت هذه التلميحات شرطة الحدود في مختلف المنافذ المؤدية للمملكة، خوفاً من محاولات تسلل مقاتلين إلى المملكة بهويات مزورة بهدف زعزعة استقراره.

وفي هذا الإطار، قال الكاتب والباحث في شؤون الحركات الإسلامية "هنا تكمن خطورة هذا النموذج الجديد من الجهاديين المغاربة. وتأكد ذلك بشكل جلي مع ظهور شهادات صريحة لبعض المحسوبين على هذا التنظيم، تنذر المسؤولين المغاربة بالويل والفتنة في حال العودة للمغرب. ومن هنا أيضًا، سياقات تفكيك خلايا جهادية جديدة في الساحة المغربية، ولو أن تفكيك الخلايا أمر قائم منذ صدمة اعتداءات نيويورك وواشنطن، ويتم في سياق ما يصطلح عليه بالحرب الاستباقية ضد الخلايا الإسلامية الجهادية".

متعدد الجنسيات

على صعيد آخر، يوضح الخبير المغربي "هناك ميزة أساسية تُميز أعضاء تنظيم (داعش)، الذي يضم قيادات تونسية، وبدرجة أقل مغربية، كونه أصبح أشبه بحركة إسلامية (جهادية مُتعددة الجنسيات)، ولا تهم جنسية القائد، بقدر ما يهم مشروع التنظيم: تأسيس دولة الخلافة في العراق والشام، وتتضح معالم تنوع جنسيات التنظيم في تأمل لائحة الجنسيات العربية والإسلامية والغربية (الأوروبية على الخصوص) التي أعلنت عن ولائها للتنظيم، بما يطرح تحديات أمنية جديدة على كل مجمل الدول العربية، مشرقية كانت أم مغربية".

يشار إلى أنّ تنظيم داعش الذي كان يعرف باسم الدولة الإسلامية في العراق والشام أعاد تسمية نفسه الأحد باسم "الدولة الإسلامية" وأعلنت الجماعة أن زعيمها أبو بكر البغدادي هو الخليفة الحاكم.

واجتاح مقاتلون من التنظيم مدينة الموصل العراقية الشهر الماضي وتقدموا باتجاه بغداد. وفي سوريا، سيطر مقاتلو التنظيم على مناطق في الشمال والشرق بطول الحدود مع العراق.