فيما يحذر مراقبون مما يصفونه بـ"ثورة جياع"، رفع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وحكومة إبراهيم محلب أسعار الوقود والكهرباء، ورغم تأكيدات محلب أن الأسعار لن ترتفع بمعدلات كبيرة، وأنه اتفق مع سائقي سيارات الأجرة على عدم المغالاة في رفع تعريفة الركوب، إلا أن الأسعار ارتفعت بالفعل بمعدل يتراوح ما بين 50و100%، وأضرب السائقون عن العمل، وتسود حالة من الغليان والغضب في أوساط المصريين، لاسيما الطبقات الفقيرة والمتوسطة.

صبري عبد الحفيظ من القاهرة: رسمياً، رفعت الحكومة المصرية أسعار الوقود، وسادت حالة من الغضب في الشارع. ووقعت خلافات ومشاجرات بين المواطنين وسائقي سيارات الأجرة، بعد رفع تعريفة الركوب ما يتراوح بين 50 و100%، بينما أضرب سائقون آخرون عن العمل، ومنهم سائقو السيارات العاملة في منطقة بولاق الدكرور، وقطعوا شارع التحرير في المهندسين، ومنعوا السيارات من المرور.
&
بورسعيد
فيما أضرب سائقون في مدينة بورسعيد، عن العمل، ووقعت مشاجرات في شتى المناطق بين المواطنين والسائقين، بعد رفع تعريفة الركوب، ووقعت مشاجرات مماثلة في محطات التزود بالوقود.
ورفعت الحكومة المصرية أسعار الوقود بشكل مفاجئ، بعد رفض الرئيس السيسي إعتماد الموازنة العامة للدولة، بسبب العجز الذي بلغ 340 مليار جنيه، ولجأت الحكومة إلى هذا الاجراء، لتقليل العجز. وبلغت نسبة الزيادة نحو خمسين قرشاً للتر، فبلغ سعر لتر البنزين "95" 625 قرشًا بدلًا من 585 قرشا، ولتر البنزين "92" 260 قرشا بدلا من 185 قرشا، ولتر البنزين "80" بسعر 160 قرشا بدلا من 90 قرشا. وبلغ سعر لتر السولار 180 قرشًا بدلًا من 110 قروش، وبلغ سعر متر الغاز المكعب للسيارات 110 قروش بدلا من 40 قرشا.
وحاول المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء، بطرق ودية إثناء رجال الأعمال والتجار والسائقين عن رفع الأسعار بطريقة مبالغ فيها، عبر عقد إجتماعات معهم، إلا أنها لم تؤت ثمارها، وارتفعت الأسعار بشكل مبالغ فيه. وعقد محلب بحضور وزير التموين والتجارة الداخلية، ورئيس الاتحاد العام للغرف التجارية، وعدد من رؤساء الغرف التجارية وكبار منتجي ومصنعي السلع الغذائية ورؤساء جمعيات النقل البري.
&
أسس اقتصاد
وفي تقرير لمجلس الوزراء عن اللقاء، قال محلب للمجتمعين من رجال الأعمال، إن "الدولة وهي مقبلة على عهد جديد تنشد فيه الخير والرخاء لكل أبناء الوطن، وترغب في تحقيق الإصلاح في كل الوجوه تشريعيًا واداريًا واقتصاديًا، قد قررت مواجهة الواقع بكل شفافية من أجل وضع أسس إقتصاد قوي، يرفع من تصنيف مصر الائتماني ويشجع الاستثمار بها، حيث بدأت الحكومة خطوات لتحقيق الإصلاح الإقتصادي ومعالجة التشوهات في الإقتصاد وخاصة في منظومة الدعم للمواد البترولية، بما لا يفرض على المواطنين أعباء جديدة"، مؤكدًا أن "الحكومة وإيمانًا منها بتعاون أبناء الوطن المخلصين من المنتجين ومصنعي المواد الغذائية والقطاعات الخدمية لهذا المجال، كقطاع النقل البري معها في تلك الخطوة، فقد آثرت التباحث معهم في سبل ضبط أسعار المواد الغذائية خلال الفترة المقبلة والتصدي لصور الاستغلال".
وأضاف تقرير المركز الإعلامي للحكومة عن الإجتماع: "من جانبهم، أكد الحضور – ومنهم جمعيات النقل البري- على عزمهم عدم التوجه الى رفع الأسعار، بل واقترح البعض تخفيض الأسعار خلال الفترة المقبلة، لتفويت الفرصة على بعض المتربصين بالوطن، كما اقترح البعض – كتجار الجملة للخضر والفاكهة – قيام الغرف التجارية بكل محافظة في انشاء معارض للسلع الغذائية بالتعاون مع وزارة التموين يتم خلالها طرح السلع الغذائية بأسعار مناسبة، كما طالب البعض في الوقت& ذاته معالجة بعض القرارات الإدارية المتعلقة بفرض رسوم ادارية على النقل البري للمساعدة في تخفيض أسعار النقل".
ورغم وعود جمعيات النقل لمحلب، إلا أن تعريفة ركوب سيارات الأجرة ارتفعت، ما يؤدي إلى رفع أسعار جميع السلع بما لا يقل عن 50%.
&
رفع أسعار الكهرباء
ولم تكتف الحكومة المصرية برفع أسعار الوقود بجميع أنواعه، بل رفعت أسعار الكهرباء أيضاً بدءا من فاتورة شهر تموز (يوليو) الجاري، وأعلن وزير الكهرباء محمد شاكر، أن الأسعار سوف ترتفع بمعدل 20%.
ووفقاً للائحة الأسعار الجديدة، فإن&شريحة الإستهلاك المنزلي التي تبدأ من صفر إلى 50 كيلو وات سوف ترتفع إلى 7 قروش ونصف للكيلو، بدلاً من خمسة قروش. بينما ترتفع شريحة الإستهلاك من 51 إلى 100 كيلو وات إلى 14.5 قرشا للكيلو، بدلاً من 12 قرشاً. والشريحة من 100 كيلو وات إلى 200 كيلو وات 16 قرشا. وارتفعت أسعار شريحة الاستهلاك من 201 إلى 350 كيلو وات إلى 24 قرشا للكيلو بدلاً من 16 قرشاً. وارتفعت شريحة الاستهلاك من 351 إلى 650 كيلو وات الى 34 قرشا للكيلو، بدلا من 27 قرشاً. وبلغ سعر الشريحة من 651 إلى 1000 كيلو وات 60 قرشاً، وأكثر من 1000 كيلو وات بـ74 قرشا.
رفعت الحكومة أيضاً أسعار الإستهلاك التجارية، بمعدل 30 قرشاً لكل كيلو وات في الشريحة التي تبدأ. من صفر إلى 100 كيلو وات. ورفعت السعر في الشريحة التي تبدأ من صفر إلى 250 كيلو الى44 قرشاً. ومن 251 إلى 600 كيلو تبلغ قيمة الكيلو وات فيها بـ59 قرشا. ومن 601 إلى 1000 كيلو قيمة الكيلو وات فيها بـ78 قرشا، وأكثر من 1000 كيلو يحاسب بـ83 قرشاً للكيلو وات.
ومع اندلاع المشاجرات وإضراب بعض السائقين عن العمل، حذر سياسيون مما وصفوه بـ"ثورة جياع"، وقال عمرو علي، المنسق العام لحركة شباب 6 أبريل، ل"إيلاف" إن ارتفاع اسعار المواد البترولية والكهرباء لسد العجز فى الموازنة العامة هو بمثابة قنبلة موقوتة سوف تنفجر في وجه الجميع وخاصة الحكومة، مشيراً إلى أن مثل هذه القرارات، لها تأثير بالغ الخطورة على المواطن المصري. ولفت إلى أنها سوف تؤدي إلى ارتفاع اسعار المواصلات، وجميع المواد الغذائية والبضائع، ما يمثل عبئا كبيرا على المواطن العادي، وخاصة محدود الدخل و"الذي يجد قوتة يومه بالعافية" على حد قوله.
&
تصعيد متوقع
وتوقع أن تشعل قرارات رفع أسعار الوقود والكهرباء الأوضاع في مصر، وتعجل بخروج المصريين على الحكومة مثلما حدث من قبل، منوهاً بأن الشعب المصري لديه القدرة على الخروج على النظام، ولم يعد خائفا مثل الماضي وﻻ يهمه اعتقاله ويسعى إلى أن يعيش حياة كريمة.
وقال البرلماني السابق سعد عبود، لـ"إيلاف" إن رفع أسعار الوقود والكهرباء سيتبعه ارتفاعات متوالية في أسعار جميع السلع الغذائية والمواصلات، وجميع الخدمات وكل متطلبات الحياة، بما يسحق المصريين الفقراء، متوقعا أن يؤدي ذلك إلى غضب عارم، لاسيما في أوساط الطبقات الفقيرة.
واتهم الحكومة بالتعجل فى اصدار تلك القرارات، كما إتهمها بعدم امتلاك الرؤية لوضع خطة لانقاذ الطبقة الوسطى، مشيراً إلى أن الحكومة غير منظمة أدائها.
وتوقع أن يخرج الشعب المصري في تظاهرات ضد رفع الأسعار مثلما حدث في عهد الرئيس السابق، وقال إن شهر العسل بين الشعب والرئيس السيسي سينتهي قريبًا وسيصبح الرئيس أمام واقع حقيقي عليه مواجهته.
&